الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أكشاك الفتوى.. ودولة المواطنة ..!!


لست معترضا على الأكشاك عندما تكون بناء معرفيا متحلقا حول فضيلة التسامح لنشر ثقافة تمتين التواصل الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد ومناهضة معارف الطائفية والقطيعة عبر إنتاج خطاب ديني وثقافي ومعرفي متميز يقوم على دحر العصبجية التاريخية التي أنتجت موروثا فتنويا بامتياز تنهل منه داعش والنصرة وجماعات الإسلام السياسي الممتد ذيلها وفمها إلى المؤسسات الدينية الرسمية والهامشية بخطابها التقليدي الناعي على عالمنا تقدمه وسلامه واستسلامه للقيم المعرفية والحضارة الديمقراطية ..!

إذ واقع هذا الموروث لا يزال يقدم فكره تأييد الدين للاستبداد وفقا لفهم مشايخه بأن الشورى معلمه وليست ملزمه في مهزلة حقيقية للمنطق وقيمه الموضوعية وسط ثورات تثور طلبا للحقوق ودحرا للقيود ..

يبقى اعتراضي فقط على إعادة إنتاج التخلف بشكل جماهيري عبر ما يعرف بأكشاك الفتوى هذه المرة.

غرفة في أحد الجوانب تحاول أن تحتل منطقة مركزيه بمواقف المترو التي يرتادها مئات الآلاف وقد حاولت أن تجعل كل ملصقاتها بنقوش تعرف منها هويتها التاريخية ويجلس فيها رجلان بنفس الزي الأزهري الذى يأخذك لعراك تاريخي يشهد له الجامع والجامعة .. في لحظة ندعي فيها العمل على تأسيس دولة مدنية حديثة ...!

إذ لا يزال بالجامع أربعة محاريب تقول إن المنتسبين إليه لم يكونوا يصلون جميعا ولا زالت الجامعة تبدع وتفسق وتنفر من كل التيارات والمذاهب الأخرى التي لا تعتنقها بعيدا عن أي حوار موضوعي يعلى قيم العقل بإطلاقها من عقالها فضلا عن تكفيرها العلني لأصحاب الديانات السماوية شركاء الوطن وشركاء الكتاب وشركاء الوحي فسماهم الله - مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ - يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ - وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ" ..

بل وترسيخ هذه الجامعة لدي طلابها مفاهيم استعلائية تزدري البشرية على غير هوى الكتاب المبين الذى جعل تكريم بني آدم قيمة مطلقة وسطرا رئيسا غير ممسوس بتفسير ولا محتاج لتعليل .. "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" .

المشهد برمته مزعج وطائفي .. ويدعو الطرف الأخر لأن يقدم نفس الخدمة لشعبه عبر أكشاك المحبة حيث يجلس فيها قسيس يقدم المشورة والنصيحة لأمته أيضا... في بلد تعاني من الإرهاب ويحاصرها التطرف ويدعو رئيسها في معظم خطاباته إلى تبني نمط من التجديد للخطاب والخط والفهم الديني يخرجنا مما أدخلتنا فيه السنين العجاف والتاريخ الممتد خلفها بحمله الثقيل من الإهانات والعنصريات والتطرف والمغالطات تطلعا لدولة مدنية لا تتدين .. ونظام إدارة لا ينحاز .. وطوق نجاه يجعل الدولة لكل مواطنيها ويضعنا على طريق نهضه يبذل الناس فيها جهودهم للمستقبل بتأمين وتنظيف شوارعهم وعقولهم ..

ولكن الذى يستهدفنا أقوى من الذى نطلبه ... وكيد المنبهرين بماضي الجبارين أشد من المنغمسين في معامل البحث حول مستقبل يليق ببلاد العظام من الفراعنة ..

وحملة الأكفان أكثر بيننا من حملة الآمال ... وخطابنا في جهة وسلوكنا على الأرض في ناحية ويبدو أنهم لن يلتقيا.. !!

المشهد من شدة ارتباكه يسقط من حول شفاهنا ابتسامة كانت تتجهز لمستقبل ننتظره ...

عندما يتم الدفع بهذه الأكشاك على نواصينا ويحتلها نفس الأشخاص من ذوي العوار الفكري بآثامه التراثية ليرددوا في آذان الجماهير نفس الفهم المعوج الذى يحطم المجتمع وينشر العنف ويدين السلام الاجتماعي ويبث أنفاسا طائفيه ذات قيظ استعلائي مخوف تجعل الطرف الآخر يتجهز هو الأخر ومعه الحق للرد بمنطق يصنع تلاسن تشتبك معه الخصومات الباحثة عن وقود ..

وقد بدأها بفهم سقيم شيخ الكشك عندما أفتى بأن المسيحي نجس ... ونجاسته معنوية .. فهل كان يقصد أن المختلف معه في الدين يحمل روحا نجسة .. عندما قدم جوابه على أسئلة إحدى المتحاورات معه بالمترو ..!!

هل تقبل الدولة المصرية عن بعض مواطنيها وصفا منسوجا من خرافة كالتي بثها شيخ الكشك الذى جاء لنشر الفتنه في وطن يقاوم الإرهاب ..؟

من أين جاء هذا السقيم بهذا الوصف من كتاب الله عن أهل الكتاب ..

الذين قال الله فيهم .. "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "..

هل هذا التجديف والتخريف جزء من خطة مدبرة لإسقاط هذه البلاد في بحر الفتنة... أم أن توارث الغباء سيصل بنا إلى داعش المنتظرة بشغف فوق رصيف المحطة ..؟

قليلا من العقل يرحمكم الله ...
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط