الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأقصى قضيتنا.. فأين الجهاديون؟


بداية وقبل أي شيء نؤكد على رفضنا وإدانتنا لكل ما يحدث في المسجد الأقصى من انتهاك لقدسيته وعروبته.. وندين الاعتداءات الغاشمة من الكيان الصهيوني المحتل لكل المقدسات في فلسطين المحتلة.. حتى لا يتهمنا أحد أننا ضد نصرة الأقصى أو أننا نتخلى عن القضية الفلسطينية.

والحق أن البعض يستغل أي أزمة أو قضية تثار على الساحة ليوجه سهامه لمصر ناقدا وناقما ورافضا بل ومعاديا لكل توجه للدولة حتى ولو كان على هواه.. ولكنها الفتنة التي يسعى كثيرون لإشعالها في مصر بين المصريين بعضهم البعض وبينهم وبين الأشقاء العرب.

ففي كل مرة تقع الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى وما أكثرها تجد الهجوم الشديد على مصر وعلى الجيش المصري الذي باع القضية وعلى النظام المصري الذي يتحالف مع اليهود ضد الأقصى.. وبالطبع كل هذه الاتهامات لا تخلو من غرض خبيث من عناصر لا تتمنى لمصر الخير وإن كانوا للأسف مصريين اسما وشكلا ولكن هم العدو فلنحذرهم!

وهذه المرة تختلف بالطبع عن المرات السابقة فتأتي في خضم أحداث عربية وعالمية ومؤامرات كبرى تحاك ضد مصر وموقف صارم تتخذه الدولة المصرية ضد دويلة عميلة تسمى قطر تسعى لإسقاط النظام والجيش في مصر تنفيذا لأجندات وتوجيهات أجنبية وصهونية.

وبالطبع هناك علاقة وثيقة بين ما يحدث في قطر ومحاولات الحصار التي كادت أن تنتهي إلى لا شيء بعد الدعم الامريكي والغربي لقطر وبالطبع الدعم الصهيوني لابد أن يكون على نفس الخط.. فيتم إشعال الأزمة وتحدث الاشتباكات ويسقط الشهداء من الفلسطينيين ليخرج النشطاء ويصرخون لماذا تسكت مصر ولماذا يصمت الجيش المصري.. ولماذا نترك غزة وأهلها في مواجهة الصهاينة دون مساعدة ودون دعم.

وفي كل مرة لا توجه الاتهامات إلا لمصر والقياة السياسية لأنها من وجهة نظرهم تتقاعس عن نصرة فلسطين المحتلة وعن دعم الأقصى المستباح وتتنكر لدورها التاريخي في حماية الأطفال في غزة في الوقت الذي يتم فيه تجاهل كل القوى السياسية العربية والدولية التي تعيش في غيبوبة بلا نهاية أو على الأصح غيبوبة متعمدة من أنظمة عربية تتعمد تجاهل القضية الفلسطينية وتعمد تجاهل أي اعتداءات على المسجد الأقصى بل وتتجاهل عمدا سقوط القتلى من الأطفال والنساء والشيوخ في الأرض المحتلة.

يتعمدون توجيه الاتهامات لمصر فقط ويتركون كل القوى العربية –إن كان هناك قوى عربية– سعيا لتقزيم دور مصر التاريخي ولإبعادها عن مكانها ومكانتها الطبيعية في المنطقة العربية.

والسؤال الآن.. ماذا قدم الآخرون للقضية الفلسطينية؟ ماذا قدم العرب جميعا للفلسطينيين؟ ماذا فعلوا لوقف نزيف الدماء على الأراضي الفلسطينية؟ ماذل قدموا طوال ستين عاما أو يزيد هي عمر القضية الفلسطينية من بداية الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين؟ لا شيء.. باختصار شديد لا شيء بالمرة وكل ما يحدث هو مجرد فرقعات وحنجوريات حتى تحول العرب جميعا إلى ظاهرة صوتية لا تقدم أكثر من الصراخ والعويل.

أما مصر التي يتهمون رئيسها ببيع القضية.. ويتهمون جيشها بالتقاعس عن نصرة الأقصى.. ويتهمون شعبها بعدم الاهتمام بضحايا الصهيونية.. فهم جميعا من قدموا كل شيء للقضية الفلسطينية منذ عام 1948.

مصر هي التي حاربت أربعة حروب دامية في 48 و56 و67 و73.. بالإضافة إلى حرب الاستنزاف التي سبقت حرب أكتوبر.. مصر هي الدولة الوحيدة التي حاربت إسرائيل وقدمت مائة ألف شهيد أو يزيد من خيرة أبنائها.. ومثلهم من المصابين والجرحى.. مصر التي تم احتلال أرضها في سيناء واستردتها في حرب اكتور المجيدة ثم استردت بقية سيناء بالمفاوضات بعدها.. مصر التي تحارب الآن بدلا من كل الدول العربية لتحافظ على الهوية العربية التي يسعى البعض لإسقاطها.. مصر التي تحارب حرب وجود ضد الإرهاب ولا تجد العون من أحد!

مصر التي مازالت تعاني من آثار هذه الحروب حتى الآن بعد أن تضرر اقتصادها في حروب متتالية دفعنا فيها الغالي والثمين حتى تحولنا لدولة مدينة للغير وتعاني من أزمات اقتصادية طاحنة تأتي على الأخضر واليابس.

هذا إلى جانب تحركاتها الدبلوماسية على مدار عقود طويلة لصالح القضية الفلسطينية.. كل هذا قدمته مصر التي لم تبخل بمال ولا بسلاح ولا بأبنائها ودمائهم الزكية الطاهرة في الوقت الذي كان غيرها من الدول يمارس الحرب الكلامية ويجمع في الثروات حتى أصبحوا هم دول البترودولار وأصبحنا نحن الدولة المدينة التي تحارب باسم غيرها ليهاجمها في النهاية ويتهمها بالتقاعس عن نصرة الأقصى وبيع القضية!

أي قضية تلك التي باعتها مصر.. إنها الحقائق المقلوبة التي تروجها الجزيرة وأنصارها من جماعات مغلقة العقول والقلوب ومن نشطاء باعوا أنفسهم لمن يدفع الثمن الأعلى.. أي قضية تلك التي باعتها مصر وهي الدولة الوحيدة التي حاربت وخسرت وتضررت من مواقفها الثابتة على مدار ستين عاما.. أي قضية تلك التي يتحدثون عنها.

كان من الأولى أن توجهوا كلامكم لحماس وأنصار بيت المقدس وداعش الذين يقتلون الأبرياء من المسلمين والمسيحيين في كل مكان ما عدا إسرائيل.. ويبدو أن المفتي الأكبر عندهم لم يعرف بعد أن الجهاد يكون ضد المحتل وضد القاتل والمغتصب.. ضد قاتل الأطفال ومغتصب النساء.. ضد من ينتهك المقدسات الإسلامية.. أما هم فجهادهم ضد المسلمين والمسيحيين على السواء في مصر وليبيا وسوريا وتونس والعراق.. وباقي الدول العربية ما عدا قطر طبعا لأنها رأس الفتنة.

قطر التي تصدر الفتنة والإرهاب والقتل والدماء لمصر برعاية أمريكية إسرائيلية.. قطر تم حصارها مؤخرا لأنها تدعم الإرهاب.. فكانت المفاجأة أن يأتي وزير الخارجية الأمريكي في قطر نفسها ويعلن من هناك أن قطر مواقفها كلها مقبولة.. ثم تخرج بعدها التقارير المغرضة من واشنطن لتؤكد أن السعودية والإمارات تدعمان الإرهاب.

وحتى يخف الضغط عن قطر فلا حيلة إلا بصرف النظر عنها بطرق شيطانية فتقوم إسرائيل بتمثيلية مكررة ومحفوظة بالاعتداءات على الأقصى ليتم توجيه الاتهامات لمصر القوة الأكبر بالمنطقة والتي تتزعم الدعوة لكشف الدور القذر لقطر في دعم الإرهاب.
 
اللعبة مكشوفة وللأسف الشديد يشارك فيها عناصر عربية ومصرية ودولية.. فالاتهامات لمصر بأنها تتنكر للفلسطينيين ولا تقوم بدورها في الدفاع عن الأقصى وبيع القضية أصبحت مسخا مكررا وغير مقبول .. وعلى كل من يوجه اتهاما لمصر أن يسأل حماس وداعش وأنصار بيت المقدس لماذا لم نر أحدكم يفجر نفسه في تل أبيب .. ولماذا لم يتم توجيه صاروخ واحد من حماس تجاه إسرائيل .. ولماذا لم تحدث عملية تفجير واحدة في أي مكان على الأرض المحتلة .. يبدو أن الجهاد غير مباح إلا في مصر فقط ولكن ضد إسرائيل لا وألف لا .

هذه باختصار هي الحقيقة المرة وهذا هو الواقع المؤلم الذي نعيشه وهذه حقيقتكم بكل وضوح .. فهمتم ولا نقول كمان
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط