الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ميركل نصيرة المهاجرين المسلمين!!


على الرغم من موجة الانتقادات العنيفة التي واجهتها في السنوات الأخيرة داخل ألمانيا وخارجها، تمكنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، من الحفاظ بيدها على زمام الأمور في بلادها.

مع تقدم التحالف المسيحي بزعامة ميركل في الانتخابات البرلمانية التي جرت في ألمانيا مؤخرًا، تتحول آفاق توليها منصب المستشارة الألمانية للفترة الرابعة على التوالي إلى أمر شبه واقع، وذلك في انتصار مهم يؤكد قدرتها على التعامل مع كل التحديات التي تهدد موقفها السياسي.

بفوزها في هذا السباق الانتخابي أثبتت ميركل أن تصدرها قائمة "فوربس" لأكثر النساء نفوذًا في العالم 11 مرة، بما في ذلك خلال السنوات الـ7 الأخيرة دون انقطاع، ليس ناجما عن سلسلة مصادفات، بل يعد نتيجة لإنجازاتها في الحياة السياسية الدولية، إذ لم يعرف مواطنو البلد الأوروبي الأقوى اقتصاديًا غيرها في الحكم منذ العام 2005، حينما أصبحت ميركل أول امرأة تولت منصب مستشار ألمانيا.

ولدت ميركل عام 1954 بمدينة هامبورج في عائلة القس البروتستانتي من الأصول البولندية، خورست كاسنر، التي انتقلت بعد عدة أشهر إلى ألمانيا الديمقراطية الشيوعية، التي نشأت فيها المستشارة المستقبلية.

وعملت أنجيلا ميركل نادلة في حانة بينما كانت تدرس الفيزياء في مدينة تيمبلين بألمانيا الشرقية، وانتقلت فيما بعد للعيش في برلين، وكانت في طفولتها الطالبة الأولى على مدرستها، وكانت ترغب في أن تصبح معلمة، لكن هذا الحلم تبدد بعدما اعتبرت الحكومة الشيوعية أسرتها مشتبها بها، لذلك فقد درست الفيزياء ومارست عملًا لبعض الوقت في حانة.

ميركل، التي بدأت مسيرتها الاحترافية في مجال العلوم وحصلت على شهادة الدكتوراة في الفيزياء عام 1986، لم تنخرط في الحياة السياسية إلا بعد سقوط جدار برلين عام 1989، حيث التحقت في هذه الفترة بحزب "الصحوة الديمقراطية" وتولت منصب مساعدة في مكتب رئيسه، فولفجانج شنور، لتنضم بعد مرور عام إلى حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي"، الذي تزعمه آنذاك المستشار الألماني هلموت كول، وذلك قبل شهرين من توحيد ألمانيا.

وتمكنت ميركل في أواخر العام ذاته من الفوز في الانتخابات النيابية عن إحدى دوائر ألمانيا الجنوبية، وهي اللحظة التي بدأ منها ارتقاؤها الاحترافي الخاطف، ففي عهد المستشار السابق هيلموت كول، تولت ميركل عام 1994 حقيبة وزارة البيئة والسلامة النووية، وهو منصب يتلاءم مع الدكتورة في الفيزياء، وبعد خسارة كول في الانتخابات البرلمانية عام 1998، رأت ميركل في ذلك فرصة لتعزيز مركزها في حقبة ما بعده.

وانتخبت السياسية الألمانية في أبريل عام 2000 رئيسة جديدة للحزب الديمقراطي المسيحي، كما تم تقديمها في الانتخابات البرلمانية لعام 2005 كمرشحة لمنصب المستشارية ونجحت في ذلك بعد تشكيلها لتحالف كبير مع "الحزب الديمقراطي الاشتراكي".

عام 2009 انتخبت ميركل لولاية ثانية، لكن التحالف الذي شكلته مع "الحزب الديمقراطي الحر" القريب من عالم الأعمال، أثار لها بعض المشاكل، ولذلك بعد انتخابها لولاية ثالثة عام 2013 عادت للتحالف مع "الحزب الاشتراكي الديمقراطي".

مع سنوات الحكم التي تولتها، والتي هي الأطول بين غالبية قادة العالم النافذين، قد تكون ميركل أول زعيمة ألمانية عالمية.

ميركل واجهت أكبر تحدٍ لها كمستشارة مع تدفق المهاجرين واللاجئين بأعداد كبيرة إلى أوروبا، ومع فتح حدود ألمانيا لأكثر من 800 ألف مهاجر، مع قولها عبارة "سنتدبر الأمر" عام 2015، أشاد بها المجتمع الدولي، لكن الانتقادات طالتها في عقر دارها، وهذا الأمر أدى لتقوية الشعبويين واليمين المتطرف، وقد فاز "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي بأولى مقاعده في البرلمان مع سياسته المعادية للهجرة والإسلام، إلا أنه حتى هذا التغير في الحياة السياسية الألمانية لم يجعل ميركل مهددة بفقدان منصب المستشارية.

وأظهرت ميركل دبلوماسيتها وحنكتها في إدارة الأزمات بعد أن طفت على السطح فضيحة تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على ألمانيا، حين احتجت المستشارة الألمانية على ذلك، وأكدت أن التنصت غير مسموح به أبدًا بين الأصدقاء، وأن الحرب الباردة قد انتهت.

وتظهر المستشارة الألمانية، كقائد فذ للاتحاد الأوروبي، خاصة عندما تمسكت بموقفها وأكدت صلابة الخيار الأوروبي، فمنذ 2008 وهي تدير الأزمة اليونانية وتحاول إنقاذ منطقة اليورو، وشددت على أن السياسة الألمانية تهدف إلى بقاء اليونان في منطقة اليورو، مشيرة حينها إلى أن المبادئ الراسخة تعتمد على الجهود الذاتية من جهة وعلى التضامن من جهة أخرى.

من كل قلبي: هل سياسة ميركل التي يطلق عليها "الميركيلية" نسبة إلى اسمها، كونها تلتزم الصمت في البداية وبعد ذلك تعبر عن غضبها بوضوح، تستطيع مواجهة المشاكل التي ينويها حزب اليمين المتطرف (المعادي للإسلام والمهاجرين) وهل ستحكم بنفس القوة في ظل وجود هذا الحزب في البرلمان؟ أعتقد الأيام المقبلة وحدها إما ستبدد تلك المخاوف أو تؤكدها!!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط