الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لقطات كاشفة: وساطة ومؤتمر - دبابة وبوابة


كنت على يقين من فشل مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي لم أؤمن لحظة أنها محاولات حقيقية لرأب الصدع الخليجي، ولا هي وساطة حقيقية بين قطر من ناحية ودول الخليج ومصر من ناحية، فمن هذا الساذج الذي يمكن أن يقتنع أن أحد أهم أسباب الأزمة ، بل أهمها على الإطلاق يسعى أو يَصْلُح لحلها.

لا يخفى على المدقق معرفة - يقينا - أن الدور الذي تلعبه قطر، هو مرسوم لها، وليست هي راسمته، وليست هي، كما يحلو للبعض أن يصدّر، تلك التي تسير وفق رؤى وخطط نابعة من رؤيتها وإلا لكانت تلك الخطط وهاتيك الرؤى في محيطها الخليجي تسعى، وجوارها العربي تدور.

وبالنسبة لنا فإن تركيا هي الأخرى، رغم مكانتها الإقليمية وتاريخها الذي يسندها، لم تكن فاعلة بعيدا عن دور آخر لها مرسوم، يتسق مع ما رُسِمَ لقطر، فمهما خرج علينا من محللين يحاولون تصوير الأمر وكأن لتركيا مشروع إقليمي، لا ننكر نظريا وجوده، تسعى من خلاله للتوسع نفوذا وواقعيا، فإنه يظل لدينا إيمان راسخ بأن كل ذلك يأتي في إطار مخطط أبعد من قدرات تركيا، التي انكشفت حينما وقف لها المارد المصري وتعرت تماما، بعد أن أفسدت مصر المخطط، ذلك المخطط الذي يضع تركيا أداة هي الأخرى، وإن كنت أراها أكثر تأثيرا من الأداة القطرية بحكم القوة والرؤية والتاريخ.

فَشَلُ أردوغان في رحلته الخليجية هو صفعة قوية له شخصيا ولدولته تركيا، ففي هذه الرحلة بدا السلطان العثماني وقد تخلى عن مظهر "الديك الشركسي" حيث ظهر باهتا في تلك الصور التي سمحت بخروجها للإعلام الجهات السيادية في المملكة العربية السعودية، التي حرصت على بروتوكول الدول الكبيرة، ولم تسمح بتسريب يعكس حقيقة زيارة فاشلة لرئيس اختار لها الفشل قبل أن يبدأها، بتلك التصريحات العنترية التي اعتدنا عليها منه، كما اعتدنا على تراجعه عنها، فما يلبث في كل مرة يعود فيها عن عنترياته أن يعتمد على ذاكرة السمك التي يتمتع بها أنصاره.

لقد أكدت ما نذهب إليه من فشل ذريع لهذه الزيارة وصاحبها قناة الجزيرة في نسختها الإنجليزية حينما توقفت عند لغة الإشارة في تلك الثواني التي عرضتها وسائل الإعلام للقاء أردوغان بالملك سلمان بن عبد العزيز والذي بدا فيها الأخير متململا والآخر متوترا.

لقد كانت ضربة قاصمة ورسالة حادة وواضحة تلك التي بعثتها الدول الأربع المقاطعة لقطر والمكافحة للإرهاب، حينما أخرجوا في نفس الليلة التي شهدت عودة أردوغان لأنقرة بيانا يضيف كيانات ومؤسسات وشخصيات جديدة لقائمة الإرهاب، تلك التي أعلنوا أنها مدعومة من قطر، وكأن بهذا البيان، بعد سويعات قليلة من تولي الأمير محمد بن سلمان تولي قيادة المملكة نيابة عن الملك سلمان بن عبد العزيز والذي يغادر البلاد في إجازة، كأن بهذا البيان رسالة وقد قذفت بوجه الرئيس التركي الذي غادر المنطقة هو الآخر قبيل سويعات، مفادها أن ما تحاوله من إنقاذ ماء الوجه لن يجدي نفعا.

على الجانب الآخر، في مصر الدولة التي ترسم خطواتها بدقة، وتصنع سياستها بروية وحكمة، كان الرئيس السيسي يجتمع بشباب مصر في حدث اعتاد المصريون عليه، يلتقي فيه الرئيس بالشباب مستمعا لأفكارهم، مجيبا على أسئلتهم، مصطحبا معه المسؤولين الذين بجعبتهم تفاصيل ما يعن لهؤلاء الشباب من أسئلة وما يصبون إليه من طموحات.

إن المشهد الذي شد كل الانظار في هذا المؤتمر الشبابي هو توسط الرئيس للطالبة مريم والرياضي ياسين، ذلك المشهد الذي أكد متابعة الرئيس عبد الفتاح السيسي لكل ما يدور في مصر، وأن كل من يبذل مجهودا ويحقق نجاحا ستكون له المكانة اللائقة به، وليس أكثر من أن تجده بجوار رئيس الجمهورية يجلس.

وفي مشهد آخر ليلا تعرض محطات التلفزيون العالمية عملا فذا لأحد أبطال قواتنا المسلحة، خير أجناد الأرض، يقود دبابة ويدهس عربة محملة بأطنان المتفجرات ليفجرها بعيدا وينقذ أرواح عشرات من زملائه، في لقطة ستظل حديث العالم، في مشهد يظهر فدائية وشجاعة من يهاب الموت منهم، فيهابهم العالم أجمع.

في تلك اللحظة التي عرض فيها ما قام به الجندي المصري، كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تزيل البوابات التفتيشية التي أقامتها لتفتيش المصلين الداخلين للمسجد الأقصى، وذلك بعد ضغط من داخل رام الله من خلال غضب عارم لأبناء فلسطين الحبيبة، وضغط عربي شاركت فيه كل من مصر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية لتمتثل إسرائيل وتخضع للإرادة القوية التي أظهرها أبناء فلسطين، ذلك الذي يعكس ما يمكن أن نحققه في أهم قضية عربية وإسلامية وهي القضية الفلسطينية حال حسنت النوايا واتحد الجميع: شعوبا وحكومات على قلب رجل واحد.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط