الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رائد مقدم : بين الضمير الحي والوطنية الصادقة‎

صدى البلد

الوطنية ليست عبارات وكلمات رتيبة منمقة تكتب بأحرف ملونة على يافطات من قماش تعترض الشوارع أفقيا مربوطة بحبال على أعمدة الكهرباء والتلفونات يدفع تكلفتها فاسد أو مهمل أو خائن للأمانه.

والوطنية ليست بذل كل ما بوسع الفرد من جهود للوصول إلى مركز مرموق في السلم الوظيفي أو السعي لاقتناص ما يمكن اقتناصه من مقدرات هذا الوطن إذا سنحت الفرصة علي حساب المبادئ والقيم والحق والعدل.

 والوطنية ليست خطبا وقصائد وهتافات تلقى من على المنابر المختلفة في الاتجاهات والتيارات والمقاصد. يرددها أحد الطامحين إلي أصوات الناخبين للوصول إلي الكرسي يستغل سذاجة وطيبة من يسمعوه ليتاجر بأحلامهم البسيطه للوصول إلي حقوقهم المشروعة.

ثم بعد الوصول إلي هدفه يضرب بوعوده عرض الحائط وليست الوطنية أن نقوم بالاعتصامات والإضرابات العشوائية غير المدروسة تحت وطأة الاضطرابات الداخلية في مرحلة من الفوضي ومن الفراغ الفكري وفي هالة من البؤس السياسي والعبء الاقتصادي الذي يثقل كاهل السواد الأعظم من الشعب.

للأسف هذه النماذج من الوطنيه انتشرت وتوغلت في بلدنا العزيز خلال الفترة الأخيرة من عمر الوطن، وهي الوطنية النفعية التي تقوم علي المصلحة الشخصية وتستغل شعارات الوطنية الشكلية من أجل ذلك.

وأعتقد أن السبب الرئيسي في هذه الحاله البائسه التي وصلنا إليها هو غياب الضمير الحي . فهل يستحق أي فاسد لقب وطني مهما قدم للوطن.

وهل يستحق أي مهمل لقب وطني مهما نطق بكل عبارات الوطنيه .أعتقد أن الأمر يحتاج لبعض التدقيق فأعتقد أن كل صاحب ضمير حي هو بالضروره وطني مخلص وليس العكس فليس كل وطني صاحب ضمير حي بالضروره.وهذه هي الكارثه الكبري حين دافع البعض عن مبارك بعد ثورة يناير بدافع أنه وطني ولكنه فاسد.ورأيي أنه لا يمكن أن يجتمع الصفتين في شخص واحد.فهناك نخبه سياسيه أغلبها يتسم بالفساد ولكن يتسترون وراء قناع الوطنيه عن طريق التبرعات السياسية والدعاية وعن طريق الظهور الإعلامي وإطلاق الشعارات البراقة وعن طريق إنشاء قنوات إعلامية هدفها الدعاية الخاصة لمالكها والهجوم والتشويه لكل من يعارضه أو يحاول إظهار الحقيقة.

انما للوطنية هدف واحد ومعنى واحدا ونتيجة واحدة لا يختلف عليها اثنان.هو المكان الذي اليه انتمي ومنه تكون جسدي ونما وفيه كبرت معي امالي واحلامي التي تحققت والتي مازالت عالقة في افق الماضي وعلاقتي مع المكان الذي فيه عشت وترعرت .منه خرجت واليه ساعود. هو مصيري ومصير اولادي من بعدي . فليحفظه الله وليحمه ويبعد عنه الايدي القذرة العابثة.

لذلك فنحن بحاجة إلى أن نراجع أنفسنا حول مفهوم الوطنية، ما هو معناه وما حدوده، ما هي أساليبه. ونحن بحاجة أيضًا أن نوضح لأنفسنا أن الوطنية لا تعني أبدًا الاستقتال في سبيل “شخص” أو في سبيل “سياسة” أو هدم كل شيء في سبيل قيام قناعة دينية او فكرية، ولكنها تعني (وطن بحدوده، بصحرائه، بجباله، بسهوله، بالفرح والحزن، بالبكاء والضحك، بشجار الباعة وصراخ العامة، بتكبر الأغنياء وأنفة الفقراء، بشكوى الناس من حكوماتهم، بأذان المساجد وأجراس الكنائس).

الوطنية الصادقة هي إجراء عملي يدفع الفرد الى التعاون مع الجماعة من أجل بناء الوطن والارتقاء به ولا يتحقق هذا الا بالعمل الجماعي المتسم بالإخلاص والوفاء والايثارية. وليكن مثالنا في الايثارية والانتماء والاخلاص للوطن والمواطنة الصالحة هو الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يبذل كل غالي ونفيس من أجل هذا الوطن حتي لو كان ذلك علي حساب شعبيته لدي البسطاء وأيضا ليكن مثالنا اؤلئك الشهداء من الجيش والشرطه والمدنيين الذين يرقدون هناك بسلام بعد ان قدموا ارواحهم وآخر ما لديهم لهذا الوطن دون انتظار أي مردود دنيوي او حتى كلمة ثناء وشكر.انما ايمانا منهم بواجبهم تجاه وطنهم الذي احبوه وقدموا له كل غال ونفيس في سبيل الحفاظ على كرامته وعزته ورفعته .فتحية لهم وسلام عليهم وعلى كل من يملك حسا وطنيا صادقا.

وقبل أن انهي مقالتي ساقتبس هذه الكلمات للمصلح والاجتماعي والفيلسوف الراحل قاسم امين 'إن الوطنية الصحيحة لا تتكلم كثيرًا ولا تعلن عن نفسها.'