الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لو عادت مصر 100 سنة للوراء .. لتقدمت بالتاء المربوطة ..


مصر البلد الوحيد في العالم الذي لو عادت عجلة الزمن بها للوراء 100 عام ستتقدم وتنهض وتصبح في صدارة الدول والأمم كما كانت وقتها في كل المجالات والأنشطة وقوة اقتصادية، كانت وقتها تُقرض بريطانيا العظمى وكانت أمريكا وقتها تطلب من مصر المساعدة ويد العون، وكان الجنيه المصري يساوي عدة دولارات والجنيه قيمته أكثر من الجنيه الذهب، وكانت القاهرة عاصمة العالم وأنظف وأجمل من عواصم أوروبا.. ولو تحدثنا عن أوضاع المرأة المصرية وقتها فحدث ولا حرج من حيث التعليم والشياكة والأناقة. 

استوقفتني صورة تعود لعام 1932 ميلادية تضم عدة فتيات أنيقات على آخر صيحات الموضة وقتها، وتضم الدكتورة توحيدة عبد الرحمن وهي أول طبيبة يتم توظيفها في الحكومة المصرية من مواليد عام 1906 ميلادية، وفي عام 1922 سافرت للدراسة في بريطانيا، وعمرها كان وقتها 16 عاما فقط، وذلك ضمن بعثة تعليمية تضم 6 فتيات بناء على قرار من الملك فؤاد، وعادت إلى مصر عام 1932 م، وأصرت على الاهتمام بالفقراء وعلاجهم بدلا من العيادة الخاصة المجهزة بأحدث المعدات الطبية وقتها.

وكانت في أشيك مناطق القاهرة والتي أهداها والدها اليها ولكنها رفضت ذلك وأصرت على الاهتمام بالفقراء والعمل من أجلهم وعلاجهم وبالفعل تم تعيينها بعد عودتها من بريطانيا في مستشفى (كيتشنر) الخيري والذي تحول بعد ذلك الى (المستشفى العام بشبرا ) وهي بذلك تعد أول طبيبة مصرية تلتحق بالجهاز الحكومي في عام 1932 م. 

وبعد ذلك استقالت عام 1952 لكي تتفرغ لأسرتها وبيتها وأبنائها .. ( تخيلوا معي منذ حوالي مائة عام كانت الفتاة المصرية تسافر وعمرها 16 عام فقط للدراسة في بريطانيا والعودة طبيبة .. الغريب أن وضع الفتاة المصرية أقل من 16 عاما الآن أصبح أسوء بكثير والدليل انتشار ظاهرة زواج القاصرات، واللاتي يتجاوز عددهن كل عام 160 الف زيجة قاصرات في القرى والأقاليم. 

يالها من فاجعة ومفارقة أليمة .. الأمم تتقدم بالتاء المربوطة، ما الذي حدث للمجتمع المصري وعاد به للقرون الوسطى بعد ما كنا في طليعة الدول التي تهتم بتعليم الفتيات كالأولاد.. إنه يا سادة التدين الزائف.. المغلوط وابن تيمية وسيل أحاديث الأحاد التي يقول عنها ابن تيمية وأعوانه أنها تنسخ القرآن في بعض الأحيان.

أعود لموضوع المقال وهو وضع التاء المربوطة في مصر قبل 100 عام وكيف كانت والدليل الدكتورة توحيدة عبد الرحمن والتي تعد من أهم رموز التاء المربوطة في مصر وتحصل على بكالوريوس الطب من بريطانيا عام 1932 م وتصمم على العمل الخيري وعلاج الفقراء في مستشفى خيري وتعد الدكتورة توحية قصة نجاح وقدوة للفتيات المصريات ورمز لهن في وقت كان فيه تعليم الفتيات يواجه صعوبات كثيرة غير أن إنتماء الدكتورة توحيدة لأسرة تؤمن بتعليم الفتاة وتقدر دورها من دون تفرقة وهو مافتح أمامها الأبواب لحقق أحلامها وتتحول سيرتها لرسالة ونموذج لجيل الفتيات حتى في وقتنا الراهن وماقبله ومابعده .. 

وصحيح أنه هناك في تاريخ مصر المعاصر نماذج نجاح كبيرة للتاء المربوطة ونماذج كثيرة قد لا تسعفني الذاكرة بالأسماء ولكن هناك مفيدة عبد الرحمن وهدى شعرواي وحكمت أبو زيد التي حصلت على درجة الماجستير من جامعة سانت أندروز باسكتلندا عام 1950 ثم الدكتوراة من جامعة لندن ثم أصبحت وزيرة في الستينيات في عهد جمال عبد الناصر .. 

وهناك الدكتور عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطيء) ومشوارها العظيم في قضايا الفكر الاسلامي وتعتبر نموذج لنضال المرأة المصرية في سعيها للنجاح والتميز في زمن كان يقتصر فيه دور المرأة على المنزل وتحصل على الترتيب الأول على القطر المصري ثم تخرجت من جامعة القاهرة كلية الاداب قسم اللغة العربية عام 1939 وتنال درجة الماجستير عام 1941م ثم تزوجت أستاذها بالجامعة الدكتور أمين الخولي أحد قمم الفكر والثقافة في مصر وصاحب الصالون الادبي والفكري الشهير بمدرسة الامناء .. وحصلت على رسالة الدكتوراة عام 1950 ويناقشها عميد الادب العربي الدكتور طه حسين. 

لا شك أن الساحة الفكرية والعلمية والأكاديمية وحتى السياسية في مصر حاليا ذاخرة بالنماذج الناجحة لسيدات وفتيات حصلن على أعلى الدرجات العلمية من مصر ومن مختلف الجامعات بالعالم .. وأيضا وصلت المرأة المصرية لمنصب الوزيرة والقاضية والطبيبة الماهرة وأيضا في مجالات الهندسة والعلوم وحتى الطيران وقيادة الطائرات .. إلا أن ما أريد قوله والتأكيد عليه هو أن التاء المربوطة في مصر لم تحصل على حقها بالكامل في المواقع القيادية بالمجتمع كما كانت في بداية القرن العشرين أي من مائة عام. 

وأتمنى وأدعو الله أن تعود مصر جميلة ونضيفة وقوية اقتصاديا واجتماعيا ومجتمعيا ونتخلص من العوار الذي أصابنا بالخلل الاجتماعي وأن يعود مستوى التعليم الجامعي وماقبل الجامعي الى مستوياته عام 1930 .. وأن تحصل التاء المربوطة على كافة حقوقها وأن تنتهي ظاهرة زواج القاصرات البشعة المخالفة لكل قيمنا المجتمعية والانسانية قبل الدينية .. وأن نقضي على الجهل والمرض والفقر .. والله المستعان.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط