الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المواد الخام للإرهاب


تصرخ حولنا المأساة دون أن يستجيب لصراخها أحد وكأن المطلوب قد وصلنا إليه وصوت الصراخ موسيقى أصبحنا نَحِن إليه ..حيال التخلف الذى يلاحقنا .. ونحن نشاهد دولة رواندا بوسط أفريقيا التي سبقتنا ... وانشغالنا بترديد حضارة سبعة آلاف عام من غير أن ننظر إلى واقعنا والقاع الذى ننحدر إليه وسط تخبط سطورنا المضطربة التي تحكي عن أمانينا بينما مسالكنا اليومية تسحبنا سحبا لفوهة التخلف الذى يحاصرنا من كل ناحية دون أن نتوقف لحظة للنظر للحم المسافة بين النظرية والتطبيق أو تدشين الجسور بين حافة اليابسة وعمق الغريق المنتظر وسط الكارثة.

فالعملية التعليمية التي تشرف عليها وزارة مشغولة في تجارب سريريه مفرداتها طلابنا ومناهجنا ومدارسنا دون إنجاز لمهمتها - مخرجاتها ليست إلا أصفارا متجاورة - تؤازر العجب عندما نقف أمام ما ينفق على هذه الوزارة من أموال ومخصصات دون أن تعطي الوطن أيا من الآمال.

وعلينا فقط أن نلقي نظره على التعليم الفني مثلا وإداراته ومدارسه وبناياته ونفقاته وما يكلف البلاد من أموال طائلة ثم نأخذ من طلابه عينه لنضعهم حيال أي اختبار معرفي من أي نوع لندرك حينها أننا في مواجهة كارثة وأن مستوى طالب الثانوي الفني في مدارسنا ينبئنا أنه ما كان له أن يخرج من الصف الثاني الابتدائي إلى الذى يليه وكل ما تم إنفاقه بعد ذلك من رواتب ورتب ونفقات ودور تعليم وكتاب وإدارة تستدير كلها لتكون بحضن الأصفار والفشل وأنها نهبت الوطن بلا مقابل وأخذت منه سحتا بلا عطاء وبلا حساب.

وإليكم فقط نموذج متداول وكل مدارسنا الفنية نماذج لنستهل منها أحدهم مع تفشي ظاهر الجهل التعليمية في مدارسنا من غير أن نقرع الأجراس ونتوقف للمحاسبة عندما تكون المحصلة هي ما يقدمه مثلا الطالب إسلام الذى أصبح مطلوبا جدا في بلاد العالم الثالث الضائع بين ثالوث الفقر والمرض والإرهاب ... ليكون تشكيله رائعة يتحرك بها الجهل وفقا للأجندات التي ترصدنا.

يقول الصديق المهندس أحمد نصر الدين عرفه على صفحته في الفيس بوك مشيرا لمأساة إسلام بقوله ..

" إسلام اسم السواق بتاعى .. شاب فى أواخر العشرينيات - مؤدب متدين - عرفت معدنه الطيب ونواياه الحسنة فأصبحت حريصا على تعليمه الأصول والصح في كل حاجة - ولكن كل حاجة في وقتها لما ييجي موقف يتطلب دة - الكارثة أن إسلام معاه دبلوم صنايع .. لكنه " جاهل بكل معنى الكلمة " .. النهاردة كنا فى اجتماع فى العين السخنة .. سألتة البحر ده اسمة ايه ؟

ما يعرفش البحر الاحمر ولا الأبيض ولا ايه المدن الساحلية المصرية اللى بتطل على كل منهما – ما يعرفش قناة السويس بتوصل بين ايه وايه .. ما يعرفش القارات .. فاكر أمريكا جنب فرنسا .. ما يعرفش سعد زغلول ولا ثورة 19 ما يعرفش حكاية السد العالي ولا حرب 48 و56 ولا 67 .. ما يعرفش الفرق بين زكاة الفطر وزكاة المال ..

هو متدين وبيصلى ومربى دقنه وعلى طول مشغل محطة القرآن الكريم .. طبعا ما يعرفش الآيات ولا سبب نزولها ولا تفسيرها .. هو عارف إن الأغاني حرام والسجاير حرام .. ما يعرفش طبعا يعنى آية دستور ولا أنواع المحاكم ولا حقوقه ولا واجباته ما يعرفش الفرق بين الجهات الحكومية وشركات قطاع الاعمال ما يعرفش الفرق بين المخابرات والأمن الوطنى ..

الحقيقة إسلام ما يصحش كان ينجح فى الابتدائية أساسًا وللأسف عندنا ملايين زيه .. سهل جدا تلعب فى عقولهم وتقنعهم بأي كلام فاضى فى أي موضوع .. فما بالك لو كان الموضوع دينى أو وطنى .. " إسلام " فى رأيي من " أخطر مشاكل مصر".

يقينا سيبقى إسلام مع إخوانه الذين تقذف بهم مدارس لا تُعلم ومدرسين لا يُدرسون وفصول فُصلت عن العملية التعليمية لصالح أباطرة الدروس الخصوصية والسناتر وسط فوضى سائلة بعيدا عن عين الدولة التي آثرت الصمت وكأنها تشرع للفساد وتقبل بهذا الانهيار الحاصل في وزارة تلقب نفسها بالتربية والتعليم وتسحب من ميزانيه الدولة مليارات الجنيهات بلا مقابل .. يبقى أزمة حقيقية تحتاج لتدخل رئاسي حاد وجاد وبمبضع القانون الذى يفتح هذا الورم ويضع لآلامه في الوطن نهاية.

ولا سيما ونحن نعيش برحاب أزمة الدكتور لاشين الأستاذ بقسم العلاقات العامة بكلية الإعلام جامعة القاهرة والتي تم تسريب أشرطة خاصه بصوته الذى لم ينكره ويحاول فيها أن يكون وضيعا وهو يبتز إحدى طالباته ليدفعها للخضوع لملذاته.

هذه المخرجات التي أهدتها وزارة التربية والتعليم للوطن تحتاج إلى أن تهتدي من جديد عبر إنتاج نظام تعليمي مواز لقيم الحضارة والمعاصرة نافع ببنائه وأدواته وقدراته وقادر على إنتاج جيل غير إسلام وغير لاشين.

ولن يحدث ذلك إلا عندما نصبح دولة تخضع للقانون ولا تقنن الفساد أو تقبل به ولا يتحول بناؤها المعرفي وشعبها إلى حقل تجارب لا ترصد حقيقة أمراضنا الحقيقية وتعمل على التخلص منها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط