الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأحلام المؤجلة


تُرى هل سيأتي يومًا وترى أحلامك حقيقة أم تبقى الأحلام المؤجلة تطاردك مدى الحياة.. أحيانًا يكون القدر عبارة عن نسيج من أحلام مؤجلة تمر الأيام من حولك دون أن تتحول تلك الأحلام إلى حقائق مؤكدة، ويمضي العمر بك عامًا بعد عام ويظل الشبح يطارد فؤادك بأنك كنت يومًا ما تحلم، كل الطرق أمامك مسدودة لا منفذ منها، أحيانًا تصبر وأحيانًا تضجر ويظل الواقع هو ما تحيا عليه دون جدوي، هكذا هي حياة بعض البشر تمر الأيام وتتركهم بين اليأس والأمل دون الوصول لأي واقع يغير طعم اليأس أو ينير طريق الحياة.

راقب نفسك ومن حولك تجد الأوهام من حولك وتظن أنك قد تختار حياتك مرة أخرى، ولكن مع الأسف رُفِعَت الأقلام وجفت الصحف ومن اختار قَدرا يسعده فقد اختار، ومن اختار الجمود دون حركة مدة حياته على الأرض فقد اختار وانتهي الأمر وعليك الآن أن تواجه اختياراتك وتقف وقفة مع النفس تحفزها على الصبر لعلك اخترت الصمود لبعض الوقت ويأتيك الفرج من بعدها ولعلك اخترت الصمود مدى الحياة تحسبًا لقدر آخر لا تستطيع تحمله.. على قدر ما هو ظاهر في الحياة الدنيا إلا أنه من اختيارك أنت والآن لا رجوع منه ولا عدول عنه، فلا تظن بالله ظن السوء أو تعتقد أنك مظلوم مغلوب على أمرك.

منا من يجد نفسه وسط حياة يرفضها وأهل لا يرضى عنهم وعمل يعتقد أنه يستحق الأفضل منه، ويظل يحلم باليوم الذي سوف يأتي ليغير كل ما كان وكل ما سيكون وينسلخ من واقعه لواقع آخر من اختياره مفصل وفقًا لأحلامه ويحاول أن يفعل المستحيل ليصل إليه، قد يصل يومًا ما وفقا لما هو مكتوب في كتاب أقداره وقد لا يصل مهما حاول المستحيل ويقنت ويلوم المولي عز وجل لما صار معه من حال يملؤه اليأس وأمل قد كُتِبَ له أن يظل مجرد حلم مؤجل.

حاول أن تتذكر دائمًا أنك تحيا حياة مؤقتة محدودة بزمان ومكان تنتهي يومًا ما وتفيق لتمضي في طريق الحياة الحقيقية حياة الآخرة.. اعمل لهذا اليوم بدلا من أن تسعى وراء أحلام مؤجلة قد تأتي وقد لا تأتي، ولا تسعى وراء سراب يحسبه الظمآن ماء وعندما يصل إليه لا يجد شيئًا وتنتهي قصتك ويأتي يوم الحساب فإذا بك وحدك أمام الملك بكامل ذاكرتك لا مفر، تتذكر اختيارك وتتذكر قولك وقت الضيق ولعنك للقدر، وتبقي في وضع مخجل أمام ملك عظيم، إذا عدنا إلى الحق نحن نحيا حياة ممثلة نلعب فيها أدوار غير حقيقية لمرحلة محدودة بزمن أرضي ينتهي ونعود من حيث أتينا إما في فرح واشتياق للقاء الملك العظيم وإما في خجل وحسرة من واقع قد انتهي ...

الحياة علي هذا وذاك رضا وصبر ويأس وقنوت وأنت من تختار ... وتجني ثمرة اختيارك يومًا ما مهما كان بعيدًا فهو قريب قد يأتيك بين يوم وضحاه وقد تظل تنتظره سنوات أرضية طويلة ولكن في النهاية محدود بزمان ينتهي مهما طال وتعود من حيث أتيت، إما محمل بالخير من صبرك ورضاك وإما صفر اليدين من يأسك وقنوتك،  "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط