الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سوق دراو بأسوان .. اقتصاد مدينة يقوم على تجارة الجمال .. والكثير يتجه لشرائها فى عيد الأضحى المبارك.. صور

صدى البلد

  • تستقبل السوق 5 آلاف رأس من جميع محافظات مصر 
  • كلمات عديدة يرددها بائعو الجمال متوارثة منذ القدم
  • الجمال تعتبر من أبرز أضاحي عيد الأضحى المبارك

رحلة للجد والاجتهاد نشاهدها في "سوق الجمال" بمدينة دراو شمال أسوان، فهو مثال ونموذج مشرف يقتدى به فى الكفاح ، ويعتبر السوق مصدرا للرزق للكثير من السكان المقيمين بالمنطقة ولا يقتصر على التجار فقط ، ويقع على بعد 40 كم شمال مدينة أسوان فى الجانب الشرقى للسكة الحديد وتبلغ مساحته 9 أفدنة ملك شركة الأسواق المصرية، وتقام فيه تجارة الجمال يومى السبت والأحد من كل أسبوع، من حوالى الساعة 6 صباحًا وحتى الساعة 3 عصرًا، ويأتى إليه التجار من كل محافظات الصعيد، وتم اختيار سوق الجمال فى مدينة دراو لأن هذا الموقع كان يعد أول مركز لاستقبال الجمال عن طريق البر، وتأتي إليه تجارة الجمال بعد أن كانت تقطع ما بين 30 و 40 يومًا سيرًا على أقدامها.

ويلتقي الجميع خلال الأيام المحددة داخل سوق الجمال بمدينة دراو الذى يستقبل كميات كبيرة تصل إلى 5 آلاف رأس من الجمال، ويجلس كل تاجر بقطيعه فى حانة معينة فى السوق، أو حول جذع نخلة مدفون بشكل عمودى فى باطن الأرض، وينادى كل تاجر على جماله إما بكلمة "إخ" فى إشارة لإعطاء أمر بالجلوس للجمل حتى يبرك، وهى كلمة أصلها يردد فى السودان الشرقى، أو بكلمة "شاه" فى إشارة أيضًا لإعطاء أمر بالجلوس للجمل حتى يبرك على الأرض ، وهى كلمة أصلها يردد فى السودان الغربي.

ويقول عبد العزيز محمود – تاجر بأنه فى العادة يلجأ التاجر الذى يريد البيع إلى إثارة جماله عن طريق ضربهم بعصا "الخرزانة" التى تجدها فى يد كل من فى داخل السوق حتى الأطفال الذين يحضرون للتعلم من آبائهم، وتستخدم فى توجيه الجمل، وعادة ما يربط من قدمه خوفًا من الهرب، ويربط الجمل أحيانًا من قدميه الأثنين الأماميتين إذا كان الجمل عاصيًا لأوامر صاحبه، وتسمى مجموعة الجمال عند عملية البيع والشراء داخل السوق بـ"الحبل" ، وعندما يصافح المشترى البائع ويقول له "على البركة" فيتم الشراء بين الطرفين.

ومن أبرز ما تجده داخل السوق بجانب الجمال الحدادة الذى يبيع للتجار أدوات حديدية تستخدم فى أغراض خدمة الجمال، وأيضًا بائع الملابس الصعيدية كـ"الجلاليب والسديرى والتقشيطة والشال وعصا الخرزانة" وغير ذلك، كما يتوافر داخل السوق مسجد لأداء الصلوات بداخله.

وعادة يجلس عند باب السوق الذى يتكون من بوابة حديدية كبيرة تفتح على الجانبين، رجل يتبع شركة الأسواق المصرية، ويأخذ فى عد رؤوس الجمال الداخلة للسوق والخارجة منه، ويحصل على كل رأس إبل تدخل السوق مبلغ 10 جنيهات، ويسجل أعداد الجمال فى كراسة بجواره ويضع النقود المحصلة فى صندوق خشبى موضوع أمامه.

ويقع خارج السوق، مناطق مرتفعة عن سطح الأرض متفرقة، تسمى بـ"التبة" وينتظر أمامها عشرات السيارات من الشاحنات الكبيرة والنقل والنصف نقل والربع نقل وغير ذلك، وتتجمع الجمال بعد إتمام عملية البيع والشراء على هذه التبة، ويقوم التجار بتحميلها على السيارات تمهيدًا لنقلها والسفر بها إلى المحافظات الأخرى.

ولهذا فإن سوق الجمال بدراو يعتبر مزارًا سياحيًا أيضًا للسائحين الأجانب الذين يحرصون على التقاط الصور مع الجمال وفوقها، وأيضًا مزار للمصورين الفوتوغرافيين المحترفين، والوفود التليفزيونية الدولية والمحلية.

ويقول الكثير من العاملين فى مجال بيع الجمال بالسوق إننا خرجنا إلى الدنيا فوجدنا آبائنا وأجدادنا يعملون فى تجارة الجمال، وأيضًا سنورثها لأبنائنا من بعدنا، لأن 90% من سكان مدينة ومركز دراو بأسوان يعملون فى تجارة الجمال أو تربيتها، حتى وصل أصحاب الجمال لفهم الجمل حيث أن التاجر فى مدينة دراو بمجرد النظرة فى عين الجمل أو متابعة وقفة الجمل يعرف عنه الكثير من تفاصيل حياته، فيتبين للتاجر ما إذا كان الجمل يعانى من التعب أو فى حالة إعياء أو يحتاج إلى أكل أو شرب أو راحة أو غير ذلك .

وحول أكل وشراب الجمل فنجد أن الجمل لا يحتاج للأكل كثيرًا حتى وإن مر عليه ثلاثة شهور على أقصى مدة، ومع ذلك فالأهالى فى دراو يهتمون إهتمامًا كبيرًا بتغذية الجمال وتربيتها بهدف زيادة وزنه وتقويته على تحمل الصعاب فى العمل، ويحرص أصحاب الجمال على رعايته رعاية كبيرة ، فالبعض منهم يحرص على تغذية الجمل بالذرة أو الأعلاف ويسمى هذا النوع من الأكل بـ"الدلع"

والجمال تنشأ فى موطنها السودانى سواء من دارفور أو دنقلة أو غيرهما، ويقوم صاحب قطيع من الجمال بتصميم قطعة حديدية بشكل ورسم معين عند الحداد، ثم يسخن على هذه القطعة ويكوى بها كل الجمال فى رقبتهم كعلامة يستدل بها صاحب الجمال على قطيعه وتسمى "وسم"، وفى حالة سرقة أو فقدان أى جمال منها يمكن استرجاعه بهذه العلامة ، التى تختلف فى قبيلة عن الأخرى ومن تاجر لآخر داخل السودان، وتوضع علامة صفراء اللون فى أذن الجمال بعد الانتهاء من فحص الجمل فى المحجر البيطرى، والتأكد من سلامة العينة التى تؤخذ عشوائية من قطيع الجمال ويدون عليها باركود برقم مختلف لكل جمل.

ويتم تسليم كميات الجمال القادمة من الحدود السودانية صباح يوم الإثنين من كل أسبوع ثم تتجه الكميات إلى محجر أبوسمبل الثلاثاء صباحًا ويتم سحب عينة من الجمال وتسافر القاهرة لتحليلها فى المعامل المركزية ويتم الرد عقب ذلك، فلو كانت العينة سليمة بتمشى، ولكن أحيانًا يتم حجز الشحنات بالكامل لمدة 15 يومًا فى حالة الاشتباه فى جمل أو اثنين .

ومن المتوقع أن تصل أعداد الجمال الواردة من السودان أسبوعيًا من 5 إلى 6 آلاف رأس جمل لكل الأسواق فى أسوان أو القاهرة، سواء عن طريق منفذى آرقين بأسوان أو حلايب وشلاتين بالبحر الأحمر، وتقطع الجمال فترة التجارة من السودان إلى مصر على أقدامها مسافة تصل من 30 إلى 40 يومًا، ويقوم وكلاء تجارة الجمال فى تخليص الإجراءات الجمركية على الحدود الجنوبية، ويشتهر سوق الجمال فى دراو بأربع وكلاء فقط وهم "حسن عمار" و"زين قراشى" و"أحمد حافظ" و"محمود البرجسى".



وفى نفس السياق ونحن نحتفل بعيد الأضحى المبارك نجد أن الجمال تعد أفضل أنواع الأضاحى حيث يقبل على شراؤها كثيرا من المواطنين خلال العيد وذلك نظرًا لما تحويه من كميات لحوم تزيد عن غيرها من المواشى والعجول، وتبدأ أوزان لحوم الجمال من 120 كيلو جرام وتصل حتى 200 كيلو جرام حسب وزن وحجم الجمل.

ولهذا يتجه الكثير من الأهالي إلى الاشتراك فى جمل واحد، نظرًا لتكلفته العالية التى تتراوح أحيانًا ما بين 18 إلى 20 ألفًا، وتعد هذه الأسعار للجمال مناسبة نوعًا ما بعدما شهدت فى الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا وصل سعر الجمل فيه إلى نحو 23 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن انخفاض أسعار الجمال نسبيًا راجع إلى ضخ كميات كبيرة خلال موسم عيد الأضحى.

وتابع بأن هناك بعض الأهالى يتجهون لشراء الجمل قبل العيد بشهر كامل خوفًا من ارتفاع الأسعار كلما اقترب العيد، وأيضًا لامتلاكهم أحد الأحواش التى يتم تربية الجمل فيها لحين التضحية به يوم العيد، كما أن هناك أناسا آخرين لا يمتلكون أحواشا لتربية الجمال ومعظمهم يعيش فى المدينة، وبالتالى يضطر لشراء الجمل قبل العيد بأيام قليلة حتى يتم عقره على الفور.

وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية شهد السوق تدفق كميات كبيرة من الجمال الواردة من السودان إلى مصر حيث أن سوق الجمال بمدينة دراو، ووصلت هذه الكميات إلى 12 ألف جمل، انتعش من خلالها سوق الجمال فى المدينة، وغذى معظم أنحاء محافظة أسوان، بالإضافة إلى محافظات الصعيد القريبة والتى يلجأ التجار فيها للسفر إلى أسوان لشراء الجمال السودانية وبأسعار أرخص من سوق الجمال فى القاهرة.