الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة النسخة الوحيدة لكتاب الملك فؤاد عن مصر.. صور

صدى البلد

كانت صور "فريد بواوناس" بمثابة بطاقة تعريف جديدة لمستقبل مصر الحديث، ففي عام 1929، بعد بضع سنوات فقط من انتهاء حماية البريطانيين، أراد الملك فؤاد الأول إعداد كتاب بالصور لمملكته الجديدة، وأراد أن يظهر البلد في أفضل صورة لها ويذكِّر الناس بأن الحكم البريطاني كان مجرد زلة في آلاف السنين من الحضارة، وكان من المقرر إنتاج خمسين نسخة مطبوعة من هذا الكتاب مزينة بالذهب، ومزخرفة بالجلود من "ليجوريا"، وبعضها سيعطى كهدايا لشخصيات أجنبية، ولكن لم يوجد منه إلا نسخة واحدة احتفظت بها العائلة المالكة.

ورأى الملك أن رجلًا واحدًا فقط من الممكن أن تؤول إليه هذه المهمة، وكان المصور السويسري "فريد بويسوناس" والذي كان في السبعينات من عمره حينها، ولم يزر فريدم مصر إلا مرتين فقط، وكان يملك دار نشر كانت قد أفلست، ولكنه أصدر كتابا بعنوان "اليونان بالجبال والوادي"، والذي اعجب به الملك، وبعد عامين من المفاوضات، منح بواسوناس 18 شهرا لإنجاز مهمته، وأتم فؤاد مهمته بنجاح والتقط مجموعة من الصور أذهلت الطاقم الملكي بأكمله، وفقًا لما ذكر في مجلة "المصور" في أربعينيات القرن الماضي.

تجول فريد بالكثير من الأماكن في مصر لالتقاط اللقطات المناسبة في الوقت المناسب، وأعطت الرعاية الملكية بواسوناس العنان للذهاب إلى حيث أراد، والتقط الصور لمومياء توت عنخ آمون والتي ظلت خارج الحدود بسبب أوامر هاورد كارتر، وقام بتصوير المعابد القديمة والمساجد والكنائس ومشاهد الشوارع والقرى الريفية والواحات والجبال والمساحات الخضراء وكذلك المصانع والطرق والجسور.

والتقط صورًا لدير سانت كاترين، التي تقع عند مدخل ممر عند سفح جبل سيناء، وأسسها الإمبراطور البيزنطي جستنيان في عام 565، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تم التقاط صور لها بالألوان، حتى تم إدخال فيلم كوداكروم في عام 1936، وكان التصوير الفوتوغرافي بالألوان معقد جدًا في ضوء النهار، حيث يجب ألا يقل زمن التقاط الصورة عن ثانية واحدة، وهذا يعني أن أفضل المواضيع للصور هي المناظر الطبيعية والمباني.

كان بويسوناس بارع في تصوير المناظر الطبيعية، حيث التقط صورة لجبل سيناء فاز على إثرها بالميدالية الذهبية في معرض باريس العالمي عام 1900، وجعل في هذه الصورة المنظر الطبيعي يبدو مختلف جدًا، وسمح له الملك حينها بوجود مساعدين لنقل معدات التصوير والتي كانت ثقيلة جدًا.

والتقط صورة أخرى تبدو كأنها لوحة سيريالية، ويظهر فيها أشكال شبحية في أسفل يمين الصورة ولكنهم في الحقيقة بشر "نساء"، وهن المشيعات الإناث في منطقة أسيوط شمال مصر، وتظهر القباب والقناطر، وبذلك وثق تقاليد مختلف الأعراق والقبائل في مصر حتى النساء منهم.

وتم عرض مجموعة مختارة من هذه الصور الذي التقطها للكتاب، في مصرف "بويسوناس في مصر" في الجمعية الجغرافية الملكية في لندن، واعتبروا ما التقطه من صور مثال رائع على جمال مصر.

ويذكر أن ظهر في الكتاب مقالات عن أيام المجد للفراعنة، والإغريق والرومان والأقباط، وفترة القرون الوسطى عندما ازدهرت الثقافة الإسلامية، وكان سلف الملك فؤاد قائدا متمردا استولى على السلطة من السلطان في بداية القرن التاسع عشر، والحماية البريطانية كانت غائبة بشكل واضح.