الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: ما بين التسامح والنسيان‎

صدى البلد

نحن نعيش في عالم يقوم على العلاقات بين البشر وتكوين روابط اجتماعية بين الناس وبعضها ،فقد خلقنا الله في هذا الكون من أجل تعميره وجعل لكل منا دور لن يكتمل إلا بوجود الآخر، فأنت طوال الوقت في حاجة إلي شخص أو مجموعة أشخاص مع بعضهم البعض، فقد يكون هذا الشخص متجسد في صورة أب، أم ،أخ، أو صديق.

فالإنسان الذي يظن أنه قادر على أن نعيش وحيدًا منعزل عن العالم المحيط به هو في الأغلب شخص مريض لأنه لا يوجد شخص سوي لايرغب في التفاعل مع المجتمع ولايسعي أن يكون عضو نشط داخل المنظومة البشرية التى تشكل المجتمع بمختلف طوائفه وألوانه.
فالعلاقات البشرية أشبه بالمغناطيس تنجذب أحيانًا وتتنافر في أحيان أخري، وتستمر الحياة علي هذه الوتيرة بين الإيجاب حينًا والسلب حينًا آخر وكل ما علينا فعله هو أن نتكيف معها وننسجم مع أوتارها حتى نسايرها ونتقبل قوانينها كما هي دون تغيير أو تعديل فيها.

فعندما تنجذب العلاقات فيما بينها يصبح كل شئ على مايرام ،ولكن في حالة التنافر يصبح لكل منا أسلوب يتبناه معبرًا به عن هذا التنافر

فالبعض قد ينسحب معلنًا انهاء العلاقة ويعتبر هذا النوع أفضل أنواع التنافر حيث يكون أقل وطأة لأنه قرار مباشر وصريح،في حين أن البعض الآخر يتظاهر بالاستمرار وبداخله إحساس بالبغض تجاه الطرف الآخر،وهذا النوع من العلاقات يصعب تقييمه فهي علاقة مبهمة لاتنتمى لفريق الصداقة ولا لفريق العداوة، علاقة رمادية تتأرجح بين هنا وهناك.

وقد تلجأ بعض الناس إلي هذه النوعية من العلاقة ليست لعدم قدرتها علي الفراق أو ضعف منها حيال الطرف المقابل، ولكن من أجل الحفاظ على علاقة قد تكون دامت لسنوات طويلة لاسيما كانت هذه العلاقة قوامها روابط الدم والقرابة، فنضطر حينها أن نتجاوز الخطأ الذي اقترفه الآخر اتجاهنا ونتغاضي عنه من أجل البقاء والاستمرار.

قد نتسامح حتى تسير الحياة وقبل كل هذا من أجل إرضاء الله سبحانه وتعالي ،ولكن الأكيد أننا لا ننسي بنفس السهولة التى نتسامح بها ،فهناك أخطاء قد لاتغتفر طوال الحياة.

فالتسامح مع مرور الوقت قد يكون أمرا سهلًا ،ولكن أن تنسي فهذا يعنى أن تجبر قلبك علي مخالفة شعور بداخلك متمكن منك طوال الوقت وتتجلي ملامحه بوضوح من خلال معالم الأسي والألم التى تسكن صاحبها ،ولذلك من الصعب بل يكاد يكون مستحيل أن نميت بداخلنا أحاسيسنا الحقيقة ومشاعرنا الصادقة من أجل أن نتظاهر بالنسيان.

ما بين التسامح والنسيان هو رحلة طويلة يسير فيها من وقع عليه الظلم محاولا منه أن يدرب نفسه قدر المستطاع علي الغفران وأن يترفع عن أخطاء البشر ويسمو بروحه حتى يصل في نهاية الرحلة إلي النسيان الذي يكمن في محو كل ما تسبب لنا من ضيق و أذي جراء تصرفات البشر البغيضة لا إلي التناسي الذي يجبرنا عليه بعض الناس من أجل التظاهر به والتعامل معهم وكأن شيئا لم يكن.