الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قانون جديد للأسرة والطفل


يحتاج نواب البرلمان إلى مراجعة إحصائيات رسمية تخص معدلات الطلاق، ومتابعة أزمات قضايا الأحوال الشخصية والأسرة والطفل، قبل صياغة أية مقترحات بمشروعات قوانين تثير جدلًا داخل المجتمع أو تحت القبة.

أقول رأيي هذا بعد أن تألمت لتزايد حالات العنف الاجتماعي تجاه الأطفال والآباء وعبرت عنها صفحات التواصل الاجتماعي مثل "عايز أسلم على بنتى.." و "تمرد ضد قانون الرؤية.." وغيرهما، وحملت روايات ومشاهد مأساوية دالة على كارثة استحالة تحقيق الرؤية أهدافها لمصلحة الأطفال بالطريقة التى يقرها القانون الحالي.

وفى تقديري أن الرؤية هى حق أصيل للطفل، وليس للأب، وهى جزء من جملة حقوقه لا ينفصل عن حقه فى العيش الكريم الذي لابد وأن يوفره له والده عبر الإنفاق عليه، والرؤية كحق للطفل لا تقتصر على والده فقط بل تمتد لأهل والده كافة والذين كان يحيا بينهم قبل انفصال والديه.

ومن غير المعقول أن تتحول الرؤية إلى أداة انتقام للأم من مطلقها أو أن يشجعها القانون على حرمان طفلها من أبيه وأهله بأن يسمح برؤية الأب لابنه ساعات محدودة داخل أماكن غير مؤهلة لذلك بالمرة، كما أن الاستضافة التى قضت بها أحكام قضائية فى بعض الحالات لا يمكنها أن تقر حياة اجتماعية طبيعية للطفل نظرًا لمحدودية ساعاتها وإن طالت، إذا ما نظرنا لتشريعات دول متقدمة يتقاسم فيها المطلقان أيام المعيشة مع الطفل أو يذهب لأسرة بديلة إذا ما اختلفا على طريقة مناسبة لتربيته بينهما.

كما أن أطرافًا أخرى لا علاقة مباشرة لها بقضية الطفل ذاته تؤجج الصراع بين الطرفين وتسهم فى تربية طفل مشوه نفسيًا واجتماعيًا بما لا يخدم ظهوره محبًا للحياة والمجتمع والناس والوطن مستقبلًا، ولأن هذه الأطراف لا تعقل الأمور فإنها تصنع فتنة غير طبيعية تجعل رؤية الطفل مستحيلة لأي من الطرفين دون الاستحواذ عليه، ولو بإخفائه للأسف.

وإذا ما نظرنا إلى القانون والذي يمنح وصاية وولاية على الطفل للأب، فإن واقعًا مغايرًا يكتسب قوته بقرارات وقتية يحصل عليها الجانب الآخر، خصوصًا فى أمر تعليم الطفل، رغم أن الولاية التعليمية حق أصيل للأب لا يسقطه إلا حكم قضائي نهائي محددة أسبابه ومدعومة بالأسانيد الدالة على إضرار الولي بحقوق طفله، كما أن أوامر وقتية تصدر فى هذا الشأن فى غيبة ودون علم الأب الولي تهدد استقرار تعليم طفله خدمة لصراع مستعر بين الطرفين.

على هامش تنفيذ أحكام الرؤية تنشأ قضايا أخرى جنائية مثل الضرب والسب وأغلبها بسبب الاحتقان المتزايد بين طرفين دون التفات منهما لمصلحة الطفل وصحته النفسية، ربما الأمر فى حقيقته أن العقدين الأولين من عمره يمكنه قضاءهما بين الوالدين فى هدوء إن أرادا واتفقا على تقديم مصلحته وتغليبها على شياطينهما، أو التشتت بين طرفين يكرهانه على حياة سوداء.

وإذا كانت مخاوف نساء من ابتعاد أطفالهن عنهن حال اقتسام أيام معيشتهم بينهن وبين الآباء، فإن تعديلًا تشريعيًا يمكن أن يضمن عدم انفراد الأب بالتحرك بالطفل فى الظروف الطبيعية، كما أن صورتي الطرفين لدى الطفل لابد وأن تظلا دون تشويه من جانب أي منهما.

وابتعادًا عن أزمات أكبر تشهدها المحاكم يمكن أن تعدل عقود الزواج ذاتها لتضم اتفاقات ثنائية خاصة على مستقبل تربية الأطفال ورعايتهم حال وقوع الطلاق، وتقرها المحكمة دون مخالفة قانون عادل جديد نتمنى أن يصيغ البرلمان مواده على أسس من الوعى والدراية بواقع الأسرة وأزماتها خصوصًا فى حال وقوع الطلاق.

إن اقتراب حالات الطلاق سنويًا من ربع مليون واقعة وبقاء مئات الآلاف من القضايا معلقة بالمحاكم، أمر مرهق للأسرة والمجتمع والمنظومة القضائية معًا، إذا ما اتفقنا أن الأخيرة تحتاج لإصلاح بالتأكيد ربما تكون مقالات مقبلة حاملة كلمات بشأنه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط