الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نهاية "داعش" في سوريا والعراق.. ملحمة تاريخية كُتبت بدماء الملايين.. "مدن أشباح" و"أطلال" بانتظار أهالي الشام والرافدين بعد زوال "الخلافة".. وكابوس "إعادة الإعمار" و"الأكراد" لا يزال مستمرا

صدى البلد

تساؤلات حول إعادة إعمار المدن السورية والعراقية بعد خروج "داعش"
الرقة والموصل وكوباني والفلوجة.. "أطلال" الإرهاب الأسود
ما هو مستقبل بلاد الرافدين وأرض الشام بعد "داعش"؟

كان إعلان خروج تنظيم "داعش" من أغلب مدن العراق وسوريا بمثابة انتصارًا كبيرًا للإنسانية على الإرهاب الأسود الذي عشان تحت كنفة السوريين والعراقيين أكثر من 3 سنوات، شهدوا خلالها مجازر ترتكب باسم الدين وبعضًا من أسوأ الفظائع في التاريخ الحديث.

عانى التنظيم الإرهابي من هزائم متوالية طيلة السنوات الثلاث الماضية، سواء من الجيش العربي السوري أو الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي، فخلال تلك الفترة خسر التنظيم ما يقرب من 70% من الأراضي التي سيطر عليها، وبعد أن كان "داعش" متحكم في مساحة 100 ألف كيلومتر بين سوريا والعراق، أصبح الآن منحسرًا في مساحة تكاد تبلغ 36 ألف كيلومتر.

ولكن كيف تحولت المدن السورية والعراقية، الرقة والموصل على سبيل المثال، من الجمال إلى القُبح؟ كيف استطاع "داعش" أن يجلب معه الخراب والدمار لتلك المدن العريقة التي "كانت" تحمل بين شوارعها وأروقتها شواهد على التاريخ والحضارات القديمة؟

إن السوريين والعراقيين سيعودون إلى وطنهم الآن ليجدوه قد تحول إلى "مدينة أشباح"، فلا توجد بنى تحتية ولا طرق ممهدة ولا مبان قائمة، وتحولت لكتل سكنية مسحوقة وديار سويت بالأرض وطرق وجسور منهارة، وأصبحت مجرد أطلال وكأن العراق وسوريا قد شهدا طوفانًا جديدا.

ففي مدينة الرقة بسوريا، كان انتصار الجيش السوري على التنظيم الإرهابي مليئا بالرمزية والمفارقات، بيد أن الرقة كانت عاصمة الخلافة التي أعلنها "داعش" والآن خسر التنظيم عاصمته، ومع ذلك لا يوجد الكثير لإنقاذه في المدينة.

الرقة كانت موطن لأكثر من 300 ألف شخص، المئات منهم فروا من بطش الإرهاب في مطلع 2014، إلا أن "داعش" قبض على بعضهم وأعدمهم ذبحًا علنًا ليجعلوا منهم عبرة لمن يفكر في الفرار من أيديهم، ومع استمرار الذبح والتنكيل بالمدنيين الأبرياء، ناهيك عن المدنيين الذين لقوا مصرعهم جراء القصف الجوي للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لم يبقى من هذا العدد الضخم من سكان المدينة إلا 25 ألف شخص فقط.

وفي الموصل العراقية، فشأنها شأن الرقة، "داعش" يذبح والتحالف يقصف، والمدنيين يلقون حتفهم، وما يقرب من 90% من سكان المدينة هربوا من هذا الجحيم، وتم تدمير 80% من مبانيها، وهناك تساؤلات عن الجهة التي ستتولى إدارة المدينة بعد طرد التنظيم، بيد أن التحالف الدولي والأكراد الذين قادوا العمليات العسكرية ضد التنظيم طيلة الأشهر الأربعة الماضية، قد يحاولون تكرار تجربة مدينة منبج في ريف حلب، من خلال فرض "مجلس محلي".

وحتى مدينة الفلوجة، التي تبعد حوالي 400 كيلومتر إلى الجنوب، لم تتضرر كثيرًا في المعركة التي استمرت شهرًا لتحريرها، ولكن بعد مرور سنة، لا يزال سكانها يشكون من سوء المعاملة من قبل الحكومة المركزية، وارتفاع مستوى البطالة، ناهيك عن أن أكثر من 4600 شرطي تم تسريحهم من وظيفتهم بعد عودتهم.

وفي مدينة كوباني أو "عين العرب" السورية التي استغرق تحريرها 3 سنوات، لا يزال سكان المدينة يعيشون حدادًا على قتلاهم ويشعرون بأن حلفاءهم الأجانب تخلوا عنهم في كفاحهم لإعادة بنائها.

الدمار لحق بقطاع كبير من المدينة القريبة من الحدود مع تركيا، وهي تواجه تحديًا هائلًا في عملية إعادة الإعمار، وفي حاجة لمساعدات الحلفاء الذين دعموا معركة هزيمة "داعش"، فما زالت الكهرباء تعمل بضع ساعات فقط كل يوم، كما أن خدمة الإنترنت، التي تتاح من خلال إشارة اتصالات تركية، باهظة الكلفة، ولا يمكن الاعتماد عليها.

لا يمكن القول إن هزيمة "داعش" في سوريا والعراق أصبحت حقيقة حتى الوقت الراهن، فقد أدى صعود التنظيم والحروب التي أحدثها وهزائمه المريرة، إلى اشتعال الصراعات السياسية والطائفية في سوريا والعراق، فقد تصاعد نفوذ الأكراد بشكل غير مسبوق، وأعلن إقليم كردستان في 25 سبتمبر الماضي إجراء استفتاء أثار انزعاج العراق وإيران وتركيا، وهو الأمر الذي خلق أزمة لا تزال مستمرة إلى الآن.

فقد استولى الأكراد على مدينة كركوك الغنية بالنفط عام 2014، وهي خطوة تحركت ضدها بغداد في الأسبوعين الماضيين، ووجهت قواتها إلى المدينة وسيطرت على حقول النفط والبنى التحتية الأخرى في محاولة للحد من تطلعات الأكراد إلى الاستقلال.

هذه الأمور بجانب المعارك الفوضوية في الحرب الأهلية السورية، قد تزيد الوضع سوءا، لكن سيتعين على جميع القوى التي تقاتل تنظيم "داعش" أن تتأهب حتى بعد استعادتها آخر الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم.