الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مؤتمر الشباب وبراءة عمرو بن العاص


لم يكن وقوع اختيار الرئيس عبد الفتاح السيسي ، على مكتبة الإسكندرية لاحتضان المؤتمر الوطني الرابع للشباب وليد الصدفة ، لكنه اختيار مدروس بعناية يحمل رسالة للعالم الخارجي عن انفتاح الشباب المصري على الثقافات العالمية ، في وقت يتهم فيه البعض في الغرب الفتح الإسلامي بإحراق مكتبة الإسكندرية القديمة التي كان قد بنيت في العصر الروماني .

ومن جانبهم حرص شباب مصر على اختيار مكتبة الإسكندرية للإعلان عن تنظيم منتدى شباب العالم 2017 في مدينة شرم الشيخ ، ليرسلوا بذلك رسالة عن انفتاح الشباب المصري على جميع ثقافات العالم في وقت يستغل فيه البعض الإرهاب الدولي الذي يضرب أمن العالم بأسره ، لإلقاء مسئوليته على الإسلام بزعم أن الإسلام دين تشدد وانغلاق يرفض الآخر وحضارات الآخرين . واستند هؤلاء فيما يوجهونه من سهام للإسلام ، على ما روج له كذبا أعداء الإسلام ، بشأن قيام عمرو بن العاص بحرق مكتبة الإسكندرية القديمة ، تنفيذا لفتوى من الخليفة عمر بن الخطاب في أعقاب الفتح الإسلامي لمصر .

وقد أعلن اليوم مجموعة من شباب مصر ، في كلمة أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي ، في افتتاح المؤتمر الوطني الرابع للشباب بالقاعة الرئيسية بمكتبة الإسكندرية ، أن "منتدى الشباب العالمي مصر 2017 " يستهدف هدم الحواجز وفتح حوارات مع كل شباب العالم لنستمع إليهم ويستمعوا لنا . وأضافت شابة مصرية أن هذا المنتدى العالمي للشباب سيكون فرصة لنشر السلام والقضاء على الفقر و الجهل و العنف والتطرف فضلا عن مساهمته في فتح حوار بين الأديان والثقافات المختلفة .

كما أكد شاب آخر، أن منتدى الشباب العالمي بمدينة السلام ، شرم الشيخ ، سيسعى للوصول لحلول مشتركة مع شباب العالم للمشاكل الملحة التي تواجه عالمنا ، مؤكدا أن هذا المؤتمر يرحب بمشاركة أي شاب من شباب العالم من خلال تسجيل اسمه على الموقع الإلكتروني للمنتدى الذي سيطلق في مرحلة أولى باللغتين العربية والإنجليزية ثم بالفرنسية و لغات أخرى في مرحلة لاحقة.

وقد كشف الشباب المصري عن أن هذا المنتدى الشبابي الدولي سوف يجري بحضور شخصيات عالمية من رؤساء دول و حكومات و رجال فكر و إعلاميين و فنانين و رياضيين على أعلى مستوى .

ولكي نعرف أهمية اختيار مكتبة الإسكندرية الجديدة التي اتخذها شباب مصر منصة للإعلان عن تنظيم المنتدى العالمي للشباب ليكون منتدى للحوار بين الأديان و الثقافات ، ينبغى أولا التعرف على تاريخ مكتبة الإسكندرية القديمة قبل أن يتم إعادة بنائها في عام 2002 على كورنيش الاسكندرية في نفس المكان تقريبا الذي شهد مولد المكتبة القديمة قبل نحو 300 عام قبل الميلاد .

وكان بعض المستشرقين اتهموا القائد عمرو بن العاص عندما فتح مصر سنة 639 ميلادية بإحراق مكتبة الإسكندرية القديمة بمقتضى فتوى من الخليفة عمر بن الخطاب . وقد حرص أعداء الإسلام على الترويج بقوة لهذه الأكذوبة التاريخية عندما بدأ من يرتدون عباءة الإسلام ممارسة الإرهاب باسم الدين بغرض تشويه صورة الإسلام وإظهار كل المسلمين على أنهم متطرفون و متشددون و منغلقون و يرفضون ثقافة الآخر . 

وترجع أهمية مكتبة الإسكندرية القديمة إلى أنها كانت تضم ما يقرب من 700 ألف مجلد عن الحضارتين الفرعونية و الإغريقية . و يروج أعداء الإسلام إلى أن سبب فتوى عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص بإحراق كل مجلدات و كتب المكتبة ترجع لكونها تحتوي على أفكار لكتاب كفار.

لكن لو رجعنا للحقائق التاريخية سنجد أنها سجلت أن مكتبة الإسكندرية القديمة أحرقت خلال الحكم الروماني لمصر في سنة 48 قبل الميلاد وهو تاريخ سابق للفتح الإسلامي لمصر بنحو 700 عام . و ترجع وقائع إشتعال النيران في مبنى و كتب و مجلدات المكتبة إلى النزاع الذي كان إندلع على حكم مصر بين كليوباترا و شقيقها بطلميوس الثالث عشر . وعندما انحاز أسطول الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر لكليوباترا ضد أسطول بطلميوس الثالث عشر، اندلعت معركة حربية ، فأشعل يوليوس قيصر النيران في 101 سفينة فامتدت النيران إلى مكتبة الاسكندرية القديمة من الأساطيل المشتعلة الراسية على الشواطئ أمام المكتبة لتأتي على ما بها من مجلدات وكتب عظيمة ، تضم عصارة فكر الحضارتين المصرية القديمة واليونانية القديمة .

وفي النهاية نؤكد أن دعوة شباب مصر، أحفاد ثقافة عمرو بن العاص وعمر بن الخطاب ، لتنظيم المنتدى العالمي للشباب في شرم الشيخ مدينة السلام في نوفمبر 2017 ، يثبت أن المصريين قوم منفتحون بريئون من إحراق مكتبة الإسكندرية القديمة ، بل هم من أعادوا بناءها في 2002 لتستعيد دورها كمنارة للعلم و الثقافة والحوار بين شعوب العالم وفقا لتعاليم الاسلام دين التسامح والوسطية والرحمة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط