الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الطريق الى كُردستان يمر عبر لبنان


أليس غريبًا أن يُصرح وزير الدفاع الاسرائيلي أفيجدور ليبرمان بأن الجيش اللبناني أصبح جزءا لا يتجزأ من حزب الله اللبناني، المدهش هنا ليس في ربط اليمينى المتطرف ليبرمان بين الجيش اللبناني وحزب الله، وإنما في أن ليبرمان اقحم الجيش اللبناني الذى يتم تسليحة أمريكيا في حرب إقليمية مقبلة، تستعد اسرئيل لخوضها ، ثم أنهى تصريحاته و رسائله بأن قال "هناك سيناريو محتمل لخوض حرب، موضحًا أن الواقع الحالي يخلق تحديات كبيرة خاصة في القطاع اللبناني والسوري الذى يعتبر جبهة واحدة".

يبدوا واضحًا أن إسرائيليين لا يريدون حربًا على حزب الله فقط، ولا حتى حربًا محدودة، أنها حربًا يتوقع أن تتسع فيها مجالات الحرب ووسائلها لتصل الى ابعاد أخرى.

18 سبتمبر الماضى افتتحت أمريكا قاعدة صواريخ دفاعية في إسرائيل، وهى السابقة الأولى التي تحدث فيها هذه النقلة النوعية، وكانت رسالة تقول بوضوح أن أمريكا ستقوم بردع الهجوم المضاد بالصواريخ في حالة نشوب الحرب.

السؤال هنا، هل نحن بصدد خطة أمريكية إسرائيلية أوسع من فكرة اللعب على توازنات الصراع الداخلي السوري واللبناني، وأننا أمام عملية توسيع لحالة الفوضى مع دمج الساحتين السورية واللبنانية في صراع عسكري شامل واحد، عرقى ومذهبي، نجد فيه ميليشيات مسلحة لكل الطوائف في التركيبة السكانية في البلدين العربيين.

ليس من المنطقي اقحام الجيش اللبناني في حرب الهدف منها تحجيم حزب الله فقط، فالحقيقة أن ضرب الجيش اللبناني يؤدى بطبيعة الحال الى تقوية نفوذ حزب الله، الذى يستطيع تحمل العيش في بيئة الفوضى بعكس الجيش اللبناني الذى يمثل نقطة الارتكاز في الداخل اللبناني ، أو سميها نقطة التوازن.

هل نحن بصدد انهاء القضية اللبنانية والسورية، والانتقال منها الى ترسيم الحدود الجديد، على أعتبار أن الجيشين السوري واللبناني، أيا كان موقعهما في الصراعات الجارية الأن، يمثلان منظور السيادة الوطنية في البلدان وفكرة الدولة ذات الحدود التقليدية.

إذا خرج الجيش السوري واللبناني، من المعادلة الأن فلن يتبقى في المشهد على الأرض إلا قوات البيشمرجة الكردية والحرس الثورى الإيراني وحزب الله وميليشيات الجيش السورى الحُر التركية المنبع، وربما تحول حزب الكتائب اللبنانية الى الصورة المسلحة.

كُردستان العراق ستتمدد لتصبح كردستان سوريا والعراق، فالقواعد الامريكية التي انتشرت في مناطق الاكراد ستكون نقاط حماية للكيان الكُردى الجديد، وستتكفل حالة الفوضى بإنهاك الجيش التركى واخراجه من سوريا.

إسرائيل باتت ضمانة اقتصادية لكردستان، ويتضح ذلكمنمعطياتشركة ((كليبيرداتا)) الشركة الأمريكية المختصة بتعقب شحنات النفط العالمية، نحونصف النفط الخام المستخرج من حقول النفط الكردية في العام 2017.

إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي أعلنت عن دعمها لتنظيم استفتاء الاستقلال المثير للجدل الذي بادرت اليه حكومة إقليم كردستان الشهر الماضي.

ورغم أن المشترين في إسرائيل هم شركات الوقود الخاصة، الا أن هذه المشتريات تضخ أموالا كبيرة على إقليم كردستان وتمنح زخما فعليا لمقولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبيل الاستفتاء على الاستقلال بأن "إسرائيل تدعم الأدوات الشرعية للشعب الكردي كي يحصّل دولته الخاصة".

هناك سؤال أخير .. ماذا عن خطوط النفط التركية التي تنقل النفط من إقليم كردستان عبر تركيا وصولا الى إسرائيل، وحجم الاستثمارات الكبيرة لتركيا في إقليم كردستان، وهل استمرار العلاقات الاقتصادية التركية الكردية واستمرار تدفق السلع والمنتجات التي يعتمد عليها إقليم كردستان، هو بمثابة تراجع تركى عن الوقوف في مواجه الاستفتاء الكردي، على أعتبار أنه إقليم يحوى داخله تركمان وعرب سنة أو لنقل سيسعى الاتراك الى ضم العرب السنة ومعها الموصل الى الاقليم، أليس مريبا أن الاعتراض الحقيقي لتركيا الان هو على انفصال إقليم كردستان سوريا فقط، حتى وصل الى إعادة التدخل العسكريى في سوريا في أدلب .

الخلاصة .. هناك حرب إقليمية في الطريق ، وربما ستكون حرب اضطرارية لفك الاشتباك .. ما يمنعها حتى الآن .. إن الفوضى خلقت تداخل معقد لمصالح كل القوى الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط