الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القرار الأمريكى.. محاولة للفهم


كان القرار اﻻمريكى فى 6 ديسمبر 2017 والذى أعلنه الرئيس اﻻمريكى دونالد ترامب بنقل السفارة اﻻمريكية إلى القدس ومن ثم اﻻعتراف بالقدس عاصمة ﻻسرائيل متوقعا فى ظل حالة التخبط التى يعايشها حاكم البيت الأبيض منذ تنصيبه رئيسا لأكبر دولة فى العالم قبل عام تقريبا لأنه كان من ضمن وعوده الانتخابية التى داعب بها اللوبى اليهودى فى أمريكا.

وبعيدا عن تداعيات القرار كان ﻻبد من الوقوف أوﻻ أمام البيئة الداخلية واﻻقليمية التى توضح بشكل كبير وتؤكد على أننا جزء من هذا القرار وأقصد هنا ماتبقى من الدول العربية وبالرغم من عدم عدالة القرار فإن العلاقات بين الدول والقرارات تحكمها المصالح وكذلك تقدير المواقف ومراعاة حيازة القوة بمعناها الواسع ومنها القوة الناعمة والصلبة.

والمتأمل في الواقع العربى يدرك أن التحديات التي تواجهها الدول العربية ممتدة منذ 2011 بحيث أصبحنا نتحدث عن البقية الباقية من الدول العربية التى استطاعت أن تفرض واقع اﻻستقرار وبداية اﻻنطلاق نحو الأفضل وأقصد هنا بدايات التنمية التى أصبحت الطريق نحو اﻻستقرار وتحقيق أهدافها ومنها اﻻنطﻻق نحو الوحدة والتكامل والرفاهية حتى وإن ظل هذا بعيدا اليوم فإن اﻻمل والمستقبل فى تحقيق هذه الغاية ما زال قائما ومستمرا ويمثل غاية ﻻبد من الوصول إليها قريبا.

ومع تصاعد النفوذ اﻻيرانى أصبحنا نرى الرايات المذهبية التى تؤكد هذا النفوذ فى عواصمنا العربية التى كانت فى الماضى القريب تمثل ثقلا فى المواجهة على الصعيد اﻻقليمى والدولى وتشهد على ذلك بغداد ودمشق لذلك تم وضع هذه اﻻعتبارات اﻻقليمية عند اتخاذ القرار في ظل بحث الدول العربية عن المساندة اﻻمريكية فى المواجهة المرتقبة مع إيران التى أراها ستقف عند الحلول السياسية دون المواجهة المباشرة.

وفى تقديرى أن البحث عن خلق آلية لمحاولة رأب الصدع فى العلاقات العربية اﻻيرانية قد يكون متاحا فى المستقبل بشرط تحقيق توافق على عدم التطرق للمسائل والخلافات المذهبية التى تدور حولها معظم الخلافات.

وحتى تتضح الصورة فإن هذه الدعوة ﻻبد وأن تكون من خلال تكتل الدول العربية كلها لتحقيق أهداف منها اﻻستقرار فى المنطقة وضمان عدم التدخل في خصوصية الدول العربية، هذه كانت البيئة اﻻقليمية التى أراها ساعدت كثيرا اﻻدارة اﻻمريكية فى تفعيل هذا القرار.

أما عن البيئة الداخلية فإن القرار جاء على خلفية إرضاء ناخبيه الذين سيتخلون عنه فى حالة التحول عن وعوده والتى من ضمنها الحفاظ على أمن إسرائيل ونقل السفارة اﻻمريكية إلى القدس وما يجب التأكيد عليه أن هذا القرار يحمل توجهات وتطلعات للبقاء فى هذا المنصب الرفيع طالما يفى بوعوده لناخبيه.

ويمتلك ترامب ومؤيدوه قائمة من التوجهات التى تصل إلى درجة اﻻعتقاد بأن مساندة ودعم إسرائيل واجب مقدس ﻻيمكن التراجع عنه من هنا كان القرار إضافة إلى تفضيل الرجل الخيارات التصادمية خاصة فى الشرق اﻻوسط فى ظل حالة التغييرات التى طرأت وما زالت تداعياتها مستمرة حتى اﻵن.

وفى النهاية أرى أن الكيان الصهيونى مازال يراهن على تحقيق التعايش والسلام مع كل البلاد العربية أملا فى الوصول إلى شرعية غائبة بالأساس منذ وعد بلفور حتى اﻵن ويبقى على الدول العربية إدراك عظم التحديات التي تواجهها وترتيب أولويات حتى ﻻنقع فى أخطاء قديمة ويبقى الحفاظ على اﻻستقرار والأمن هدفا حاضرا ومستمرا ﻷن الفوضى التى تدعمها دول وتنظيمات أصبحت معروفة للكل اﻵن تتربص بنا وعلى جميع المستويات ،وستبقى القدس عربية مهما طال الزمن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط