ولكم في "مريم" آية

مشهد رائع يوحي بالتفاؤل والأمل، ذلك الذي ظهرت فيه الطالبة "مريم فتح الباب" ابنة حارس العقار، والأولى في امتحانات الثانوية العامة، وهي بجوار الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر الشباب بمحافظة الإسكندرية، مشهد أخرس ألسنة المغرضين الذين دائما يدعون إلى التمييز الطبقي بين أطياف المجتمع، يحاولون بذلك تمزيق نسيجه الواحد، ويشككون دائما في مساندة الرئيس لأصحاب الطبقة البسيطة ودعمه الكامل لها .

جلوس "مريم" التاريخي والمبهر بجوار الرئيس أعطى للجميع رسالة مهمة وقوية، مفادها أنه لا مكان للمتاجرة بالطائفية والعنصرية، ولا محاولات الاستقطاب بين أطياف الأمة، كما انه لا فرق بين أبناء الفقراء وأبناء الأثرياء في مصر إلا بالتفوق والعمل والنجاح والجهد، فكم من عالم جليل تربى وعاش بين أسرة فقيرة كادحة كانت ظروفها المعيشية ربما أصعب من ظروف أسرة "مريم" ..

رسالة "مريم" أكدت للعالم كله أن مصر تقدر وتميز الناجح، وانه يستحق أن يكون على رأس المناصب الرفيعة في الدولة حتى وإن كان من المنتمين لطبقة البسطاء، كما أنه لا مكان للفاشل وغير المجتهد وإن كان من أصحاب النفوذ أو من علية القوم، فعصر الوساطة والمحسوبية رحل دون عودة، "مريم" أيضا أحبطت بهذه المشاركة حملات التهكم التي يشنها المتعالون على أصحاب المهن البسيطة، ممن يحملون أبناءهم مسئولية تلك الظروف المعيشية الصعبة التي اضطرت آباءهم للعمل في مثل هذه المهن.

الإعلاميون والصحفيون غير المهنيين الذين تناولوا أخبار الطالبة "مريم" بعبارة "بنت البواب" تعلموا من هذه المشاركة أيضا درسا في معنى المهنية، وكيفية التحلي بالدقة في اختيار المصطلحات والعناوين التي يمكنها أن تضر بشعور الآخرين، وتضعهم في موضع تهكم أو تجريح، فهؤلاء هم الإعلاميون والصحفيون أنفسهم الذين انتفضوا غضبا من قبل من تصريح وزير سابق في إحدى وسائل الإعلام، عندما أدلى بعبارة "ابن الزبال لا يصلح أن يكون قاضيا"، فلا تكونوا متناقضين.

مشاركة "مريم" بمؤتمر الشباب أعطتنا شعاع نور حول مستقبل النماذج الناجحة، وجعلتنا نشعر أن مصر سترد اعتبار مثل هذه النماذج من المخترعين وحملة الماجستير والمتقدمين للكليات العسكرية والسلك القضائي الذين حرموا من حقوقهم خلال الفترات الماضية، فمصر وطن يسع الجميع ولا يمكن على الإطلاق أن يسيطر على أركانه ومفاصله فئة واحدة في المجتمع مهما بلغ نفوذها.