الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

برقيات.. من سعى للموت وُهب الحياة


في اليوم الثالث لحرب أكتوبر 1973، لخص الدكتور محمد عبد القادر حاتم نائب رئيس حكومة مصر لشئون الثقافة والإعلام في حديث أذيع من صوت العرب من القاهرة سياسة الإعلام في بلاده " قال.. تعتمد هذه السياسة على المبادئ التالية أولا تقديم الحقائق للشعب وللعالم بأسره برزانة وموضوعية. ثانيا الامتناع من المبالغات والمغالاة في تقدير قواتنا وانتصاراتنا وكذلك الامتناع عن الاستخفاف بقوة العدو. ثالثا انتهاج أسلوب هدفه تقديم الحقائق بعيدا عن الانفعال. رابعا، الالتزام بالمحافظة على مبدأ الإيمان بالأعمال وليس بالكلام.

وفى السياق نفسه أعلن مذيع صوت العرب " يا أبطال الجبهة العربية المقاتلة إنكم تعيشون الآن أروع لحظات حياتكم وحياة أمتكم منذ عدوان 1967، إن آمالنا معلقة عليكم ومصير أمتكم يتوقف على هذا القتال الجبار الذي تخوضونه، لذا تذكروا دائما أن من سعى إلى الموت وهب الحياة".

الفقرة السابقة منقولة بالحرف من كتاب التقصير الذي مازلنا معه طوال شهر أكتوبر المجيد، وبعد 44 عاما من النصر لزم علينا مواجهة أنفسنا بنقاط ضعفنا وتقصيرنا في حق أنفسنا وبخاصة الإعلام المصري بكل أنواعه وتحديدا في تجاهله أو حتى تناوله لفاجعة الواحات الإرهابي الذي استشهد وأصيب فيه عدد من رجال الشرطة البواسل أخذوا غدرا وغيلة وخيانة.

وحتى كتابة هذه السطور مازلنا نسمع أرقاما للشهداء تتراوح ما بين 30 إلى 53 في غياب المعلومة الصحيحة والمسئول الذي يضع حدا لهذا العبث الإعلامي الممنهج رغم وجود مجلس أعلى للإعلام مهتم ببنطلون الصحفي أكثر من عقله ومهنيته وهيئة وطنية للصحافة وهيئة وطنية للإعلام، وأشهر مضت في الخلاف على الموقع والمكاتب وربما المكاسب.

التلفزيون الرسمي للدولة وكل الفضائيات استمرت عادى جدا في البرامج السمجة المملة غير المقبولة على المستوى الإنسانى فما بالكم بالمهني، القلوب يعتصرها الحزن والحسرة والله كادت ذبحة صدرية تودي بحياتي ليلة أمس الجمعة ليس فقط من وقع الحادث الجلل، لكن من أوجه تقصيرنا في حق أنفسنا وهنا لا استثني احدا، ولهذا هرع الجميع إلى البدائل بحثا عن معلومة حتى لو كانت في قنوات الأعداء. 

ما أحوجنا اليوم إلى سياسة الإعلام التي لخصها وأوجزها والتزم بها الدكتور عبد القادر حاتم وقت حرب أكتوبر المجيدة، تلك السياسة التي أكسبتنا ثقة وفخر الجميع حتى إن كتاب التقصير الذي بدأنا به جاء في الفصل السادس عشر تحت عنوان نبوءة العظام المكسرة، وهو ينتقد حال الإعلام الاسرائيلي وقت الحرب من التعتيم وترويج كاذب حتى حدث شقوق في جدار المصداقية أخذت تزداد اتساعا حتى أصبحت ثغرة كبيرة جاء في احد فقراته ... السوريون والمصريون استطاعوا في هذه المرحلة أن يعلنوا من أجهزة إعلامهم، بالإضافة إلى إنجازاتهم عن خسائرهم أيضا، ومهما كانت الخسائر فقد بدت أن لها ما يبررها ومتواضعة بالنسبة إلى الإنجازات الرائعة التي منحتهم إياها حرب رمضان، حرب يوم الغفران كما يسميها العرب.

ومن يوم الغفران إلى يوم الجمعة 20 أكتوبر 2017 نقول رحم الله شهداء الوطن الأبرار من الجيش والشرطة، رحم الله الإعلام المحترم الذي وجب تذكيره بعبارة خالدة قيلت في يوم مجيد.. من ذهب للموت وهب الحياة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط