الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زياد دويري.. يعيد فتح ملف التطبيع


جاء توقيف المخرج اللبناني زياد دويري بتهمة التطبيع من جانب المحكمة العسكرية اللبنانية ليعيد فتح ملف الفنانين والمثقفين بتهمة التطبيع والذي طال في السنوات الأخيرة وبأشكال "تطبيعية" مختلفة أسماء فنية كثيرة نظرا لمشاركتهم بأعمال أجنبية أو لأسباب تتعلق بمحتوى أعمالهم الفنية مثل عمرو واكد وخالد ابوالنجا وبسمة مرورا بخالد النبوي والنجم الكبير عادل امام وأحيانا تكون التهمة بسبب "صورة" لأحد المعجبين مثلما حدث مع صابر الرباعي ونانسي عجرم وبالتأكيد القائمة ستحمل أسماء جديدة مستقبلا في هذا الملف الشائك.

اتهام المخرج اللبناني زياد دويري جاء بعد مشاركة ناجحة في واحد من أهم مهرجانات السينما العالمية "فينيسيا" وحصول فيلمه " قضية رقم 23" على جائزة أفضل ممثل، والتوقيف يعود إلى شكوى ضده بتصوير فيلم سابق له "الصدمة" باسرائيل عام 2012! بالطبع كانت مفاجأة صادمة لزياد عندما فوجئ بتوقيفه بالمطار وسحب جواز سفره بينما هو عائد بجائزة دولية وتم استدعاؤه للتحقيق باليوم التالي فكان رد فعله "انا مجروح جدا،أتيت إلى لبنان ومعي جائزة من مهرجان البندقية والأمن العام اللبناني سمح بعرض فيلمي،لا اعرف من وراء ما حصل، ثمة أذى في هذه المسألة"، اللافت في الأمر أن التحقيق لم يستغرق وقتا وتم الافراج عنه بعد الاستدعاء في اليوم التالي وكان القرار "لا نية اجرامية تجاه القضية الفلسطينية"!

بالطبع كان الموقف ما بين مدافع ومهاجم لزياد فكان ابرز المؤيدين وزير الثقافة اللبناني والحدث يذكرنا بكثير من المواقف المماثلة لعدد من الفنانين والمثقفين العرب ولكن اللافت أن الحديث في وسائل الإعلام العربية عن "التطبيع" بات يتراجع عن الماضي القريب وممكن القول إنه حتى الأن لم تتفق النّخب السياسية والثّقافية العربية على معنى ومفهوم دقيقين لمصطلح "تطبيع"، فرغم الإجتهادات الكثيرة، والّتي تؤكّد أن التّطبيع الثّقافي تحديدًا، هو قبولك لرواية عدوك عنك وتعايشك مع هذه الرواية، فإن الأمر أكبر من ذلك المفهوم وسيظل الحديث مستمرا.

بالطبع أرفض ومعي الكثيرون جميع أشكال التعاون الثقافي مع "إسرائيل" خاصة وهي لازالت تمارس إجرامها ضد الشعب الفلسطيني وأيضا لا تكن "الحب" لجيرانها العرب، ولكن علينا أن نتأنى قبل إلصاق التهمة بأي شخص يتواجد في مكان ما في العالم به إسرائيليا، أفهم أن يقال ذلك صراحة عن مثقف أو فنان يزور اسرائيل ويجلس هناك ويتحدث، فمهما كانت الذرائع ومهما كانت النوايا "نبيلة" لزيارة فلسطين أو زيارة القدس المحتلة وغيرها بذريعة زيارة الأماكن الدينية أو التظاهرات الثقافية أو بذريعة التضامن والإطلالة على معاناة الشعب الفلسطيني لا يمكن النظر إليها إلا باعتبارها "تطبيعا" وهروبا من واجب قومي ووطني أصيل خاصة لقادة فكر ورأي الأمة، ولذلك من لديه رأي في مفهوم التطبيع الثقافي عليه أن يعلنه بشجاعه من الفنانين والمثقفين خاصة من لديهم أعمال مشتركة مع إسرائيليين، لكن اللافت أن كل من يتورط ويهاجم في الإعلام يعلن عدم معرفته بما حدث أو يعتذر أويتظاهر بموقفه العربي من القضية الفلسطينية! وهكذا سيظل الملف مثيرا للجدل للأبد.

تاريخ قديم!
بدأ الحديث عن مفهوم التطبيع مع توقيع اتفاقيات "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل عام 1979، وهو يعني إقامة علاقات سياسية، اقتصادية، ثقافية وإجتماعية طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل قبل تحقيق السلام العادل والشامل، وبالتالي فإن التطبيع مع إسرائيل هو قيام علاقات طبيعية في واقع وشروط غير طبيعية، ذلك أن بناء وتأسيس تلك العلاقات والبنى الطبيعية يشترط أولا وقبل أي شيء أن تصبح إسرائيل دولة طبيعية وأن تتخلى عن عدوانيتها واحتلالها وعنصريتها.

الاتهامات بالتطبيع قديمة وستظل مستمرة ولذلك سيظل الفنانون يتعاملون بحذر شديد مع كل ما يتعلق من قريب أو بعيد ويخص "اسرائيل" ولكن أحيانا يكون الأمر خارج سيطرتهم خاصة فيما يتعلق بالمشاركة في عمل أجنبي وكلنا يعرف حجم تأثير اللوبي اليهودي في صناعة السينما في هوليوود، وممكن هنا الإشارة لوجود علاقات تجارية بين عدد من الدول العربية واسرائيل وزيارات ايضا سياسية وتجارية متبادلة، وكلنا يعلم ما يتم في الخفاء أكبر من العلن، ويوجد بعض المثقفين العرب يزورون فلسطين تحت عنوان التواصل والتضامن ومساندة الشعب الفلسطيني! فالتطبيع السياسي موجود، لكن التطبيع الثقافي صعب تنفيذه، فهو يحتاج مراحل عديدة من السلام والصفاء، حتى على المستوى الشعبي وانهاء الاحتلال.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط