الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رائد مقدم يكتب: حقوق الإنسان «غاية أم وسيلة»

صدى البلد

بالنظر إلى المواثيق والعهود المعلنة من لدن الأمم المتحدة منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي صادق عليها أغلب الدول العربية ـ يبدوا السؤال أعلاه متجاوزا.

إلا أن بعض الوقائع والأحداث الأخيره والتي كان عنوان حقوق الإنسان هو المدخل السحري لها والتي كانت السبب في مشاكل كبري لبعض الشعوب وصلت الي الاطاحه ببعض الدول وتقسيم بعضها الآخر بل وخروج دول الي معارك لم تعود منها بعد
و هذا، يدفعنا إلى اعتبار السؤال/العنوان أعلاه، مفتوحا لحد الساعة.

حين ندعو إلى جرجرة أحدهم إلى المقصلة واقعيا أو رمزيا، أو الاعتداء عليه ماديا أو لفظيا، بعد أن عبر بشكل سلمي عن فكرة أو موقف أو تصور حول قضية من القضايا المتعلقة بالشأن العام، على اعتبار الرأي المعبر عنه مستفز لمشاعرنا أو لا يتوافق وقناعاتنا؛
حين لا نقف عند حدود الحق في التعبير السلمي عن رفض هذا الموقف أو ذاك، والتعبير عن رأي مخالف والتدافع للدفاع عنه، دون المرور إلى إرهاب خصومنا الفكريين؛
حين ننصب أنفسنا أوصياء على الأفراد ونفرض عليهم خطوطا حمراء للتفكير والسلوك لا يجوز لهم تخطيها؛
حين نخوض حروبا طاحنة تأتي على الأخضر واليابس، بسبب شعارات جوفاء أو أفكار نروج لها.دون النظر الي الظروف المجتمعيه والثقافيه للشعوب ونعتقد أنها الحقيقة المطلقة التي لا يخالطها الباطل مطلقا.. كل هذا وغيره، يفضح خللا ما في تفكيرنا ورؤيتنا، يدفعنا إلى إعادة التفكير في الأطر المرجعية التي تؤثر علي سلوكنا أفرادا وجماعات.

لن أتمادي في المسألة كثيرا، لأنها جد معقدة، وقد تصدى لها العديد من مفكرينا دراسة وتحليلا ، ومن وجهات نظر متعددة تاريخية نفسية واجتماعية.. ووصلوا إلى العديد من الاستنتاجات التي تسعفنا في فهم الظاهرة ومن تم تجاوزها. من جهتي، سأكتفي فقط، بتسليط الضوء على القضية التي تثير اهتمامي، وهي المتعلقة بالشق السياسي، مادام، هو خط التماس بين التيارات الفكرية التي تتنازع المجتمع،
تنطلق كل الحركات السياسية من فكرة تحرير الإنسان من أغلال الاستبداد المسلط عليه من طرف حاكم أو عائلة أو طبقة أو استعمار.. فتجتهد في الترويج لتصوراتها ومحاولة إقناع المضطهدين بوجاهة فكرتها باستخدام قوة المنطق؛ وكلما كانت قوة الحجة كبيره. وكاريزما متزعمها قويا، إلا واستطاعت استقطاب أعدادا كبيرة من المريدين والأنصار والمتعاطفين.

ومن الدعوة، تنتقل الحركة ـ إذا استطاعت، تعبئة أعداد كبيرة من الناس، الي محاولة هزيمة السلطه.تحت إدعاء إنها الافضل والأجدر لإدارة البلاد والحفاظ علي حقوق الإنسان والإكثار من الوعود المطلقه بتحسين حالة الجماهير السياسيه والاقتصادي والاجتماعيه وبالتأكيد في حالة إنتشار الأميه والجهل ينجذب أغلب البسطاء الي حلم المدينه الفاضله دون التحري او التقصي عن مردد هذه الشعارات.ودون معرفة خلفيته الثقافيه والإجتماعيه .، وللاسف يترك أغلب البسطاء وعيهم لهؤلاء الاشخاص ليتم تشكيله حسب اهدافهم ورغباتهم ليصبح الانسان وحقوقه هي وسيله في يد المتاجرين بهم ليصلوا به الي أهدافهم سواء كانت سياسيه او اقتصاديه.وسواء كانت اهداف شريفه أو خبيثه. فتتحول شيئا فشيئا من الاعتماد على قوة المنطق إلى منطق القوة،وتبدأ في ارهاب كل من يخالفهم الرأي واعتبار كل من في السلطه هو فاسد بل وشيطنة كل مسؤول حتي نفاجأ بالفوضي العارمه التي تجتاح كل شيئ وتطيح بكل أحلام البسطاء الذين فقدوا كل شيئ حتي ماضيهم الذين كانو يشكون منه.

فتتحول الشعارات من خدمة الإنسان إلى اعتباره خادما لها.

هكذا، يصبح الإنسان خادما، لفكرة كانت في الأصل، طوق نجاته من الاستعباد والسخرة.
ولكن لكل وطن خصوصياته وثقافته واعرافه التي يجب احترامها عند الترويج الي افكار أكثر تحررا .ويجب مراعاة ظروف الشعوب التعليميه والثقافيه التي تؤثر في تصرفاتهم في حالة حدوث الفوضي.ويجب ايضا عدم اختزال حقوق الانسان في الحريات الدينيه والتعبير عن الرأي والحقوق السياسيه بل يجب ان تشمل الحقوق كل احتياجات الانسان من مسكن ومأكل ومشرب وأمن وعلاج واستقرار .واخيرا أتذكر حديثي مع رئيس الحزب الشيوعي الصيني الحاكم في أحد المؤتمرات التي جمعتنا سويا.حين وجهت له الكلام معاتبا علي إنعدام الحريات التي يعيش فيها المجتمع الصيني وقلت له اين حقوق الانسان في التعبير ومباشرة الحقوق السياسيه والانتقال السلمي للسلطه وحرية الاعلام ووسائل السوشيال ميديا .فكان رده بسيطا وقويا حين قال لي لا تسألني عن إي حقوق قبل أن أوفر له الحق في التنميه أولا.
تنميه اجتماعيه وثقافيه وماديه وبعدها يصبح مؤهلا الاستقبال المزيد من الحقوق فإعطاء الحريه المطلقه لشعب جاهل أشبه بأعطاء سلاح لشخص مجنون.