الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نصر فتحي اللوزي يكتب : يا عزيزى ... نحن في حاجة إلى عبور جديد

صدى البلد

يا عزيزى ... نحن فى حاجة الى عبور جديد.

* فى مثل هذا اليوم من كل عام منذ 44 عاما ... تنتابنى احاسيس ومشاعر أحيانا تتعانق مع بعضها بالفخر والعزة والكرامة ... واحيانا ترسم وشما على قلبى حروفا تتشاجر مع بعضها البعض وتطلق آهات الحزن ... فما بين عام 1967 ... عام الابتلاء بفقد جزء عزيز من جسد الام المصرية ... ارض سيناء ... وعام الفخر واسترداد الكرامة المسلوبة فى السادس من اكتوبر 1973 العاشر من شهر رمضان المعظم.

ما بين العامين بذل الشباب (وانا واحد منهم ) كل الجهد المتوج بالعرق الذى عطر الاجساد صيفا وشتاءا فى سنوات التدريب لاعادة بناء جيش قوى ... يؤمن كل فرد فيه بحب الوطن والذوبان انتماءا فى ترابه ... خضنا حرب الاستنزاف.

حققنا نصرا مؤزرا فى صباح كل يوم ... تلقت اجسادنا اصابات (وانا واحد منهم) ... نزف الدم من ابدان الرجال (وانا واحد منهم) ليكتب على أرض مصر الاصرار وصدق العزيمة على تحقيق النصر ... وكان الشعار الذى حملناه فى قلوبنا (النصر أو الشهادة) ... كانت مصرنا الغالية تعلو كل الامال فكانت العقول والقلوب تهتف فى صمت (مصر أولا ... مصر دائما ... مصر اخيرا ).

نعم كانت مصرنا هى الأمل ... ومع أذان صلاة الظهر يوم السادس من اكتوبر 1973 ... تحركنا الى حيث الأماكن المحددة لنا ... وبعد سويعات قليلة ... اجسادنا سابقت الزمن ... وعبرنا إلى أرض الفيروز ... استنشقنا تراب ورمل سيناء ... وتحقق النصر ... (وما النصر إلا من عند الله) ... عشنا اياما لم نر خلالها إلا حب الوطن ... إيمانا بقول الله تعالى ( قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفى صدور قوم مؤمنين) صدق الله العظيم.

نعم استرد الشباب المصرى الكرامة المصرية والعربية ليس لمصر وحدها وانما للعالم العربى اجمع ... سطرنا بأرواح زملائى الذين استشهدوا ملحمة النصر المعطرة بدمائى ودماء زملائى على أرض الفيروز ... سبقتنا أحلامنا إلى عهد جديد نرى فيه ثمار ما زرعناه ... (واذا بالرياح تأتى بما لا تشتهى السفن).

فسوس الفساد ينخر فى عظام الاقتصاد المصرى ... وتنتشر الرشوة والمحسوبية كانتشار النار فى الهشيم ... الغنى يزداد ثراءً على حساب من يزدادون كل يوم فقرا ... فاطلقوا عليهم على استحياء (محدودى الدخل) والحقيقة انهم (منهوبى الدخل . مسروقى الدخل . موكوسى الدخل . محزونى الدخل) بفعل سوء تحقيق العدالة الاجتماعية ... وتم اطلاق نداءات لم يسمعها الا هؤلاء المتعوسى الدخل فشدوا الحزام ... تعلموا معنى التقشف سلوكيا رغم انوفهم.

وكان لابد من ثورة انقاذ للشعب المصرى فكانت ثورة 25 يناير 2011 ثم 30 يونيو 2013 التى قامت تصحيحا لثورة انقاذ مصرنا الغالية من الضياع ... لقد تنفسنا جميعا الصعداء ... لقد تجدد الأمل فينا من جديد لعودة مصر إلى أحضان المصريين الشرفاء.

وبدأت الحرب على الفساد التى تزامنت مع اقامة المشروعات القومية الكبرى باموال مصرية ... وعقول مصرية ...وايادى مصرية... وارادة مصرية ... ونجح الشعب المصرى فى عودة مصر الريادية الى المحافل الدولية عربيا وافريقيا وعالميا ... واستعادت مكانتها التى افتقدتها عمدا على ايدى الجماعة المارقة ... وكلهم ارهابيون مهما اختلفت الاسماء التى ينتسبون إليها.

وفى خضم هذا المشوار انسلخ المصرى من القيم والاصول والمثل والمبادئ التى تربينا عليها منذ نعومة أظافرنا (الا القليل منهم ومن رحم ربى) ... فتحقق بسوء سلوكياته الانهيار وليس الانفلات ... صرخنا ... اين الشهامة المصرية ... أين الأدب وحسن الخلق ... أين حلاوة اللسان ... اين حمرة الخجل ... لقد انهار الانسان المصرى ... وكان من علامات الانهيار على سبيل المثال لا الحصر تناسى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من لم يوقر كبيرنا .. ويرحم صغيرنا).

تناسوا ان كبار السن المتبيقين على قيد الحياة فى المجتمع المصرى هم الذين ارسوا قواعد الامن والامان لكل من يصغرونهم سنا ... تلك الفئة من كبار السن يعانون بل يحتل الحزن قلوبهم على معاناتهم مما يشاهدون ويسمعون من ( عفن ) الالسنة ... ماتت سمات الشخصية المصرية على اعتاب ( عدم الادب ) ... فكان ولابد من اعادة النظر فى ضرورة اعادة بناء الانسان المصرى اساس التنمية التى عادت بتعافى الاقتصاد المصرى.

نعم الانسان المصرى تحمل تكاليف الاصلاح الاقتصادى ... عانى ومازال يعانى الكثير من الارتفاع الجنونى فى الاسعار ... أليس من الأولى أن يتم إعادة بناء الإنسان من جديد على أسس القيم والأصول والمثل والمبادئ المصرية والعربية الإنسانية من جديد ؟.

نحن فى حاجة الى عبور جديد ... عبور من السكوت على الفساد بالتعاون مع الاجهزة الرقابية وفى مقدمتها الرقاية الادارية الحصن الحصين وجيش الحفاظ على المكاسب المصرية فى جميع الانشطة ... نحن فى حاجة الى عبور جديد من ( عدم الادب ) الى التحلى بكل عناصر ( الادب ) ... نحن فى حاجة الى عبور جديد بقانون يحمى ( كبار السن ) من سفالة بعض من تناسوا انهم اصحاب فضل بل افضال على كل من يصغرهم سنا ونحن لا نمن على مصرنا بما قدمناه وانما نذكر من تناسوا ادوارنا واين هم من رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ...نحن فى حاجة الى عبور جديد من ( اطلاق التصريحات ) ... الى تطابق ( التنفيذ ) مع ماتم التصريح به ... فاذا انفصل السلوك عن الفكر والقول فتلك هى الطامة الكبرى ... نحن فى حاجة الى العبور من ( معاناة ) الشعب المصرى المعيشية ... الى تحقيق الاحتياجات الانسانية كما جاءت بسلم ماسلو ... ولن نجهض حق القوات المسلحة فى ذلك ببذل كل الجهد فى الوقوف امام ارتفاع الاسعار بمنافذ الجيش ونأمل المزيد ... نحن فى حاجة الى عبور جديد من ( موت الضمير ) الى انعاش ( صحوة الضمير ) لتحيا مصر بروح اكتوبر 1973 الذى مازال جيله يعيش بها زارعا الامل فى غد افضل .