الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإجابة ليست تونس


"مش بفتي.. ولا أملك حق الفتوى".. البراعة في الفتوى، حقوقها محفوظة لدار الإفتاء التونسية التي ما أن تطايرت الكلمات من شفتي الرئيس التونسي حتى التقطتها بالتمجيد والتبجيل والثناء وصبغتها بالشرعية، مع آية من الذكر الحكيم « ولهن مثل الذي عليهن » لتتجاوز تونس في سابقة الأولى من نوعها تشريعات الإسلام الثابتة وفرائض القرآن الواضحة فيما يختص بالمواريث وزواج المرأة من غير المسلم.

ولعل قضية الميراث من أكثر القضايا الجدلية التي طرحت تحت لواء حقوق المرأة والمساواة مع الرجل من جانب البعض، دون النظرة المتعمقة لحقوق وواجبات الرجل والمرأة في الإسلام.

وفي رأيي.. الميراث بأحكامه التي أقرها القرآن تعطي المرأة حقا أجل وأعلى من الرجل، فالمرأة محمولة على الرجل فيما يختص بالنفقة ولوازم الحياة، وتغليب الرجل في ذلك ماهو إلا للإنفاق على المرأة، فهو حق يحصل عليه الوارث ليرده للزوجة، بينما الوارثة ليس منوطا بها أن تنفق مالها على زوجها.. فالأمر يتعلق بالعدل في التوزيع وليس المساواة.

ثم إن المتأملين لأحكام المواريث سيقفون عن مواضع إرث المرأة والتي تفوق الرجل في أكثر من 30 حالة.

وفي أحكام الميراث التي أقرها القرآن إكراما للمرأة، لا يدركه دعاة المساواة الذين يغضون الطرف عن بعض آيات القرآن بينما يحتفظون بقشور من الدين يلونونها بحسب معتقداتهم لخدمة أغراضهم.

ولم تنفك تلك التشريعات عن حكمة عظيمة للخالق في عدالة التوزيع بين الرجل والمرأة حتى يتسنى لكل منهما الإستعانة بما يحظى به من الإرث على الوفاء بمتطلبات الحياة.

ما يثير إعجاب المهللين لقرارات تونس الأخيرة، قد يعميهم عن نص قرآني واضح لا خلاف فيه ولا تأويل، فالمناقشة من تلك الناحية مرفوضة كليا لأنها تهدم ثابتا وتفتح الباب لهدم مزيد من الثوابت.

وعلى الداعين الى المساواة أن يفرقوا بينها وبين العدل، فالمساواة قد تمنحك بنفس القدر الذي تمنحه لغيرك، في حين أن احتياج كل منا يختلف عن الآخر ، وحكم الله العدل جاء جبرا لاحتياج كل منا وفقا لواجباته والتزاماته.

تونس سبقت في فكرة الثورة والتحرر، والإسلام لم يشرع إلا ليحرر العقول والأبدان ويحمي الحقوق ويصون الأعراض، وإلا فقارن بين ما قبل الإسلام وما بعده، وما يمنحه الإسلام للمرأة من حقوق على الرجل في مقابل كل الشرائع، والتحرر حين يمس الثوابت الدينية التي تحفظ التوازن الإجتماعي يغدوا قيدا جديدا.

ولعل المتعصبين للموافقة على قرارت تونس لم يعلموا من أحكام الميراث إلا قشورا، ولم يتدارسوها قبل اطلاق أحكامهم حتى وصل الأمر بالبعض وصف من يرفضونها بالتخلف والرجعية، في حين أن التخلف يتشكل في هيئتهم وثقافتهم الجاهلة بالأمر والرافضة لدراسته قبل إطلاق الأحكام.

عزيزي التونسي.. الإجابة ليست تونس .. الإجابة نصا ومضمونا في سورة النساء التي خصصت أحكام المواريث بالتفصيل دون الإجمال لتمييزها عن غيرها من فرائض الدين ومنهجه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط