الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قطر والإرهاب


منذ بداية الأزمة التي تسببت فيها القيادة القطرية بممارساتها العبثية وسلوكها السياسي الطائش في منطقتنا، وقطر تطالب على لسان مسؤوليها بضرورة تسوية الأزمة من خلال الحوار والمفاوضات، وعندما طالبتها الدول المقاطعة بالجلوس على طاولة التفاوض، وأن الكرة الآن في ملعبها لجأت قطر إلى مزيد من المراوغة والتهرب من استحقاقات التفاوض!

من المعلوم أن لكل عملية تفاوضية أسس ومعايير وقواعد لضمان نجاحها وفاعليتها وتفادي هدر الوقت، ومنها تحديد المواقف بدقة ووضع أجندة محددة لإدارة النقاشات حولها، وإلا فإن الوفود ستجلس لاجترار الأحاديث من دون فائدة ترجى، وقد قدمت الدول المقاطعة مبادىء ستة للتفاوض حولها، تم الاتفاق عليها في اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع الكبرى في القاهرة يوم 5 يوليو 2017، وهي مبادىء ليست موضع خلاف بين "الدول المسؤولة"، فالالتزام بمكافحة التطرف والارهاب بكافة صورهما ومنع تمويلهما او توفير ملاذات آمنة للارهابيين مسألة محسومة بين معظم الدول المسؤولة، مثلما هو الحال أيضًا بالنسبة لبقية المبادىء ومنها ايقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية والعنف، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو دعم الكيانات الخارجة عن القانون، والتأكيد على مسؤولية كافة دول المجتمع الدولي في مواجهة أشكال الارهاب والتطرف كافة بوصفها تمثل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.

وبالاضافة لما سبق من مبادىء مستقرة في الضمير العالمي، فإن هناك مبدأين يخصان العلاقات مع قطر تحديدًا، وهما الالتزام الكامل باتفق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية لعام 2014، والالتزام بكافة مخرجات القمة العربية الاسلامية الأمريكية التي عقدت في الرياض في مايو2017.

لا يوجد مانع واقعي واضح من مماطلة قطر في قبول التفاوض حول هذه المبادىء الواضحة سوى أنه لا جدية لدى القيادة القطرية في تحسين علاقاتها ومعالجة خلافاتها مع الدول المقاطعة، فهناك إصرار قطري واضح على مواصلة الاضرار بأمن هذه الدول واستقرارها، والارتماء في أحضان ملالي إيران والسلطان أردوغان، مع ما يعنيه ذلك كله من نسف لكل الحسابات والاعتبارات الجيواستراتيجية التي تجعل علاقات قطر مع حاضنتها الطبيعية ممثلة في دول مجلس التعاون مسألة ذات أولوية قصوى!

التضحية بمصالح الدول والشعوب ليست طارئة على السلوك السياسي القطري، فمصالح الشعب القطري خارج حسابات قيادته منذ تسعينيات القرن العشرين، وتحديدًا منذ بداية مشروع الأمير السابق حمد بن جاسم، وتدشين مشروعه القائم على لعب دور "الوكيل" في الإضرار بمصالح الدول والشعوب الخليجية والعربية ومساعدة القوى الاقليمية والدولية في التهام بعض الدول العربية وتفتيت بعضها الآخر والقضاء على الأمن والاستقرار في ما تبقى من هذه الدول.

الإشكالية الحقيقية أن القيادة القطرية تتلقى كل خطوة من الدول المقاطعة بطريقة سلبية خاطئة، وتستمع إلى نصائح مستشاريها من الإخوان الارهابيين ومجموعة المفكك عزمي بشارة، التي لا تريد للشعب القطري الخير، ولا تنظر سوى إلى مصالحها واستمرار سيل الأموال القطرية وتدفقها إلى مصارف أوروبا في حسابات هؤلاء المارقين، الذين يقومون بتفسير كل محاولة من الدول المقاطعة لتخفيف المعاناة عن الشعب القطري والبحث عن سبل للخروج من هذه الأزمة، باعتبارها تراجعًا وخطوة انسحابية من الدول المقاطعة!!

لا أدرى كيف يمكن أن تفهم أو تصدق القيادة القطرية أن الدول المقاطعة يمكن أن تخضع لقطر! وماهي المقومات والعوامل والامكانيات والقدرات التي تمتلكها قطر كي تجبر هذه الدول، بكل ما تمتكله من قدرات استراتيجية واقتصادية وسياسية وعسكرية، على التراجع أمام قطر!

واقعيًا وبكل الحسابات والمؤشرات، فإن ترك قطر على حالها سيقود إلى دمار اقتصادها وربما انهياره في غضون فترة زمنية قد تطول أو تقصر، بحسب تحمل الشعب والاقتصاد القطري للمعاناة والصعوبات الناجمة عن المقاطعة، ومع ذلك لا يجد مستشارو أمير قطر حياء في اقناعه بأن قطر في موقف جيد وأن عليها الثبات وأن الدول المقاطعة تتراجع في مواقفها تدريجيًا!

وحتى لو افترضنا أن المصالح الذاتية تقف وراء هذه النصائح المدمرة التي تقدم للقيادة القطرية فكيف يمكن أن تقنتع هذه القيادة بما يقدم لها من تقديرات تتنافى في أبسط معطياتها وقواعدها مع حسابات العقل والمنطق!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط