الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السياحة مستقبل الاقتصاد المصري


لكل دولة من الدول مصادر دخل؛ منها الثابت المستدام، والذي هو قوام وعماد اقتصادها، ومنها الطارئ المستنفد، والذي كان سببا في أن تصبح بعض الدول ذات دخل مرتفع للغاية، ويصبح متوسط دخل الفرد فيها هو الأعلى في العالم، كما هو حادث في قطر، مثلا، التي انفجر بأرضها البترول عيونا، والغاز حقولا!

وهذا النوع الأخير من مصادر الدخل القومي للبلاد، لا شك انه يجب ان يستثمر استثمارا مفيدا، بحيث يعود بفائدة على أجيال تلك البلاد القادمة، حيث إنه، في تصورنا، ليس ملكا لهذا الجيل الذي خرج في عصرهم، يعبث به كما يشاء، فلقد خرج من باطن أرض هذه البلاد، ولم يكن لأحد فيه فضل، فبأي منطق يبدده أبناء هذا الجيل وكأنه ملكية خاصة لهم.

إن الذي يعطي للدول البقاء والاستمرارية والقوة المتعمقة في جذور التاريخ هي مصادر الدخل القومي المستدامة، كما هو حاصل في أعرق دول التاريخ مصر، فوجود نهر النيل بها، جعل الزراعة هي المصدر الأول المستدام الذي يعيش عليه أبناء مصر، وأقاموا بها أول دولة بحكم مركزي، نشأ في الأصل لإدارة مياه النيل، وتنظيم الزراعة التي هي سبب الوجود والبقاء.

إن نجاح الحضارة المصرية القديمة كان في القدرة على التكيف مع ظروف وادي نهر النيل حيث توافرت كل مقومات الزراعة من تربة خصبة ومياه ومناخ، وساعد التنبؤ بالفيضانات والسيطرة على أضرارها في إنتاج محاصيل زراعية وافرة أسهمت في التنمية الاجتماعية والثقافية. وقامت السلطات ومع توافر المواد اللازمة باستغلال المعادن الموجودة في منطقة الوادي والمناطق الصحراوية المحيطة به، وقامت بوضع نظام كتابة مستقل، ونظمت البناء الجماعي والمشاريع الزراعية، بالإضافة للتجارة مع المناطق المحيطة بمصر، وكان تعزيز القوى العسكرية للدفاع العسكري ضروريا لمقاومة أعداء الخارج ، وتأكيد الهيمنة الفرعونية على البلاد.

إن هذا النجاح للحضارة المصرية القديمة ترك لنا تراثا حضاريا إنسانيا هائلا، أصبح أمل كل شعوب العالم في التعرف عليه، وأصبحت مصر قبلة لزوار السياحة التراثية، ولم ألتق، بحكم إقامتي خارج مصر، إنسانا من أية جنسية من الجنسيات، إلا ويعلن رغبته وأمنيته في زيارة هذا البلد العظيم، وذلك الذي يعد الخطوة الأولى في استقطاب واستقدام السياح، لأن الرغبات هي المحرك والباعث الأول للفعل، أي فعل!

وبمصر مقاصد سياحية متعددة، وإن كان أهمها، في تصوري، ، السياحة التراثية، والتي يجعل لها خصوصية فريدة ولا يشاركها فيه سوى اليونان بدرجة أقل.

تلك المقاصد التي تجعل كل أنواع السياحة متاحة بمصر، ابتداء بسياحة المغامرات والسياحة الثقافية والسياحة التعليمية، وكذلك أهم أنواع السياحة وهو السياحة الدينية التي تتمتع في مجاله مصر بالعديد من المزارات الدينية ابتداء من الديانة الفرعونية القديمة التي مازال هناك من يعتنقها في العالم وكذلك الديانات السماوية الثلاث الكبرى: اليهودية والمسيحية والإسلامية، والتي يمكن أن تدر على مصر دخلا وفيرا، وأما النوع الجديد "القديم" من السياحة الذي يمكن أن يجذب أعدادا كبيرة من السياح فهو السياحة العلاجية، والتي تعتبر فيه مصر مركزا هاما لعلاج بعض الأمراض، كالالتهاب الكبدي الوبائي التي تعد مصر رائدته الآن في العالم، وبأسعار زهيدة، لا تقارن بمثيلتها في جميع الدول، إضافة للسياحة الرياضية التي يجب أن تهتم بها مصر اهتماما كبيرا، لما تتميز به من أجواء مناسبة، خاصة في الشتاء القارس في دول الغرب، ناهيك عن سياحة الشواطئ والمنتجعات والمحميات الطبيعية التي حبا الله بها مصر.

إن السياحة هي أحد مصادر الدخل القومي المصري المستدام والذي يمكن أن تصبح المصدر الاقتصادي الأول في الدخل القومي المصري ذلك الذي لن يتحقق إلا حال استطعنا أن نجعل من السياحة مشروعا قوميا، يؤمن خلاله جميع أبناء الشعب أن مستقبل اقتصاد هذا البلد في السياحة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط