الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الموساد الإسرائيلي خطط لاستهداف مسجد الروضة ومقتل عبد الله صالح منذ 2005


احتضنت العاصمة الفرنسية، باريس، في سبتمبر 2005، اجتماعا، ضم رؤساء الاستخبارات الغربية، بحضور رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي، لدراسة وتقييم الأوضاع بعد مرور عام على الغزو الأمريكي للعراق، والإطاحة بنظام الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين.

كما عقد اجتماع باريس بعد مرور 4 سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ضد مواقع إستراتيجية في واشنطن و نيويورك، لا سيما مبنى وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون" وبرجي مركز التجارة العالمي. كما تزامن نفس الإجتماع مع الذكرى الخامسة للانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت شرارتها في سبتمبر 2000 بعد إقتحام إريل شارون، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، ساحة المسجد الأقصى، لتتوالى العلميات الاستشهادية التي أدت إلى مقتل 1100 إسرائيلي وإستشهاد أكثر من 4 آلاف فلسطيني فضلا عن إنزال ضرر بالغ بالاقتصاد والسياحة في إسرائيل.

وقد أسفر هذا الاجتماع، عن خضوع جميع رؤساء الأجهزة الغربية لرأي مائير داجان، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، آنذاك، وبتأييد قوي من جورج تينيت، رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكي "سي أي إيه"، على ضرورة ما أطلق عليه التنفيذ الفوري إستراتيجية "توطين الإرهاب في دول الإرهاب"، من خلال تشجيع وتمويل وإحتضان كافة الجماعات ذات الخلفيات الدينية والعرقية والطائفية على اختلاف مذاهبها وعقائدها وأعراقها بدءا من جماعة الإخوان المسلمين، ومرورا بالقاعدة، والحوثيين وقيادات متشددة من الشيعة والسنة وغيرها من الجماعات الإرهابية والتكفيرية.

كما شددوا على ضرورة أن تقوم أجهزة الاستخبارات الغربية باستنباط جماعات جديدة ذات خلفيات دينية مختلفة في العالم العربي تتسم بالتشدد والقتل وسفك الدماء، لتسهيل نشر الفوضى في دوله لزعزعة استقرارها تمهيدا لتقسيمها إلى دويلات متحاربة متطاحنة على أسس طائفية، ومذهبية، وعقائدية، وعرقية وأعتبر مائير داجان أن نشر الإرهاب في العالم العربي من خلال الميليشيات الدينية المتشددة هو السبيل الوحيد لكي يلتهي العرب في مشاكلهم، وتتراجع القضية الفلسطينية من رأس قائمة أولوياتهم، مما سيؤدي إلى توقف العمليات الإستشهادية ضد الإسرائيليين.

كما أكد مائير داجان ضرورة أن توجه التعليمات للجماعات الإرهابية الإسلامية بترديد نداء" الله أكبر " "الله أكبر " وهي بصدد تنفيذ مذابحها حتى تصل صورة الإسلام للعالم الخارجي على أنه دين عنف وقتل وسفك دماء، ودمار وتخريب في وقت يبرر به العرب العمليات ضد الإسرائيليين بأنها عمليات مقاومة مشروعة ضد الاحتلال وفقا لقواعد القانون الدولي.

كما اتفق رؤساء الأجهزة الغربية خلال نفس الإجتماع على إستراتيجية قدمها أيضا الإسرائيلي، مائير داجانا، تقوم على العمل على تقسيم السلطة في الدول العربية بين الحكومات المركزية وبين جماعات ذات خلفيات دينية ومذهبية وعرقية في حال عدم إمكانية إسقاط الدولة المستهدفة في براثن جماعة دينية بمفردها.

وقد برر رئيس المخابرات الأمريكية، تأييده لإقتراح نظيره الإسرائيلي، بأن القوات الأمريكية فوجئت بعد مرور ما يزيد عن عام من إلقاء القبض على صدام حسين، في مخبأه في مسقط رأسه بمدينة تكريت، بأن الخلاف والتطاحن والكراهية بين الشيعة والسنة أشد قسوة بكثير من كراهيتهما للإسرائيليين والأمريكان. وأضاف أن جنود المارينز الأمريكيين، من أصول عربية، كانوا يطلعون قادتهم على السباب المتبادل الذي كان يخرج من مساجد الشيعة والسنة ضد أبناء كل طائقة ورموزها الدينية وأعتبر جورج تينيت أن هذه الكراهية ستسهل للقوات الأمريكية هدفها في تفتيت العراق إلى ثلاث دويلات دولة شيعية، وأخرى سنية، وثالثة كردية، لتكون بداية مخطط تقسيم الدول الكبرى في الوطن العربي.

وكشف موقع فرنسي متخصص في عمل أجهزة الاستخبارات، أن رئيس الموساد الإسرائيلي إلتقط الميكروفون من نظيره الأمريكي وأكد أن السنوات العشر القادمة من 2005 إلى 2015 لا بد أن تكون سنوات تشجيع الجماعات الدينية التكفيرية في الدول العربية، مشيرا أنه لن يكون تحقيق ذلك ممكنا إلا من خلال العمل على وصول أنظمة دينية إلى حكم هذه الدول، خاصة في الدول المستقرة منها، حتى يبدأ أبناء هذه الدول في التطاحن فيما بينهم وهنا سينشغل العرب بقتل بعضهم البعض، وبذلك تستطيع إسرائيل أن تعيش في سلام بعد أن عانت أشد المعاناة من العمليات الإستشهادية التي أعقبت الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وأشار رئيس الإستخبارات الإسرائيلي أن أهم ما يميز الجماعات الدينية في الدول العربية أنها لا تعترف بالدولة الوطنية وبذلك فهي على استعداد لإسقاط هذه الدولة الوطنية من أجل ما يسمونه بالخلافة الإسلامية مؤكدا أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر هي رائدة هذا الفكر، ولذلك يجب أن تحظى هذه الجماعة برعاية خاصة بتمكينها من الوصول إلى سدة الحكم في مصر، أكبر وأهم دولة عربية.

وإذا كان المصريون قد نجحوا في إحباط أحد أهداف إجتماع، باريس، بإفشال مخطط تقسيم مصر بالإطاحة بالإخوان في ثورة 30 يونيو، فإننا هنا ينبغي أن نتوقف في ظل ما يحدث في الدول العربية من تقسيم للدولة الوطنية وإرهاب، وسفك للدماء وسيطرة جماعات إرهابية على ثروات بعض هذه الدول العربية، وتصاعد الكراهية بين المذاهب، لكي نتأكد من أن أجهزة الاستخبارات الغربية بقيادة الموساد الإسرائيلي نجحت بنسبة كبيرة في تنفيذ مخططها.

فالهجوم الإرهابي الذي إستهدف مسجد الروضة بشمال سيناء في نوفمبر 2017، يتطابق تماما مع إستراتيجية إجتماع باريس . فتنظيم" داعش " الإرهابي نفذ مذبحة أزهقت حياة المصلين في بيت من بيوت الله خلال صلاة الجمعة، وبالتزامن مع احتفال مصر بالمولد النبوي الشريف، بعد أن اعتبر تنظيم داعش الإرهابي أن المصلين في مسجد الروضة " كفار " لأنهم ينتمون للمذهب الإسلامي الصوفي وهو المذهب المعروف أنصاره بالزهد في الحياة و عدم الإهتمام بملاذاتها وعدم السعي للوصول للسلطة أو المال.

وتنطبق أيضا إستراتيجية إجتماع باريس على الطريقة الوحشية التي تم بها إغتيال الرئيس اليمني السابق، على عبد الله صالح، على أيدى ميليشيا الحوثيين الإرهابية . فتوجيه الرصاص لرأس علي عبد الله صالح حتى خرج مخه من رأسه، عكس ما قاله رئيس الموساد الإسرائيلي " أننا نريد جماعات تكفيرية تعمل على سفك الدماء في الدول العربية وتصفي كل من يعمل على توحيدها" . ففي واقع الأمر فإن جماعة الحوثي لم تقم بتنفيذ تصفية علي عبد الله صالح إلا عندما أعلن عن ضرورة عودة اليمن وطن موحد غير مقسم المعروف أن علي عبد الله صالح نجح في توحيد اليمن في 1990 ليكون بذلك أول رئيس لليمن الموحد حتى الإطاحة به عام 2012.

ويكشف فيديو نشر قبل اغتيال الرئيس اليمني السابق الدور الرئيسي الذي تلعبه أجهزة الإستخبارات في تصفية من يعملون على مكافحة تقسيم الدول العربية .قد أظهر هذا الفيديو أحد المرافقين لعلي عبد الله صالح وهو يعانقه ويقبله في رأسه وهو يضغط عليها في نفس المكان الذي تلقى فيه علي عبد الله صالح الطلقة القاتلة التي أخرجت مخه من رأسه وتسببت في استشهادة وبالتدقيق في الفيديو نجد أن هذا الرجل يدعى " فارس مناع " تمكن من لصق مادة إشعاعية على رأس عبد الله صالح وهو بصدد تقبيل رأسه سهلت لميليشيا الحوثي تحديد مكانه واستهداف بالقناصة.

وفارس مناع هو تاجر سلاح يمني تخصص في توريد السلاح للحوثيين كما أنه كان يلعب في نفس الوقت دور الوسيط القطري بين علي عبد الله صالح والحوثيين وكان هذا الفيديو قد صور في منزل علي عبد الله صالح في، صنعاء، بحضور عدد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي الذي يترأسه علي عبد الله صالح فضلا عن إبن أخيه طارق صالح الذي قتله الحوثيون قبل أيام قليلة من مقتل عبد الله صالح وبكل تأكيد، فإن قطر لا تمتلك تكنولوجيا التتبع التي لصقها تاجر السلاح اليمني في رأس على عبد الله صالح، لكنها تمتلك المال لتمويل عملية الإغتيال تنفيذا لأوامر الأجهزة الاستخباراتية والمعروف أن إسرائيل وأمريكا هما فقط اللذان يمتلكان هذه التكنولوجيا التي تحاول روسيا التوصل لسرها دون جدوى حتى الآن.

والغريب في الأمر أن الجماعات الإرهابية بمختلف أشكالها تنفذ حرفيا ما شدد عليه رئيس الإستخبارات الإسرائيلية خلال إجتماع باريس بإطلاق نداء "الله أكبر" " الله أكبر" عند إرتكاب المجازر بحق الأبرياء، فالإرهابيون قتلة شهداء مسجد الروضة بشمال سيناء كانوا يكبرون" الله أكبر" وهم يطلقون النار على المصلين الأبرياء كما كان نفس النداء" الله أكبر " يردده ميليشيا الحوثي وهي تسحل جسد علي عبد الله صالح في مشهد يعيد للأذهان مقتل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي مصحوبا بنفس النداء.

وأخيرا لا ينبغي تحميل كل يجرى في الدول العربية من كوارث للخارج و تبرئة أنفسنا مما يحدث في دولنا ، فلولا تمسك العرب بالعداء القديم بين السنة و الشيعة و الذي يعود للفترة التي أعقبت وفاة الرسول عليه الصلاة و السلام منذ 1400 سنة مضت ما تمكنت إسرائيل و إمريكا من تقسيم دولنا على أسس مذهبية و عرقية و قبائلية و لولا الخطاب الديني المتشدد و الفكر الوهابي المتطرف ما أستطاع أعداء الأمة تفتيتها و تدميرها و الإستيلاء على ثرواتها .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط