الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نار الأسعار تكوي المصريين.. زيادات مستمرة في أسعار مواد البناء.. ومتخصصون يؤكدون: لعب تجار.. واقتصادي يطالب الدولة بالقيام بدورها في حماية المستهلك

ارشيفية
ارشيفية

  • شعبة مواد البناء: قرار "رسوم الإغراق" سبب ارتفاع أسعار الحديد
  • "مقاولي التشييد": المبالغة في أسعار مواد البناء إرهاب اقتصادى
  • خبير: التسعيرة الجبرية نظام غير قابل للتطبيق في ظل النظام الاقتصادي المصري

يمثل الارتفاع الشديد في أسعار مواد البناء عائقا كبيرا أمام الشباب في امتلاك عش الزوجية نظرا لتسببه في ارتفاع باهظ في أسعار الشقق، وهو الأمر الذي يتطلب من الحكومة المصرية جهودا كبيرة للحد من هذا الارتفاع الذي أكد عدد من المتخصصين أنه جاء نتيجة لتلاعب التجار بالأسعار في ظل الغياب الحكومي.

فقد أكد المهندس أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، أن السبب في ارتفاع أسعار الحديد في مصر يعود إلى نقص كمية المستورد من الحديد بسبب قرار وزير الصناعة والتجارة المهندس طارق قابيل الذي قضى بفرض رسوم إغراق على ما يتم استيراده من حديد التسليح الذي يتم تصنيعه في أوكرانيا، أو تركيا، أو الصين بنسبة 17%، وتم إصدار قرار زيادة الرسوم في شهر يونيو الماضي.

وأوضح الزيني أن استهلاك السوق المصرية من حديد التسليح يصل إلى ما يقرب من 150 طنا لكل شهر، وهذا الحديد يتم توفيره في الأسواق المصرية عن طريق استيراد الحديد من الخارج، بالإضافة إلى إنتاج السوق المحلية المصرية من الحديد ليغطي استهلاك السوق المصرية الشهري من الحديد.

وقال رئيس شعبة مواد البناء فى الغرف التجارية، إن أسعار مواد البناء فى الأسواق مبالغ فيها بشكل كبير، حيث وصل طن الحديد إلى 11 ألف جنيه عند التجار ليصل للمستهلك بأكثر من ذلك، مشددا على ضرورة مواجهة هذه الزيادات وجشع التجار للحد من معاناة المواطنين المقبلين على البناء.

كما قال المهندس محمد عبد الرؤوف، عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولي التشييد والبناء، إن ارتفاع أسعار مواد البناء سيؤدي إلى المزيد من الارتفاع في أسعار العقارات، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت بات مشكلة كبرى تواجه شركات المقاولات، وتهدد بتعطيل إنجاز المشاريع القومية.

وطالب عبد الرؤوف الحكومة بضرورة التدخل لوقف الإرهاب الاقتصادي الذي يحدث في السوق، والذي لا يقل وطأة عن الإرهاب العادي، لافتا إلى أن سعر الحديد على مدى الـ 6 سنوات الماضية وصل إلى مستويات دنيا في كل دول العالم، إلا أن مصنعي الحديد في مصر كانوا يبيعون الطن بزيادة تتراوح بين ألف وألف وخمسمائة جنيه عن المستورد.

ووصف عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولي التشييد والبناء بأن ما يحدث الآن من ارتفاع أسعار مواد البناء بهذه الأرقام، في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة أمر غير مبرر، مشيرا إلى أن هناك مبالغة في أسعار مواد البناء من قبل التجار.

ولحل تلك الأزمة أكدت الدكتورة سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك، أن الأجهزة الرقابية من مباحث التموين وجهاز حماية المستهلك وغيرهما تعتبر حائط الصد الأول ضد جشع التجار والمتلاعبين بالسوق المصرية، مشددة على ضرورة إصدار مجموعة من التشريعات الجديدة التي تمكن تلك الأجهزة من مواجهة أباطرة الأسواق.

وأوضحت "الديب" أن السيطرة على الأسعار تحتاج إلى زيادة الإنتاج لتغطية الاحتياجات المتزايدة للمواطنين وتقليل فاتورة الواردات من الخارج، مقترحة تفعيل الضبطية القضائية لجهاز حماية المستهلك وتوسيع فروعه فى جميع المحافظات لضبط المخالفين وتقديم التجار الجشعين للعدالة فى حالات الاحتكار أو تخزين السلع.

وطالبت رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك بضرورة تدوين سعر المنتجات على العبوات، تفاديًا لجشع التجار ولعدم ترك المشتري فريسة لهم.

واتفق معها الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، الذي أكد أن تحديد أسعار السلع وفقًا لقواعد العرض والطلب يعد من أهم آليات الاقتصاد الحر الذي تتبناه الحكومة واللازم للاندماج في الاقتصاد العالمي، إلا أننا نجد السوق المصرية مازالت تفتقد لمرونة التفاعل مع تلك الآليات، وهو الأمر الذي ترتب عليه تفاوت في أسعار السلع والمنتجات، لأسباب منها ما هو مقبول مثل، تفاوت تكلفة التجار من مكان لأخر كأسعار الإيجار وتكلفة العمالة، ومنها ما يحتاج للمراجعة مثل التعامل مع جشع التجار وتغيير ثقافتهم بشأن تقبل آليات تخفيض الأسعار بنفس قدر تقبلهم لزيادتها.

وأوضح جاب الله أن البعض طالب بالعودة للتسعيرة الجبرية، وذلك الأمر أصبح من الماضي وغير قابل للتطبيق في ظل النظام الاقتصادي المصري والعالمي حاليا، حيث سبق وأن تعاملت الحكومة مع هذا التفاوت من خلال وضع تسعيرة استرشادية تحدد حد أقصى وحد أدنى لسعر السلعة، إلا أن تأثيرها كان محدودًا، فضلًا عن أنها كانت بمثابة دعوة للتاجر أن يرفع السعر للحد الأقصى المعلن.

وقال الخبير الاقتصادي إنه تلاحظ أخيرا الارتفاع المتلاحق لأسعار مواد البناء حتى وصل سعر طن الحديد إلى 12 ألف جنيه، واقترب سعر طن الأسمنت من مستوى الألف جنيه، ورغم أن البعض يرجع ذلك إلى ارتفاع تكلفة المواد الخام بالسوق العالمية مثل ارتفاع أسعار خام البليت المستخدم في صناعة الحديد عالميًا، إلا أن ذلك الأمر غير مقبول في ظل قرار الحكومة بفرض رسوم إغراق على الحديد المستورد لحماية صناعة الحديد المحلية.

وأضاف: "وبالتالي فإن تدخل الحكومة بفرض إجراءات حمائية لصناعات مواد البناء المحلية يكفل لها سلطة التدخل في مراجعة أسعار المنتجين المحليين حتى لا يستغلوا إجراءات الحماية في مواجهة المستهلكين".

كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أن إقرار الحكومة لرسوم إغراق أو قيود استيرادية فإن ذلك يسمح لها بالتدخل بمراجعة أسعار المنتجين المحليين لضبط الأسعار، لافتا إلى أنه وفي حالة عدم منح المنتجين مزايا حكومية تكون مراجعة الأسعار من خلال المساعدة على وجود بديل أرخص سعرًا مثل تشجيع الجمعيات الاستهلاكية، وعمليات الشراء الجماعي من المصدر، وإلزام المنتجين بفتح منافذ للمستهلكين بالمصانع يتم البيع فيها بالسعر العادل حتى تتم مواجهة نسب الربح المرتفعة التي يقررها التجار.