الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نبيل علي يكتب: هل أتَاَكَ حديث الخنجر؟‎

صدى البلد

جلستُ علي مكتبي وأمسكتُ بقلمي وتناولتُ كتابي مُتلهفًا وأحضرت الأوراق مُسرعًا وضغطها معًا بالمشبك, لأري ماذا سأُذاكر من محاضرات أسابيع أربعة مضت لم أتعرض لها, وما هي إلا دقائق معدودة حتي شعرت بشيء يمنعُني من الكتاب ويمنعُه مني, فأين ذهب كل ذلك التلهف؟ ومتي تُدرك كل هذه الموضوعات والوقت قصير؟ لا أدري ..غير أنني لا أستطيع أن أُذاكر الآن, فالكتاب الجامعي الذي أقضي جُلَّ وقتي أيام الدراسة في صحبته لم يعُد له أي قدرة علي الجذب, كما لم أعُد قادرًا علي إكراه نفسي علي صحبته, فهو فتورٌ حل بالعزيمةِ فلا أستطيع المذاكرة, ونفورٌ حل بالنفسِ فكرهت صحبة الكتاب, واقتناعٌ تولد في العقل بانعدام الفائدة, فكيف السبيل؟؟

ورويدًا رويدًا إذ بيدي تتحرك لتمسك بالهاتف المحمول غير البعيد عني, ولا أعرف كيف ومتي تحركت لتمس تلك النقطة التي يسمونها "داتا" لتفتح معها الفيس بوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي, لتأتي الرسائل والإشعارات من هنا وهناك, وبعدها مر الوقت الثقيل كطيفٍ عابرٍ في ظهيرة يومٍ حارٍ سرعان ما يمر دون أن تشعر بوجوده أو تستمتع به, هو فقط يُمنِيكَ ويُشهِيك وأنَّا لك به.

وبينما أنا تائهٌ بين ما كَتَبَ زيدُ وكيف رد عبيدُ إذ بصوتٍ ينادي من قرارة نفسي, هل يليقُ بك أن تقضي كل هذه الأوقات في تصفح كلمات وحركات يغلب عليها الزيف والتصنع, وعندك من الهموم ما لا تطيق معه الجبالُ صبرًا, ومن الأعمال ما يحتاجُ إلي جانب العمرِ عمرٌ ثاني؟؟

وبعد اعتراك بين العقل والهوي استطعت أن أُمرر يدي بخجلٍ علي نفس النقطة التي حدثتك عنها سابقًا "داتا", وفتحت كتابًا غير كتاب الجامعة, كان قد أرسله لي أحد الأصدقاء فإذ بكلامه جميلٌ وموضوعاته كثيرةُ وضروريةُ لمن هم في مثل دراستي, وكذلك لأي راغب في الثقافة, ولم تمض ساعتان حتي كنت قد اطلعت علي كثير من موضوعات الكتب, بل أنه لم يكد يمر اليوم الثالث حتي كنت قد انتهيت من الكتاب بشكل كامل.

وهنا كثرت الأسئلة المثارة في نفسي, ماذل لو استطعت أن أفعل ذلك كل يوم؟ ماذا لو فعلت ذلك لمدة أسبوع؟ ماذا لو شهر؟ وكيف سأكون بعد سنتين أو ثلاثة؟ وهل أستطيع؟!!!

ولكني لن أكذبك الحديث فأنا أكتب إليك هذه الكلمات ولا يزال هاتفي مفتوحًا بجانبي كما هو أول الأمر يتلقى الرسائل والاشعارات وكأنها تأشيرات الموت والحياة...

وتستمر مأساتي هكذا والنتيجة مزيدًا من الوقت الضائع والعمل الفائت فهل من فتيً شجاع ينزع عني وعنه ذلك الخنجر المسموم الذي تسلل إلي صدري ساعة سهوٍ وغفلةٍ؟

ولكن يا لحسرتي حين يكون الخنجر افتراضيًا يحس به القلب ويعرفه العقل ولا تراه العين ولا تمسك به يد الطبيب فحينها يكون الأمر ليَّ وحدي أنزعهُ أو أتركهُ, ولكني لا أستطيع..