الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عندما كانت الصحافة صاحبة جلالة!


ده كلام جرايد " ... هذه العبارة بما تحمله من دلالات سلبية كبيرة،  تؤكد أن هناك فجوة كبيرة بين المواطن المتلقى للأخبار والقائمين على صناعة الصحافة فى كل مستوياتهم، حيث أصبح المواطن ينظر بعين الريبة والشك إلى كل ما تنشره الصحافة ويعتبرها إما بوقا للحاكم أو أنها تتحدث عن مصالحها الخاصة، كما أن هناك نظرة للصحفى الآن أنه يكتب من أجل مصالح خاصة بعيدا عن مصلحة المواطن والوطن.

وبالرغم من إدعاء كثير من الصحف تطبيف مبدأ الحيادية إلا أنه وفى بعض الأحيان يسعى القائمون على هذه الصحف إلى تمرير بعض الأهداف أو وجهات النظر التى يريدون ترويجها ولكن بطريقتهم الصحفية الخاصة، وهذا ما يثير البلبلة فى الشارع ويفقد الثقة فى مصداقية الصحف كلها تدريجيا لدى المواطن البسيط.

ويجب أن نتفق أن ملامح الخريطة الإعلامية فى مصر قد تغيرت الى حد كبير، وأكثر من تأثر بهذه التغيرات الحادة هى صاحبة الجلالة والسلطة الرابعة، فبات المسيطر على هذه الخريطة هو رأس المال وكل من يستطيع أن ينشأ جريدة ليتحكم فى ما يقال أو لا يقال، كما باتت المهنية بعيدة عن بلاط صاحبة الجلالة وبالتبعية نتج عن ذلك أن المواطن أصبح ممزقا ما بين كل هذا الكم الكبير من الصحف التى تنشر الأخبار بطريقتها ورؤيتها .

فحالة من الغضب تنتاب الشارع المصرى بل الشارع العربى كله منذ ما يقرب من ثلاثة عقود مضت، حينما شعر المواطن العربى أن الصحافة فى بلاده ليس لها قيمة , بل الأكثر من ذلك أن نفس المواطن شعر أن الصحافة تأثيرها السلبى على المجتمع أصبح واضحا وضوح الشمس فى جو السماء، وأنها سبب تعاسة كثير من الفئات المجتمعية، بل زاد الطين بلة حينما شعر الجميع بأن الألة الإعلامية أداة تشويش وتضليل للعامة بدلا من إعطائهم المعطيات الصحيحة السليمة والتى يٌبنى عليها النتائج الصحيحة .

وللأسف الشديد حينما مرت الصحافة فى أواخر القرن الماضى بحالات مرضية، جعلتها تفقد رونقها وشكلها الحقيقى، واصبحت بعد ذلك فى مرضها أداة مستخدمة لتنفيذ سياسات معينة دون إعطاء الحقيقة كاملة للمتلقى، مع أن الحقيقة التى يجب أن تصدر للعامة، يجب أن تصدر مجردة دون تزييف أو تشويش أو تجميل أو تقبيح أو تطويل أو تقصير، فيجب أن تعطى كما هى لا عليها ولا لها، بعيدا عن الاختلالات البنائية العميقة.

وحينما نتذكر أحداث الماضى المرتبطة بالصحافة والصحفيين سنجد أن الصحافة كانت عنوان الدولة وأفرادها وأشيائها , بل كانت صاحبة جلالة، بكل ما تحمله الكلمة من معانى ومفاهيم، بل إن الأمر وصل الى أن الصحافة الآن لا تهتم إلا بعدد المشاهدات الإلكترونية , دون الإهتمام الحقيقى بالرسالة النورانية التى إنشت من أجلها، فالصحافة هى وسيلة التنوير فى مجتماعتنا فحينما تمرض هذه الوسيلة ستموت العقول بل ستموت القلوب.

ولا أحد ينكر أن الصحافة الآن بالرغم من التقدم التى وصلت له، وعلى الرغم من استحداثها بما يلائم ويواكب العصر الذى نعيش فيه، وعلى الرغم من الإمكانيات الرهيبة التى تمتلكها الألة الإعلامية بشكل عام، إلا أنها مريضة وتحتاج الى أطباء حقيقيين لوضعها فى غرفة الإنعاش وإنقاذها قبل فوات الأوان.

ولا بد أن نتفق أن الصحافة فى الماضى كان لها تأثير واضح فى الشارع المصرى برغم تفشى الأمية فى ذلك الوقت , والآن مع زيادة المتعلمين وإزدياد أعداد الصحف فى المقابل , لم يعد لصاحبة الجلالة ذات التأثير , ولذلك ينبغى على صناع الصحافة فى مصر إدراك خطورة غياب تأثير الصحافة فى الشارع , وإدراك أن هناك أقلاما تستغل مساحة كتاباتها لتحقيق أغراض لها، بعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن المباشرة .

يا سادة ... تعتبر الصحافة مؤشرا على حرية الرأى والتعبير فى هذه الدولة، ولنا أن نتباهى بما لنا من تاريخ كبير فى صناعة الصحافة حول العالم، وأننا نملك كل مقومات العمل الصحفى الفاعل الحيققى، وتبقى فقط الخطوات والإرادة من جانب المسئولين والقائمين على بلاط صاحبة الجلالة أن يسترجعوا هذه المكانة وهذا التأثير
, لا لشىء، إلا لصالح هذا الوطن .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط