الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مخرج فيلم "عن يهود مصر" يرفض عرضه في إسرائيل


أكد مخرج فيلم (عن يهود مصر)، إنه لن يوافق على عرض فيلمه في إسرائيل -إذا طُرح عليه هذا الأمر- لأن الفيلم عن مصر والمصريين وعرضه في إسرائيل سيفقد قضية الفيلم أهميتها.
وقال المخرج السينمائي أمير رمسيس "أدرك تماماً أنه مع عصر الإنترنت سيراه الجمهور هناك شئت أم أبيت عندما يعرض على الفضائيات العربية أو على الإنترنت"، موضحاً أن ذلك "لن يكون بعرض منسّق من جهتنا بأي حال".
ويتفاوض رمسيس حاليا بشأن عدد من العروض للفيلم في مدينة سيتجس الإسبانية بالقرب من برشلونة في المهرجان الخاص بسوق الفيلم المتوسطي (ميديميد). ويعمل حاليا على أن يعرض الفيلم في قاعات العرض السينمائي في القاهرة في ديسمبر المقبل.
كان الفيلم الوثائقي (عن يهود مصر) -95 دقيقة- عرض لأول مرة للجمهور يوم السادس من أكتوبر الجاري ضمن فعاليات مهرجان الفيلم الأوروبي بدعوة من مؤسسة ومديرة المهرجان المنتجة ماريان خوري.
وكان الإقبال الشديد على مشاهدة الفيلم دفع إدارة المهرجان لعرضه ثلاث مرات في نفس اليوم ليتمكن أكبر عدد ممكن من الجمهور من حضور العرض داخل القاعة التي تتسع لمئتي متفرج، إضافة لمن قرر الدخول ومشاهدة الفيلم وقوفاً أو جلوساً على الأرض.
عرض الفيلم -الذي أنتجه هيثم الخميسي وألّف موسيقاه- شهادات اثنتي عشرة شخصية من اليهود المصريين ممن دُفعت أسرهم أو أجبرت مباشرة على مغادرة مصر في النصف الثاني من الخمسينيات ويعيش معظمهم حاليا في فرنسا وحصلوا على جنسيتها.
من أبرز ما قدمه الفيلم أنه كشف ووثق قصة حصول هنري كورييل المفكر اليساري أثناء تواجده في فرنسا على خطة العدوان الثلاثي على مصر قبل حدوثه.
وروت الناشطة اليسارية جويس بلاو في شهادتها أنها استقلت القطار إلى روما آنذاك لتسلم خطة العدوان لثروت عكاشة (وزير الثقافة في عهد عبد الناصر).
وقال رفعت السعيد رئيس حزب التجمع في شهادته في الفيلم إن "ثروت عكاشة سلم البيانات وطلب من عبد الناصر أن يعطي الجنسية المصرية مرة أخرى لهنري كورييل تكريما له" وأضاف: "لكن لم يحدث".
ووثّق الفيلم شهادات عدد من السياسيين والخبراء المصريين في الموضوع منهم الطبيب والسياسي محمد أبو الغار مؤلف كتاب "يهود مصر من الازدهار إلى الشتات " الصادر عام 2005 وأحمد حمروش أحد الضباط الأحرار في ثورة يوليو 1952 ورفعت السعيد رئيس حزب التجمع، والباحث في التاريخ عصام فوزي.
وسجّل الفيلم -الذي استغرق العمل فيه ثلاث سنوات (2009-2012)- ذكريات اليهود المصريين عن مصر وعلاقتهم بالمجتمع في فترة الأربعينيات والخمسينيات قبل رحيلهم وعلاقتهم بهويتهم المصرية اليوم.
كما أشار الفيلم من خلال حكايات إنسانية مختلفة إلى نماذج من عمليات التهجير القسري والعشوائي التي جرت لليهود المصريين والإجبار على التوقيع على التنازل عن الجنسية المصرية وعلى التعهد بعدم العودة لمصر. في نفس الوقت أشار الفيلم إلى الحياة الطبيعية المنسجمة التيشهدها اليهود المصريون في مصر قبل عام 1954 في مقابل تجارب اضطهاد مريرة عاشها اليهود في بلدان أوروبا الشرقية ومناطق أخرى من العالم.
وكانت تفجيرات فاشلة عرفت باسم "فضيحة لافون" (نسبة إلى اسم مخطط العملية وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك بنحاس لافون) قد وقعت في مصر صيف عام 1954 وكشفت السلطات المصرية عن تورط يهود مصريين في تنفيذها. واعتبر محللون القضية نقطة فاصلة في حياة اليهود في مصر الذين حدثت بحقهم لاحقاً عمليات تهجير عشوائية تصاعدت وتيرتها عقب العدوان الثلاثي (البريطاني- الفرنسي- الإسرائيلي) على مصر عام 1956.
واستطلع صناع الفيلم آراء عينة من المواطنين المصريين في الشارع عن اليهود وجاءت الردود تنم عن عداء مبني على الاختلاف الديني وليس السياسي مثل "أعداء الإسلام في كل حاجة دين ودنيا"، "اليهود دول ملعونين، ده مش كلامي". ومثل ما قاله بائع صحف "ليلى مراد كويسة. برضه يهودية؟ تبقى مش كويسة".
وأشار الفيلم إلى زيارة الرئيس المصري الأسبق محمد نجيب للمعبد اليهودي فور توليه الحكم وتعنيفه للشيخ الباقوري -شيخ الازهر آنذاك- لأنه أساء لليهود في أحد أحاديثه. كما رويت في الفيلم قصة استجلاب نجيب للدقيق الخاص بصناعة طعام الكوشير من الخارج في مناسبة عيد يهودي عندما كانت البلاد في أزمة وكان هذا الدقيق غير متوفر، باعتبار أن عيد يهود مصر هو عيد مصري والتزام على الدولة توفير مستلزماته.
وفي سياق شرح طبيعة علاقة الرأسماليين من اليهود المصريين بنظرائهم، ألقى الباحث عصام فوزي الضوء في الفيلم على دور (شيكوريل) صاحب المحلات الشهيرة الذي كان واحداً من مؤسسي بنك مصر وعضوا في مجلس إدارته وأحد المقربين من مؤسسه طلعت حرب.
وأوضح فوزي أن بنك مصر كان أنشئ عام 1920 "لمحاولة خلق رأسمالية مصرية تواجه الرأسمالية الأجنبية التي تحول الأموال المصرية للخارج". وخلص إلى أن "شيكوريل لعب دوراً يوازي دور أي مصري".
وكان المخرج أمير رمسيس نجح في تبديد مخاوف عدد قليل من اليهود المصريين الباقين في مصر لتسجيل شهاداتهم وعرضها في الفيلم من خلال عرض ما سجله عليهم وتأكيده على استقلالية رؤية الفيلم، من بين هؤلاء ألبير آري وناولة درويش إضافة لعشرة من اليهود المصريين الآخرين المقيمين في فرنسا.
واعتبر السياسي والإعلامي عمرو حمزاوي -الذي كان ضمن مشاهدي الفيلم- أن العمل "يوثق لحالات يهود مصر في القرن العشرين والتحولات المأساوية التي حدثت لهم عندما هجروا قسراً في الخمسينيات" مشيراً إلى أنهم "أخذوا بجرم لم يرتكبوه بينما كان كثير منهم رافضين لإقامة دولة إسرائيل."
وأضاف أثناء حوار أجراه مع مخرج الفيلم على قناة سي. بي. سي أن الفيلم هو "خطوة للأمام في التعامل مع هذا الملف المعقد الذي كانت تتم مصادرته لصالح أجندات وتخويف" مضيفاً أن "الجوهر هو أنها قضية مواطنين مصريين".
واختتم حمزاوي أنه يعتبر أن الفيلم "دعوة للسماح بالعودة وزيارة مصر" في ظل "عدم تسييس القضية لا من قبل إسرائيل ولا من أي قوى أخرى".