الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حول المحتفلين بمئوية الغدر … وعد بلفور ..!!


أن يمارس جزء من عالمنا الخيانة فى صمت … أو يستنزف الضمير القيمي فى وقاحة … أو يستغل حقوق الآخرين ونهبها فى وضاعة … ثم يمضي به الزمن فيسحب على سوءاته صمت الأيام فى محاولة للهروب من عين التاريخ متدثرا بدفاعاته الهزيلة وفقا لمنطقة ومبرراته ضد الأصوات الناقمة عليه أو المنتقدة له … ربما يكون مشهدا كهذا مع ما فيه من الأذى وضعا مقبولا لتداول ما يشبهه فى أروقة السياسة يعلن من خلاله نوعا ما من تأنيب الضمير …!

وهي لا تبعد كثيرا عن صور يعمل بجهد عليها بعض سماسرة الدول .. حين يسعون لترويج التجاوز عن الخطايا باستدعاء الصمت حولها وعدم نبش سطورها مضطرين أحيانا إلي رفع رايات مزورة للإسهاب فى الشرح طلبا للتبرير والتماسا للمغفرة ..!

أما أن يصبح اللص وقحا إلى الحد الذي يغمض فيه عينيه عن جريمته ويلفت متعمدا حتى نظرة عن المرأة التاريخية التي تسرد له مشاهد وأهوال ما صنعت نزواته السياسية حتى يراجع حساباته فيعيد الاعتبار للحقيقة والحقائق كجسور إنقاذ للضمير الجمعي في عالم أضحي مدنسا ومدلسا بما يكفى لكي يبقى للمنطق همسا بين خرائطنا من خلال التوبة والندم أو حتى السكوت على الأقل حيال ما سببته السياسات الإجرامية للآخرين شعوبا ودول من شتات وألم .. !

سيكون المشهد حينها أيضا مستأنسا رغم ما فيه من الشرر ..

أما أن تبلغ وضاعة المجرمين وانحطاطهم الإنساني وهم يضلون العلم برفع راية الانتماء إلى الفضيلة وقيم التحرر وحقوق الإنسان … فيذهبون بعيدا للاحتفال بجريمتهم التاريخية عبر ما يسمى بمئوية وعد بلفور والتي نهبوا ومنحوا باسمها أرض فلسطين التي لا يملكونها لشعوب وأقليات دينية متفرقة فى دول العالم لا تستحقها … فنحن هنا حيال عوار أخلاقي وقيمي وإنساني هائل وغير مسبوق في تاريخ البشرية وينذر بالخطر !!

حين يقول بما يكفي أن هناك جزءا من عالمنا لا يمكن أن تقبل بهم لا الغابات ولا حتى الحظائر …!!

67 كلمة فقط ذهبت على ورقة آثمة من آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا فى الثاني من نوفمبر 1917م أي قبل مائة عام .. إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد زعيم الجالية اليهودية فى بريطانيا تقول إن حكومة صاحب الجلالة توافق على منح اليهود وطن قومي فى فلسطين، لقد كان الهدف الجوهري رغبة بريطانيا في استغلال يهود العالم لدعم حربها العالمية الأولى استغلالا إعلاميا وماليا و عسكريا أيضا !
ولكن على حساب أرض وشعوب ومستقبل منطقه الشرق الأوسط .

فبريطانيا لا تملك فلسطين كي تمنحها ليهود روسيا وأوربا وتركيا وأثيوبيا ومصر والعراق وأمريكا وغيرها من الأقليات المنتشرة في العالم والتي تتدين باليهودية من بقايا يهودية مملكة الخزر فى شمال بحر قزوين كي تجمعهم بفلسطين فى منطقة الشرق الأوسط حتى يكونوا أيضا أداة للمشروع الغربي فيما بعد لاستنزاف المنطقة عبر تشغيل كل المتناقضات كأدوات صالحه لمكرهم مع أعراب التخلف الجاهزين دائما لبلع الطعم من خلال تحريك ملفات طائفية وعرقية ومذهبية متنقلة من منطقة إلى أخرى على أسس سلفية لتبقي المنطقة دائمة الاضطراب وبريطانيا ومن خلفها على طاولات تسجيل فواتير التسليح و استلام الشيكات ..!!

والعجيب أننا نجيد بلع الطعم …. ونعرف المشهد برمته دون أن نحرك حتى القانون الدولي فى مواجهة بريطانيا التي تسببت فى كل هذه المآسي والحروب فى المنطقة لكي نأتي للمستضعفين بحقهم أو نعلن للعالم انكسار سطور العدالة بهذا القانون وأن تفصيله جاء على نفس مساحة منطقهم المعوج لينشأ في هذا العالم طريقا بديلا لتأسيس الحقوق ورفع الاضطهاد عن المنهوبين والضائعين دولا وشعوبا وإلا كيف لبريطانيا التي ارتكبت هذه الجريمة وتوابعها التي أدت إلى تفخيخ وتفكيك واستنزاف المنطقة ألا تتوقف حيال جريمتها لترى ما صنعته وقاحتها وتعتذر أو تعلن عن خطأ مساعيها وقصدها وتحاول أن تتدخل بشكل يخفف من آثار إجرامها.
احتراما لضميرها الأخلاقي أو لشعوب المنطقة ودمائهم المهدرة ؟

لم تفعل ذلك بل سعت للأسف لتأصيل نوع غير مسبوق من الوقاحة السياسية والأخلاقية في عالمنا والاستخفاف بالآخر عبر تلاشيه من حدقتها السياسية ..

كأنها لم تعد تراه فراحت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية وهي تحتفل بمئوية وعد بلفور لتعلن للعالم خلال لقائها نظيرها " الإسرائيلي " عن " فخر المملكة بالدور الذي لعبته في تأسيس دولة إسرائيل ". .!!

في ضربة لا مثيل لها لقيم الأخلاق والحقوق واستخفافا يمنح التنظيمات المتطرفة ما يكفي من المنطق كي تستمر فيما تعتقد أنه مواجهة ضرورية لمثل هذا الصلف البريطاني والقبح الطازج الذى جاء بعد وعد بلفور بمائة عام ...!!

ستبقى بريطانيا بيت أفاعي عتيق لا يمكن أن تزينه كل مساحيق التجميل ولا كل أدوات المهارة بعدما سقطت أخلاقيا سقطتها الأخيرة عبر احتفالها الرسمي بمئوية سرقة الأرض ومعاونه اللصوص على النهب ... وهي تظن أنها تناصر الحقوق فيما هي تخرج شعبا من أرضه إلى الشتات .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط