الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدَّوامُ المرن .. مبادرة «لإسعاف» المرور


الاختناق المروري في القاهرة حالة مستعصية حولها كالمريض الإكلينيكي أو المتوقفة كل أجهزته عضويًا ويعيش على التنفس الصناعي.. ولا نستطيع أن نُنكر أن رجال المرور من أصغر رتبة لأعلى رتبة في الإدارة العامة للمرور تؤدي أو تحاول أن تقوم بدورها وأراهم في الشوارع تحت الشمس الحارقة وتحت المطر والبرد يحاولون إنعاش المريض (على أمل أن يعيش ويفيق ) ولكن يبدو أن حالته صعبة.

وحاولنا من ناحيتنا في الإعلام والصحافة دق ناقوس الخطر والإنذار أكثر من مرة لتفادي الخسائر الضخمة التي يتسبب في توقف المرور في القاهرة أو حوادث الطرق .. ولكن لا حياة لمن تنادي وطالبنا أيضا بضرورة تفعيل المجلس الأعلى للمرور الذي لم يجتمع ولا مرة منذ الإعلان عن تشكيله عام 1971 ( أه والله عام 1971) .

ولا شك أن على المجتمع المدني والمواطنين دور كبير في إعادة إنعاش شوارع وطرق وكباري القاهرة حتى نخفف الخسائر الضخمة .. ومن ناحيتي كتبت أكثر من مرة عن مبادرات أهلية تصدى لها فنانين وشخصيات عامة للمساهمة في إعادة الإنضباط للشارع .. وهنا أشير الى مبادرة شخصية أتمنى أن يتبناها أحد رجال الأعمال الكبار في مصانعه وشركاته لتكون نموذج للجميع ( وللأسف أنني لست من رجال الأعمال ولا أملك سوى عملي الذي بالكاد أعيش منه ) وتفاصيل المبادرة ياسادة هي تتلخص فيما يُسمى ( بالدًوامُ المٍٍرن) و الدًوامُ يا سادة هو وقتُ العمل ومدٌته المحددان بالنظام والقانون في قوانين العمل بكل دول العالم وفي مصر الذي تحول فيها حضور وإنصراف الموظفين والعاملين الى ملهاة إغريقية .

تجعلك تتأمل يوميا وأنت في الزحام محشورا داخل سيارتك أو وسيلة المواصلات لمدة ساعات قبل وبعد موعد العمل والحضور والإنصراف تجعل الموظف أو العامل يذهب إلى عمله وهو في غاية الإحباط والانكسار مما ينعكس سلبا وبشكل كبير على أدائه سواء في مصنع أو في شركة أو مكتب حكومي المفترض فيه أن يقدم خدمات للمواطنين المحشورين مثله في زحام الطرق والمواصلات.

الفكرة كالتالي وأتمنى أن تدخل حيز التطبيق من خلال تبنيها في البداية بالقطاع الخاص ثم تنتقل الى المصالح الحكومية حتى نخرج من زحام المرور والاختناق البيروقراطي الذي كاد أن يقضي علينا جميعا : منذ أكثر من عشرين عاما أبتكر الألمان النظام المرن في مواعيد العمل وحضور وانصراف الموظفين وهو نظام يتيح للموظف فرصة اختيار أوقات العمل التي تلاءمه وذلك لمنع الاختناقات المرورية والزحام وكانت نتيجة تطبيق هذا النظام مدهشة ومبهرة للغاية للموظفين ولأصحاب العمل والمواطنين على حد سواء .

ثم انتقلت الفكرة الى الولايات المتحدة الأمريكية وتم تطبيقها في أحد المصانع بولاية كونكتيكت وقام صاحب المصنع بإطلاق الحرية أمام موظفيه بداية من المدير حتى أصغر عامل للجميع الحق في اختيار أوقات حضوره أو دوامه في العمل وأيضا النتيجة كانت مذهلة حيث انخفضت نسبة التغيب عن العمل بمقدار 50% ولذلك قامت الشركة بتعميم التجربة في كافة فروعها حول العالم وأرتفع الدخل وزادت الأرباح وانتقلت الفكرة إلى شركات ومصانع أخرى .

أتمنى على الله ولا يكتر على الله أن يتم تطبيق الفكرة عندنا في مصر للحد من المظاهر السلبية التي ملأت حياتنا سواء في العمل أو في الشارع وللقضاء أيضا على ظاهرة التزويغ من العمل والذهاب الى العمل متأخرين يوميا بالإضافة على إضاعة وقت طويل يمتد لساعات أحيانا على الطرق والزحام الرهيب الذي أصبحنا نعيش فيه في القاهرة التي تحولت الى جراج كبير مفتوح به ملايين السيارات المكدسة التي تسير بمعدل سرعة لا يتجاوز 3 كيلو متر في الساعة والخوف خلال كام السنة ها يبقى معدل السرعة أو الحركة داخل القاهرة صفر .. ونظل متكدسين محشورين في العربية طول حياتنا .. لابد من الاعتماد على أفكار خارج الصندوق فعلا .

ومن الممكن أن يتم تطبيق فكرة الدوار المرن في القطاع الخاص أولا .. ثم المصالح الحكومية .. عندما تتوزع مواعيد حضور وانصراف الموظفين والعمال على مدار اليوم سوف يقل الزحام بالضرورة وأيضا سترتفع الحالة المعنوية للموظف مادام يذهب لعمله في وقت مناسب له ومن اختياره وستزيد إنتاجيته وستتحسن الخدمات المقدمة للمواطنين في المصالح الحكومية .. وهو المطلوب.

أتمنى أن يتبنى هذه المبادرة أحد رجال الأعمال الأذكياء حتى يكون نموذج إيجابي لحل أزمات المرور وتأخر الموظفين عن المواعيد المحددة للحضور إلى مكان العمل والتي جرى العرف على توحيدها في كافة الأماكن بدون مبرر واضح خاصة في ظل هذا الإنفجار السكاني الرهيب الذي تشهده مصر والذي يأكل الأخضر واليابس ويجعل من التنمية وتحسين أحوال المعيشة من رابع المستحيلات.

علينا أن نضع يدنا في يد الحكومة .. لبحث وتطبيق حلول مبتكرة .. لحل مشاكل المرور والزحام .. ولتكن البداية حل مشاكل المرور من خلال المبادرات الأهلية ونضع أيدينا في يد الحكومة ثم ننتقل الى باقي المشاكل بنفس آلية (يد في يد ) ونساعد أنفسنا ولا ننتظر من الحكومة أن تحل كل مشاكلنا .. والله المستعان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط