الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإخوان وامبراطورية" أوبر"‎


لا يدرك الكثيرون أن التشدد الديني لبعض سائقي التاكسي المسلمين في أمريكا ساهم في قصة نجاح شركة " أوبر " الأمريكية ليرتفع رأس مالها من 200 ألف دولار فقط في 2009 إلى ما يزيد عن 70 مليار دولار في 2017 بعد أن تحولت إلى شركة عالمية متعددة الجنسيات تخدم 400 مدينة في ما يزيد عن 60 دولة حول العالم.

فالبعض يعتقد خطأ أن قصة نجاح أوبر المدوية تعود فقط إلى ذكاء الشابين جاريت كامب( 37 عاما ) و ترافيس كالانيك( 39 عاما ) في إستغلال التكنولوجيا الحديثة لا سيما الهواتف الذكية ليجدا حلا لأزمة التاكسي الذي يعمل به كثير من المسلمين في الولايات المتحدة خاصة من باكستان و الهند و أفغانستان و دول المغرب العربي.

لكن الواقع يقول، أن التشدد الديني لدى بعض سائقي التاكسي المسلمين في أمريكا ساهم بقوة في نجاح وانتشار فكرة الشابين كامب و كالانيك في الولايات الأمريكية بعد الفتوى التي أصدرتها جماعة الإخوان المسلمين فرع أمريكا للسائقين المسلمين في عام 2006 بتحريم توصيل أي ركاب يحملون الخمور أو يرتدون ملابس غير محتشمة.

صحيح أن الشابين كامب و كالانيك نفذا فكرة مشروعهما في 2009 عندما فشلا في العثور على تاكسي يقلهما من مطار سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا بعد رحلة عمل في ولاية أمريكية أخرى نظرا للإقبال الشديد على سيارات التاكسي في هذا التوقيت ، إلا أن مشروعهما لم يكن ليكتب له كل هذا النجاح في مواجهة المعارضة الشرسة من جانب سائقي التاكسي في أمريكا لو لم يكن هناك رأي عام أمريكي قوي مضاد لفتوى "جمعية الأمريكان المسلمين " بتحريم توصيل الركاب الذين تتعارض معتقداتهم الدينية مع معتقدات سائقي التاكسي المسلمين.

المعروف أن نشاط شركة أوبر يقوم على السماح لمالكي السيارات الخاصة بنقل الركاب عبر الشركة بواسطة الهواتف الذكية التي أصبحت شريكا أساسيا لحياة معظم البشر حول الكرة الأرضية.

كما ساهم في نجاح أوبر قيام بعض سائقي التاكسي المسلمين بالتعريف بهويتهم الدينية للركاب ، بتأدية شعائر الصلاة بصورة غريبة ، فبعضهم أصبح يصلي على سقف التاكسي ، أو على الشنطة الخلفية ، أو كابوت التاكسي رغم أن أمريكا ممتلئة بالحدائق التي يستطيع فيها سائق التاكسي المسلم تأدية فريضة الصلاة لو ذهب لأي حديقة دون إنتقادات.

وكانت صحيفة " شيكاغو تريبيون " الأمريكية، قد تناولت فتوى جمعية الإخوان الأمريكان المسلمين ، مؤكدة أن الإخوان الأمريكان التي تأسست سنة 1993 كفرع لجماعة الإخوان المسلمين دائما ما تؤجج صراعا مريرا بين المسلمين المعتدلين، و هم الأغلبية في أمريكا ، و المسلمين المتشددين في سياسة تستهدف نشر الفكر المتطرف بين المسلمين في أمريكا.

أما الكاتبة الأمريكية ،كاثرين كريستين ، فقالت في عمود في صحيفة " ستار تريبيون " تخيل أنك عائد من سفرك و تجد نفسك مضطرا للوقوف لساعات في برودة العراء في ساحة المطار لا تجد تاكسي يقلك إلى منزلك لأن معتقدات سائق التاكسي الدينية تختلف مع عاداتك و تقاليدك.

لكن لا بد من الاعتراف بأن التشدد الديني لم يسهم فقط في تحويل صاحبي شركة أوبر لمليونيرات لكنه ساهم أيضا بشكل غير مباشر في تحسين دخول ملايين من سكان العالم ممن يمتلكون سيارات خاصة يستخدمونها الآن في توصيل الركاب بأمان تام لا سيما و أن جميع المعلومات عن السائق و سيارته مسجلة لدى الشركة التي تتابع خط سير السيارة بدقة.

وعلى الرغم من أن الكثير من سائقي التاكسي في أمريكا لجأوا للقضاء لوقف خدمة شركة أوبر إلا أن الشركة واصلت نجاحها بدعم من الرأي العام الأمريكي ، ففي عام واحد فقط قفز رأس مالها في أمريكا من 200 ألف دولار إلى 25ر1 مليون دولار .و في عام 2011 وصل رأس مال شركة أوبر إلى 44 مليون دولار . و ظلت شركة أوبر حبيسة أمريكا حتى شهد عيد مولدها الثالث في 2012 وصولها لدول أخرى في العالم لتكون مثلا يحتذى به لشركات أخرى إنتهجت نفس الطريق مثل شركة كريم في مصر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط