الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: إنهم المثقفون يا سادة !!

صدى البلد

" كلما احترم المهاجر ثقافته الأصلية، انفتح على ثقافة البلد المضيف".. قالها الأديب اللبناني "امين معلوف".

وعندما يتحدث بعض كتاب ومثقفي هذا الزمان عن علماء وقادة أثروا في العالم أجمع علي مر السنوات ومازالت آثارهم واضحة حتى الآن، فعلينا أن ندرك أن هناك ثمة أمور خاطئة لا تعكس الحقيقة فقط، بل تتعدي علي التاريخ وتزيفه، علينا ان ندرك أنها -جعجعة- ثقافة فارغة!!

بداية عما اثارته الكاتبة فريدة الشوباشي من جدل، والتي هاجمت مولانا الشيخ محمد متولى الشعراوي، معلنة كرهها له واتهامه بإثارة الفتن في المجتمع، بسبب بعض التصريحات الخاصة به وان كانت لا تنال إعجاب الشوباشي، فهذا ليس مبررا لإعلان مثل تلك المشاعر البغيضة علنا لقامة مثل الشيخ الشعراوي رحمه الله، إمام زمان فات وقدوة تحتاذ بها أجيال واجيال قادمة، مولانا الشعراوي أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث، وتفسيره بطرق مبسطة وعامية ليصل الي اكبر شريحة من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، "إمام الدعاة" كما سمي، وبشر بقدومه ومن مثله رسول الله لكل مائة عام، صاحب الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية.. اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي حصل علي العديد من الجوائز التقديرية والتشجيعية عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محليا و دوليا، التي اختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كشخصية العام الإسلامية في دورتها الأولى،،، صاحب رأي "خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيرا للقرآن وإنما هي هبات صفائية تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات" ... فأين أنتم أيها المثقفون من بحر علمه!!؟

وعندما يتحدث يوسف زيدان عن شخصية بحجم صلاح الدين الأيوبي ويصفه بأنه من أحقر الشخصيات، وأنه لم يحرر القدس بل خاض 3 معارك فقط، وقتل 200 ألف حتي يحكم، وكتب التاريخ زائفة!!! لابد ان نقف عندها كثيرا أننا ليس امام هفوات بسيطة ولكن تزييف للحقائق والتاريخ، الملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب، ذلك القائد العسكري سوري الجنسية الذي أسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام و الحجاز وتهامة واليمن في ظل الراية العباسية، بعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التي استمرت 262 سنة، هكذا تعلمنا في المدارس وهكذا تربينا، واخبرونا عنه صاحب الحملات والمعارك ضد الأعداء في سبيل إستعادة الأراضي المقدسة "أورشليم"، والذي استطاع نهاية المطاف استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش الصليبيين هزيمة منكرة في معركة حطين.

"قلب الأسد" ذلك القائد الذي اثني عليه الغرب في كتاباتهم وانصفوه في بعض الأدبيات، منهم الكاتب "دانتي اليغييري"، صاحب ملحمة الكوميديا الإلهية والتي تعتبر من أفضل الأدبيات العالمية، الذي كتب عن الأيوبي وحده من بين كل عظماء الشرق والعرب والمسلمين، ووضع اسمه ضمن عظماء حقبة القرون الوسطي مثال "هوميروس" الشاعر اليوناني، وافلاطون، و"يوليوس قيصر" ديكتاتور روما، و"فيرجل" كبير شعراء الرومان، فقد كتب "دانتي" عن ذلك القائد العربي بعد وفاته بمائة عام ووصفه كأهم أبطال العرب والإسلام ومؤسس الدولة الأيوبية الذي هزم الفرنجة في موقعة حطين، ووضعه في منزلة رفيعة بين العظماء واكرمه في كتابه " الكوميديا الإلهية" التي كتبها في (1308_1320)، ذلك غير مجلة "تايم" عدد خاص عن العظماء والمشاهير في الألفية الثانية التي اصدرت في 1999، وكان صلاح الدين الأيوبي الوحيد من العرب المسلمين، كما قال عنه "ديفيد بنيما" في كتاباته انه لم يجد ما يشبه صلاح الدين الأيوبي لقدرته العسكرية وحبه للجهاد الي جانب عدله ورأفته بالضعفاء، ولم يقم بقتل أي شخص عندما انتصر وحرر القدس من الغزاة وحافظ عليها.

ومرورا ببعض التصريحات والفتاوي المثيرة للجدل التي لا نري منها غير الشو الإعلامي والقيل والقال، فتوى الدكتور سعد الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر بإباحة شرب البيرة معتبرها حلالا ان لم تسكر، ذلك الهلالي صاحب فتوي جواز ذبح الطيور كأضحية، واعتبار الراقصة شهيدة، وجواز زواج الرجل شرعا من ابنة الزوجة بعد موتها أوطلاقها، وأخيرا وليس بآخر تصريح المرأة ليست ملزمة بخدمة زوجها أو إرضاع أطفالها، الذي صرحت به نهاد أبوالقمصان رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، فتاوي ليس لها محل من الإعراب تهدم بيوتا وتفكك أسرا.

وأخيرا ... المثقفون هم عبارة عن شريحة اجتماعية متميزة عن باقي شرائح المجتمع، تكون مؤهلة للتأثير في ذلك المجتمع وتأخذ مواقع ريادية في رسم هويته وشخصيته بشكل جماعي، في المقابل تتحمل تلك الشريحة مسئوليتها في تحديد اتجاه تكامل هذا المجتمع نحو ما تبثه من أفكار من شأنها أن تؤثر علي فكر مجتمع كامل، وتبني قضاياه وتحديد اولوياته، أما الآن فنحن أمام صدى نوع آخر يتفشى وبقوة داخل المجتمع عن طريق نشر أفكار مغايرة للتاريخ وأحيانا للطبيعة، فمن حق أي إنسان ينتقد أي إنسان، ينتقد الشعراوي او الأيوبي أو غيرهما، ولكن بطريقة بناءة ودون تشويه وسب، ولكن انهم مثقفون هذا الزمان،، زمن إسقاط الرموز،، انهم المثقفون يا سادة !!