الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يحيى ياسين يكتب : ثروات من "الهلس"‎

صدى البلد

نعم، أموالٌ وثرواتٌ من القُبح والهلس ليس لها مثيل، فإذ بى أفزع من سماعِ أرقام خيالية إثر نتائج فيلم هابط لا جدوى من مثله سوى نشر فكر الإرهاب أو البلطجة، بل العجبُ كلَ العجبِ من تكرار المحتوى مع تغيير عنوان الفيلم وبدون قصة مُوجّهه، وبطلٌ يغزو ثقافة الشباب من الجيل الصاعد ب "المطوة" فلا أعجب من رؤية الشباب يحملون أدواتٍ حادةٍ ويرتدون "سلاسل" كالجنازير فى أعناقهم لمواكبة التطور السينمائي والغزو الثقافى للعقول "تقليد أعمى".

"السينما" هى أقوى أدوات القوة الناعمة فاعلية، باتت لا تُقدم للترويج للثقافة العربية والمصرية سوى "الهلس"، فإذا ما قورنت السينما المصرية بنظيراتها الأمريكية فى المقدمة والتى تملك أكبر مدينة للإنتاج الإعلامى فى العالم "هوليوود"، تجدها فى انحدار ، فكثرت المحتويات التى تروج للثقافة الأمريكية والداعية لجذب السياحة واستقطاب العالم، بل وغزو ثقافتها كل منزل من خلال مجرد فيلم!، فكم من شاب فى مجتمعنا العربي لا يقلد الملبس الأمريكى من "حظاظة وسلسلة وإظهار البوكسر بل ربط حظاظة فى القدم" الأمر الذى بات جليا وسريع الانتشار فى الجامعات المصرية!، بخلاف إقبال مختلف طبقات المجتمع على الأغانى الأمريكية، والأخرى الثقافة الهندية التى تحتل المرتبة الثانية في العالم بمدينتها التى لا تقل ضخامة عن الأولى "بوليوود" فلا يخل مكان بالعالم لا ينتظر المزيد من المحتويات الهندية المختلفة، والذي رفع معدل السياحة بالهند بنسبة 30% خلال العقدين الماضيين.

ليس من شأنى تهويل الأمر أكثر مما بات عليه، فحال المجتمع يُرثي عليه من قلة الوعى وغياب الثقافة وضعف المحتوى المقدم من خلال السينما المصرية، بل يقتصر دورها على نشر الزيف والبلطجة غير مبالين بعواقبها سوى جمع أموال من "الهلس"، فلا تأتى الكوارث سوى منها، فلا أتعجب أيضا من حديث ناقد سينمائي يوضح أن 60 % من المحتوى السينمائى قائم على جذب المشاهدة ويحرض على العنف إذ يُقبل عليه النشأ الجديد فيقلد دون أن يجادل حتى يصبح " على الموضة".

أبطالٌ من "الهلس" صُنعوا ولا زالوا يُصنعون فبات الفقير منهم فى ثروة وشهرة من البلطجة!، ألا ليت يُدرك منتجو هذه الأعمال مدى تبعات ما يقدمونه فى تلويث ثقافة جيل بأكمله وقلب ثوابت الدين والمجتمع، والتحريض على أمن الوطن بكثرة مقلدى تلك الأعمال فى صنع المزيد من البلطجية والإرهابيين.

فهل يقتصر "الهلس" على صانعى السينما فحسب؟، بلى كل من وجد نفسه فى وفرة من وقته وغلب عليه الملل أصبح من رواد السوشيال ميديا فى تقديم "فيديوهات" تختلف بين الهابطة والمضحكة والمشينة وغيرها من مقلدى أفعال الشباب من الفتيات! والعكس!، أفكلما جاءكم "هلّاس" بتفاهة من فعله تابعتموه وصار رائدا فى "الفيس بوك؟".


أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالصفحات التى يغلب عليها طابع الكوميديا لأناس كسبوا شهرة فقط من فيديوهات لا تحوى سوى "الهلس"، بل وصل الأمر أن تحولت تلك التفاهة إلى مصدر أساسي لجمع العديد من الأموال الطائلة ومنتجى أعمال أيضا لهذه التفاهات!، فصارت الشهرة محضَ اهتمام وغاية كل مستخدم على الفيس بوك فتجد تصرفات وعبارات لا تُلحق بكاتبها سوى الإهانة أو الإزدراء! " تابعوه بيكتب حلو"، "فولو لو سمحتوا"، " خد لفة فى صفحتي واعملى لايك"، وغيرهم الكثير من الذين يُجبروك على الإعجاب بمنشوراتهم بل والتعليق عليها من أجل تشجيعهم ويكأن الأمر أصبح شغلهم الشاغل!.

لا أدرى إلى متى سيصنع مجتمعنا رموزًا من الهفاء! بلى والله إن متابعة هذه الفيديوهات ليست تشجيعًا بقدر الإضرار بصاحبها المريض ب "فوبيا الشهرة"، وكسب المال دون أدنى جهد سوى الجلوس أمام الهاتف لُيطرب آذاننا بثقافته التافهه!، فإذ بى أجد نفسي كالغريب في قومه!، فأعجب من قوم للسخافة يصفقون! والهلس له محبون! والعلم له نابذون طاردون!، والشهرة لها جانحون عن طريق الحق أو الباطل فهم غير مبالين!.

"شاهد فستان فلانة يسقط"، " شاهد فلان يسب فلان" عباراتٌ تملأ الفيس بوك فى مظهرها "جاذبة"! ولكن فى جوهرها "كاذبة" فهل يجنى كاتبوها أموالًا ؟ نعم، ليست بالقليلة أيضًا فيحقق الموقع الناشر لذلك الهراء مشاهدات مرتفعة وعلى إثرها المزيد من الإعلانات الممولة بثروات تُنفق لإنتاج المزيد من "الهلس"!، فإلى متى سيستمر هذا الهراء ؟