الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في الكُشك آه على القهوة لا


مِصْر هي أرض الحضارات والسِجالات.. فلدينا يوميًا مِن القضايا ما نستطيع أن نتخَالف عليه حتى نَختلف !! وموضوع الساعة في مِصْر هو أكشاك الفتوى ... وبالرغم من أنه كُشك واحد " يتيم " داخل محطة مترو أنفاق الشهداء بإشراف الأزهر الشريف وبالاتفاق مع وزارة النقل وإدارة المترو إلا أنه تم التعامل معه كما لو أنه سفينة فضائية هبطت علي رصيف المحطة!! وهنا لسنا بصدد تأييد أو معارضة الفكرة فالأيام القليلة القادمة هي من ستبرهِن علي مدى نجاح الفكرة .

فمنذ شهور قليلة ظهرت مبادرة مشابهة من الأزهر وهي " وعاظ المقهى" وفيها كانت لجنة من الوعّاظ تقوم بزيارة المقاهي والإجابة علي تساؤلات الناس المختلفة، والغريب في الأمر هو استقبال تلك المبادرة بالترحيب بل والتأكيد إنها خُطوة صحيحة مِن الأزهر لتجديد الخطاب الديني!! وفِي سطور كتلك السطور سبق أن سجلت إعجابي بتلك المبادرة و أيضًا ذَكَرت مخاوفي، وكان علي رأسِها أن تندس عناصر تتدّعِي انتمائه لمؤسسة الأزهر وتقوم ببث ما تريده من فِكْر مغلوط بين رواد تلك المقاهي بالإضافة إلى رصد حياة الناس ومعرفة أحوالهم وما يترتب عليه من استغلال عَوزهم ومشاكلهم في التأثير عليهم واستخدامهم في ما نراه مِن أعمال إرهابية باسم الدين، خاصة في المناطق العشوائية والأماكن البعيدة.

وفِي رأيي أن تجربة " كُشك الفتوى " هو تصحيح للقصور في تجربة " وعّاظ المقهي " وذلك لعدة أسباب مِنْهَا أن محطة المترو مراقبة بالكاميرات فمن المستحيل أن نجد بداخل الكشك إلا ممثِل حقيقي لمؤسسة الأزهر ..أيضًا أن يذهب المرء طواعية بحثًا عن المعرفة هي خطوة تَعْكِس إرادة حقيقية للتغيير ،كما أن عدم معرفة أي من بيانات طالب الفتوي اللتي قد تستخدم في أغراض أخرى إذا افترضنا "بسوء نية" وجود بعض العناصر الدسيسة في تلك اللجان ( ونحسبهم كلهم مِن الأخيار ) فلا توجد معلومة عنه إلا إنه مرتاد لمحطة مترو الشهداء.

وإذ كان ما يشغل الرأي العام لماذا اختيار المترو بشكل عام ومحطة الشهداء بِشكل خاص؟ فالإجابة أن تلك المبادرة جاءت في إطار النشاط الثقافي الذي تتبناه إدارة المترو داخل محطاتها مثل مبادرات إذاعات الراديو المختلفة اللتي تعمل داخل المحطات سواء مصرية كمحطات الإف إم أو عالمية كراديو الهند، واختيار محطة الشهداء يتمثل في كثافتها الجماهيرية حيث تستقبل يوميًا حوالي نِصْف مليون راكب. رجل الدين في حياة المصريين منذ قديم الأزل له مكانة خاصة وجُدران معابِد أجدادنا تشهد بذلك، فوجود رجل الدين وسط الناس هو أشبه " بسَرينة الشرطة " تنبهك وتذكرك وتجدد نيتَك وتوقِظ " أحيانًا" ضميرك.

ولذلك الفتوى أو النصيحة المقدمة وجهًا لوجه وبها تفاعل حقيقي بين الطرفين قد يكون لها تأثير حقيقي في التغيير للأفضل عن ما يُقدم في الفتاوى عن طريق الهاتف ومواقع التواصل المختلفة ،، وبقِي أن نُلقي الضوء علي ما أثير مِن أن لا يخلو شارع مِن شوارع مِصْر من جامع وبه شيخ علي استعداد لتقديم الفتوى فما الداعي لفكرة كُشك الفتوى ؟ يجب أن لا نغفل شعور البعض بالإحراج من مشاركة مشكلته مَعَ المقربين مِن عالمُه فهو يريد أن يُلقي بما علي كاهلُه و كأن شيءًا ما كان، فكما قال أجدادنا " الشيخ البعيد سرَّه باتِع " فربما كان ذلك للراحة الذي يشعر بها الغريب مع البعيد .

وفِي كل الأحوال هي كلها محاولات حميدة مِن مؤسسة الأزهر لتجديد الخِطَاب الديني وخاصة أنه لا يوجد ما يمنع وجود كُشك مماثل للكنيسة وَلَكِن نجاح وفشل تِلْك المحاولات يعتمد علي فِكْر من يقدم النصيحة ويجيب علي التساؤل فهل أعدّ الأزهر عُدّته لذلك؟؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط