الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عيد الأضحى ... والضحايا


هو العيد الذي نرجم فيه الشياطين التى نَصَبو لها شاهدا ، بينما تُركت الشياطين الأخطر في حصونها المنيعة تسكن قلوبا كما ذهبت تعود وكلما سُئلت دلست وكذبت وإذا طُلب منها الشهادة كتمت وتمنعت.

هو العيد الذي نذبح فيه الفداء ... فإذا ... بالسكين تذبحنا وتنحر ما بقي في قلوبنا من رحمه.

هي مشاهد تموج حول مظاهر عبثيه تسير بها الأحداث والحوادث في شوارعنا لتحكي على أي جرف هار تقف هذه الأمة وهذا النفاق وهذا النوع من التدين الذي أضحى عادات مذمومة بعدما أضيفت لها وقاحة البعض وابتذاله.

في مثل هذا العيد قبل عدة أعوام وقفت إعلامية مشهورة في صندوق سيارة نقل طويلة محاطة بقضبان من جانبيها تسمح فقط بمرور الأيدي إليها وقد وضعت لزوم التصوير في هذه السيارة مجموعة من الكراتين المعبأة بحاجات الصبية وبعض لوازم الأسر الفقيرة .... ذهبت حينها الإعلامية المشهورة بهذا المشهد إلى منطقه يعيش فيها اللاجئون السوريون بجوار فقر يبحث عن حاجته؛ كل اهتمامها على عيون الكاميرات لا عيون البؤساء وكل هدفها كم من المشاهدين ستجمع لا من الرحمات ستحصد.

لم يكن يعنيها شئ غير قصه حلقه تبتز بها مشاعر البشر وتستنزف إنسانيتهم عندما تتركهم حول السيارة يتقاذفون للحصول على بعض احتياجاتهم من خلال الشعبطة ومد اليد ومنهم من حصل ومنهم من ضاع حظه وانكسر لتخرج علينا ريهام بطلة الإنسانية المزيفة.

وفي النهاية لفت نفسها بعلم مصر وتركت للنسر مكانا على صدرها كي تتحفنا بصوت رخيم يتحدث عن رحمه ذبلت تحت عينيها وهي تقدم مشهد عار من الفضيلة مكسور المشاعر وقح التصور والتصوير ... وقع في عيد يُرجم فيه الشيطان بمنى بينما تُركت سيارة ريهام ترجم الرحمة والإنسانية في شوارعنا الضيقة ..واستمرت نفس المشاهد بنفس زخمها بعد عام كامل ولم نعتبر بعد.

المشهد الثاني بثته كاميرات أهليه لمجموعة من عجول الأضاحي بشوارع مصر وكيف يتعامل معها الجزارون وهي حيه وبدلا من أن يحد شفرته ويريح ذبيحته ويغمض عينيها حتى لا ترى ويتعامل الجزار معها برفق يستعطف به مشاعرها وهي تقاد إلى نهايتها .. فإذا بجنون الشياطين الذي فر من هناك وجاء إلى هنا وقد تلبسوا بجسد هؤلاء الجزارين المنزوعي الرحمة والضمير عندما يضربون بالسكين أقدام ذبائحهم وهي حية – وهو نوع من التعذيب القبيح نطالب بحسابهم أمام هيئات قضائية لتجاوزهم على الضمير العام وتسويقهم لنمط سلوكي فاجر يدعو إلى العنف وهو يبتز الإنسانية في أغلى ما تملك عندما يطعن هذا العنف رحمتها ويستنزف ضميرها.

إذ كيف يضربون بسكاكينهم الحادة أقدام البهائم وهي حية حتى تقع بكل آلامها على الأرض ثم يبدءون من فوق هذا النزيف حز رقابها دونما نظر لما تشيعه هذه المشاهد من إرهاب في المجتمع يسوق لثقافة العنف دون أن ندري؟

كيف استوطن هذا العنف في ضمير هؤلاء ؟

وكيف سكن هذا الفجور في أفئدة غليظة بعضها يتصنع الرحمة والآخر يتصنع الصنعة وبعيدا عن رقابه الدولة وحسابها؟

كيف يقع ذلك في أمة منهية عن تعذيب الحيوان أو قتله أو تعريضه للمشقة ؟

لا يمكن لي إلا أن يحاصرني مشهدا آخر يثبت أننا نعيش في غابه يسكنها وحوش بشريه فيما الكلاب أشد ولاءً ووفاءً

على شواطئ أحد البلدان الأوروبية أوقف الرجل كلبه المدلل ونزل إلى بركه الماء ليستحم .. وما هي إلا لحظات حتى أراد الرجل أن يختبر ولاء كلبه ووفاءه فغاص برأسه في الماء.

جاءت لحظة الغوص مع التفاتة الكلب الذي ظن أن صاحبه يغرق لنرى الكلب بدون تفكير خلف مشاعره ينطلق دون حساب لقدرته على العوم أو لحرارة الماء أو برودته،  لم يعنِهِ شئ غير إنقاذ صاحبه الذي استقبله بأحضانه.

فقولوا لنا بربكم بين هذين المشهدين لمن تذهب صفة الحيوان ومن يظفر منهما بلقب يحتضن القيم ولا يتاجر بالمشاعر ويبتز في الناس ما بقي بفطرتها من رحمه؟

لا يمكن أن يكون عيدا ذلك اليوم الذي يهان فيه الفقراء ويُمثَل فيه بالبهائم .. إلا أن يكون عيدا يزهو فيه الشيطان وينتصر.. فإلى أي اتجاه نمضي بربكم ؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط