الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تفتيت العراق وقيادة إسرائيل للمنطقة


من يتابع إصرار أكراد العراق ، على تنظيم إستفتاء يوم 25 سبتمبر الحالي بأمل إنفصال محافظة كركوك الغنية بالثروات البترولية عن العراق ، يدرك جيدا ، أن مخطط الشرق الأوسط الجديد، الذي أعلنت عنه وزيرة خارجية أمريكا السابقة ، كوندوليزا رايس خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي الأسبق ، جورج بوش الابن ، يسير بخطى ثابتة كما هو مخطط له.

كما يعيد هذا الإستفتاء المرتقب للأذهان تعقيب رئيس وزراء إسرائيل الراحل ، شمعون بيريز، عندما سئل عن الشرق الأوسط الجديد فقال " لقد جرب العرب قيادة مصر للمنطقة لمدة 50 عاما فليجربوا قيادة إسرائيل إذن" .

كما يأتي الإصرار على تنظيم هذا الإستفتاء في كركوك ،التي تمتلك أكثر من 15 في المائة من إحتياطي العراق من النفط و الغاز، بعد مرور عام على إحتضان العاصمة الأمريكية، واشنطن، لأجتماع ضم رؤساء إستتخبارات الدول الغربية الرئيسية على رأسهم رئيس المخابرات الفرنسية، بيرنار بوجوليه، و رئيس المخابرات الأمريكية آنذاك، جون برينان ، و بحضور رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي ،يوسي كوهين .

و قد أكد رؤساء أجهزة التجسس في هذه الدول ، أن الشرق الاوسط الجديد، أصبح قريب المنال أكثر من أي وقت مضى . و لا أدل على ذلك ،من مضمون كلمات كلا من رئيس الإستخبارات الفرنسية ،بيرنار بوجوليه، و نظيره الأمريكي ،جون برينان . فقد أعرب الرجلان خلال إجتماع واشنطن عن ثقتهما التامة بأن الشرق الأوسط الذي إعتاد عليه العالم بعد الحرب العالمية الثانية قد ولى بغير رجعة ، وأن الشرق الأوسط الجديد قادم لا محالة.

و قال بوجوليه خلال هذا الإجتماع " أن الشرق الأوسط الذي نعرفه إنتهى إلى غير رجعة، و أن دولا عديدة في المنطقة خاصة العراق و سوريا لن يستعيدا أبدا حدودهما السابقة " . وأخذت كلمة رئيس وكالة الإستخبارات الامريكية في ذلك الوقت ،جون برينان ، نفس المنحى حيث قال "أن الشرق الاوسط الذي نعرفه أوشك على التغير و بدأ يأخذ شكله الجديد" .و أضاف برينان عندما أنظر إلى الدمار في سوريا ، و العراق، و ليبيا، و اليمن ، يصعب علي تخيل وجود حكومة مركزية في هذه الدول قادرة على ممارسة سيطرة أو سلطة على هذه الحدود التي رسمت بعد الحربين العالميتين الاولى و الثانية .

و تتطابق إستراتيجية قادة المخابرات الفرنسية و الأمريكية، مع رؤية رئيس كردستان العراق ، مسعود برزاني ، الذي أكد في تصريحات في نهاية الأسبوع الماضي أنه ولد لينجز إستقلال كردستان ثم وجه كلامه للمجتمع الدولي قائلا "على المجتمع الدولي تقبل أن سوريا و العراق لن يعود أي منهما دولة موحدة من جديد" في إشارة واضحة إلى رغبة الأكراد في شمال سوريا في المطالبة هم أيضا بالإنفصال . و أضاف برزاني سواء قبل قادة العالم أو لم يقبلوا ، فإن حلم الأكراد بتشكيل كردستان العراق المستقلة ، سيصبح حقيقة خلال السنوات القادمة.

و السؤال الآن ، ماذا سيحدث لو رفضت الحكومة العراقية تمزيق العراق بعدم الإعتراف بنتائج الإستفتاء لو أقر الإنفصال . الإجابة صدرت من أفواه المسئولين العراقيين ، الذين حذروا بقوة ، من أن الإنفصال سيعني وقوع العراق في براثن حرب أهلية . و يتوقع خبراء يتابعون خطوات تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير أن تنتهي الحرب الأهلية في العراق، في حال وقوعها ، بنفس سيناريو الحرب الأهلية في السودان و التي أسفرت عن إنفصال جنوب السودان عن الوطن الأم . و بتطبيق سريع لسيناريو السودان على العراق سنجد أن الإتهامات ستطال المسئولين العراقيين ، بالإبادة الجماعية و بالتطهير العرقي ضد الأكراد و سوف تصدر عقوبات على القادة العراقيين .

وهنا ستطالب منظمات حقوق الإنسان بمحاكمة القادة العراقيين أمام المحكمة الجنائية الدولية . و ستطالب الدول الغربية في هذه الحالة من كل دولة يذهب إليها مسئول عراقي، أن يتم تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته بتهمة الإبادة الجماعية و التطهير العرقي للشعب الكردي. و يتوقع أن ينتهي هذا السيناريو بإنفصال كردستان العراق تمهيدا لضمها في مراحل لاحقة للأكراد في دول أخرى في إطار مخطط إقامة الدولة الكردية الكبرى في إطار مؤامرة الشرق الأوسط الجديد .

و لذلك عندما يقول شمعون بيريز " لقد جرب العرب قيادة مصر لمدة 50 عاما فليجربوا قيادة إسرائيل إذن " فأنه ليس مستغربا على الإطلاق أن تتعرض مصر لمؤامرة تستهدف إضعافها على جميع المستويات و تجريدها من قيادتها لأمتها العربية لتسهيل تطبيق التجربة الإسرائيلية التي تعني تفتيت الدول العربية على أسسس عرقية ، و دينية ، و مذهبية ، وعشائرية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط