الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وكيل الأزهر يوضح حكم زواج المسلمة من غير المسلم فى بلاد الغرب

صدى البلد

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن المستقر فى شرعنا أن الزواج يكون بين المسلم والمسلمة، كما يكون بين المسلم والكتابية، سواء أكانت مسيحية أم يهودية على خلاف بين العلماء فى جواز الزواج من الكتابيات.

وأضاف شومان فى تصريح له، أن الراجح أن زواج الرجل المسلم من امرأة كتابية مسيحية أو يهودية جائز ما لم يدخل من هذا الزواج على دين الزوج والأبناء، ومن موروثات فقهنا عدم جواز زواج المرأة المسلمة من غير المسلم ولو كان كتابيا، وهذا بإجماع فقهاء المسلمين، ولعل البعض يرى فى هذا الذى أجمع عليه الفقهاء من مشروعية زواج المسلم من الكتابية، وعدم مشروعية عكسه وهو زواج المسلمة من غير المسلم على إطلاقه مخلا بمبدأ المساوة وتحيزا للإسلام من قبل فقهائه، وأنه كان من المنطقى أن يكون زواج المسلمة من الكتابى جائزا قياسا على زواج المسلم من الكتابية، ولكن مع البيان الهادئ تزول هذه الإشكالية.

وأوضح، أنه لا علاقة لها بالإخلال بالمساواة أو التحيز، وذلك أن زواج المسلم من الكتابية يرجع إلى أن المسلم يؤمن برسول الكتابية وكتابها، فتمام إيمان المسلم وكماله لا يتم دون أن يؤمن بجميع الكتب السابقة والأنبياء والمرسلين، لا نفرق بين أحد من رسله، كما تلزمنا شريعتنا بتمكين الزوجة الكتابية من إقامة شعائر دينها بما فى ذلك الذهاب إلى كنيستها أو معبدها، ويلزم الزوج المسلم أن يحترم زوجته غير المسلمة كزوجته المسلمة ويعدل بينهما، ولا يتصور أن مسلما يؤمن بدينه ويعرفه معرفة صحيحة أن يهين زوجته الكتابية أو يتعرض لكتابها أو رسولها، لأن هذا يخل بسلامة عقيدته كمسلم.

وأشار إلى أن المودة والسكينة مرجوة فى زواج المسلم بالكتابية، وهذا لا يتحقق فى زواج المسلمة من الكتابى، لأنهم لايؤمنون برسولنا، ولا بكتابنا، كما نؤمن نحن بهم، فهم بين منكر لرسالته جملة أو مؤمن بأنه مرسل للعرب خاصة، كما لا تلزمهم شرائعهم بتمكين المسلمة من أداء شعائر دينها، ويتصور مع ذلك تعرض الزوج غير المسلم لما يؤذى المسلمة فى مشاعرها نحو دينها، لأنه لا يؤمن به، ولذا فإن افتقاد المودة والسكينة التى هى من أهداف الزواج السامية متوقع بشكل كبير فى زواج المسلمة من غير المسلم الكتابى.

وتابع: الإسلام حريص على بناء الإنسان وسلامته من كل ما يسبب له ألما أو ضيقا، ولما كان اختلاف الدين غير مؤثر فى أمور أخرى أجازته شريعتنا، كأكل ذبائحهم فإن المسألة لا علاقة لها هنا بالمشاعر ولا الإيذاء فجاز خلافا للنكاح، ولنتأمل قوله تعالى: «اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم»، فتلاحظ فى الأطعمة الحل فى الجانبين بينما فى الزواج اقتصر على جانب ولم يتعرض للآخر بتعبير رقيق يفهم منه المراد دون إيذاء.

وتتضح الصورة أكثر إذا نظرت إلى مسألة زواج المسلم بالمشركة، فديننا لا يبيح للمسلم أن يتزوج من مشركة، ولو كانت تعجب الرجل من نواحٍ متعددة كالجمال والحسب والمال والتى هى مرغبات للزواج فى النساء عموما، ومنع الزواج من المشركات مبنى على عدم إيمانهن، فالمشركة لا تؤمن بكتاب ولا بنبى، وبذلك تكون المودة والسكينة مفقودة فى هذه العلاقة، لأن شريعتنا لم تأمرنا بالاعتراف ولا الإيمان بالأديان الوضعية التى يدين بها البعض كالمجوسية وعبدة الأوثان والكواكب وغيرها، ولأنه لا يجوز للمسلم أن يقر زوجته على هذا الباطل أو يظهر احترامه له، ولذا سيؤذى مشاعر زوجته وهو غير جائز فى العلاقة بين الزوجين، فمن أجله منع الزواج منها بداية، وبذلك يتبين عظمة الإسلام، وأن المسألة لا علاقة لها بالتحيز أو الإخلال بمبدأ المساواة الذى قام عليه الإسلام وشريعته.

وأضاف، أن ثمة أمر يجب أن ينظر إليه فقهاء العصر وهو زواج المسلمة من غير المسلم فى بلاد الغرب، حيث تمس الحاجة إلى معرفة حكم هذا الزواج فى الأقليات المسلمة فى العديد من الدول، حيث تنظر هذه الدول على الزواج على أنه عقد مدنى ولا يظهر لاختلاف الدين أثر يذكر على هذا الزواج، كما أن القول بوجوب التفريق بين المسلمة وزوجها غير المسلم قد يعرضها لمشاكل جمة إذا لم تكن لها عائلة أو مكان يؤويها، ولذا فقد تجد نفسها مضطرة لترك إسلامها والعياذ بالله أو سلوك طريق المعصية لتدبر نفقاتها وتواصل حياتها إذا لم تجد عملا أو زوجا مسلما، ولعل الاجتهاد الجماعى فى هذه المسألة يجد حلا لهذه المعضلة، كأن يمنع زواج المسلمة من غير المسلم ابتداء، لأن ما سبق ذكره لا مدخل له هنا فهى مسلمة مستقرة على إسلامها قبل الزواج، ويمكنها البحث عن زوج مسلم.

بينما إذا تزوج الزوجان وهما على غير الإسلام فأسلمت الزوجة وبقى زوجها على دينه فيفرق بين حالتين: الأولى: إن كانت الزوجة التى أسلمت فلن تتعرض إن فارقت زوجها لما سبق ذكره لوجود عائلة تعولها أو مصدر رزق كوظيفة أو تجارة تمكنها من العيش حتى ترزق بزوج مسلم فهذه يحرم عليها أن تستمر على زواجها من غير المسلم، والثانية: إذا لم يكن لها عائلة أو مصدر رزق وسيترتب على مفارقتها لزوجها عودتها إلى دينها قبل الإسلام أو سلوك طريق الانحراف لا محالة، فأعتقد أن قواعد شرعنا تبيح الإبقاء على هذه الزوجية صيانة للزوجة وحماية لدينها، فى ظل زوجية لا إيذاء لها فى مشاعرها، لعدم تأثير الانتماء الدينى على الحياة فى هذه المجتمعات، فلا يعقل أن تكون أحكام شريعتنا مؤدية إلى عقاب الزوجة التى تدخل فى الإسلام بتضييعها أو عودتها إلى غير الإسلام.