الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وعد بلفور الثاني.. وأبو جُحيشة السلفي خطيب جُمعتنا الغاوي


الزمان ... الثامن من ديسمبر 2017م الموافق يوم الجمعة الذى جاء بفاصل يوم واحد فقط عن كارثة الأربعاء الذى يسبقه وقد أعلن فيه الرئيس الأمريكي ترامب وعد بلفور الثاني متحديا العرب والمسلمين والقانون الدولي بلفتة بلطجة نوعية أعلن فيها ضم القدس الشريف لما يسمي " بإسرائيل " معتبرا المدينة المقدسة عاصمة للكيان الصهيوني كاسرا بذلك أنف قرارات الأمم المتحدة وشرعية الإجماع الدولي وهيبة مؤسسات العالم المُنظمة والضامنة للسلم والأمن الدوليين ..!!

والمدينة التي انتهك حريتها ترامب وشرعن احتلالها .. ليست قرية نائية على أطراف كوكبنا ... إنها كعبة أحداثه فهي تضم بحق كل رفات قداساته ومقدساته ... حولها عاش الأنبياء وفيها نزلت تعاليم السماء وبها يزخر الإرث الديني بحوادث أثيرة عند المؤمنين لامست فيها حدود الأرض أطراف السماء ..!

فالمدينة سطور مقدسة مكتوبة في قرآن المسلمين وإنجيل المسيحيين وحولها تسبح الذكريات وبها يكتمل عمق الإحساس بالدين ..

وهي أيضا عند العالم الإنساني مدينة السلام ... وإرث الفلاسفة ... فقدمها بقدم المعرفة المنتجة لكل ما نراه من تحضر ..

والصراع المعاصر حولها على أشده عمره يتجاوز مائة عام عصفت فيها الدماء بالأشلاء وحول روائح الموت تشتد عزائم القوم الساكنين فيها والمرتبطين بها لتقديم المزيد من صور الاستشهاد ..

وعليه يتداول بينهم التساؤل ... كيف لشرذمة من ذرية يهود مملكة الخزر أن تأتي من أشتات الأرض بدعم أمريكي لتخرج شعبا مستقرا بفلسطين إلى الشتات وتحتل ديارهم ومقدساتهم بل ويحاول الأمريكي بنهج بلطجي أن يلوي لهم منطق القانون الدولي أو يدوسه ليتحول المشهد برمته لأزمة سيتحرك لا محالة فيها البارود وسط طحوسه...!

لقد انفجر العالم كله حول حادثة الاعتراف الأمريكي المشينة بسلوكيات أمريكا والمُخرِجة لها من صف الوسيط إلى الطرف والمصورة لها كدولة مارقة تعمل خارج الإجماع الدولي وقوانين مجلس الأمن التي تتشدق بها وتدين الدول الأخرى عندما تتجاوز بعض سطورها ..!!

المشهد بادعاءاته دفع العالم العربي والإسلامي الذى لا يزال بعضه حرا لأن تمتلئ شوارعه بالمظاهرات اللاهبة .. أما في القدس فقد نهبت المدينة المقدسة مشاعر أهلها فعاشوا بالطرقات المشتعلة لا يمنعهم الشتاء القارس من البقاء في الخلاء خلف المتاريس معلنين النفير العام ..!

واحتدمت بالنداء والتحاليل كل منابر الإعلام ... وتعلقت كل العيون بمصادر الأخبار تراقب المواقف التي أضحت متباينة بين مقاوم مخلص لقضيته ومدلس متعاون من الغزاة اختبأ خلف صمته وقد بدت من سطوره مشاعر مكره وجريمته ...!

وسط هذه الأحداث ... وخطورة السقوط الذى ربما يبتلع القدس ثالث الحرمين وأول المسجدين والقبلة الأولى للمسلمين بدأ الناس يتوافدون إلى مساجد الجُمع بعد وعد ترامب بالأربعاء المشئوم كي يسمعوا عن القدس أنهرا من أمل وخطة من عمل ولحظات من علم يشرح التاريخ ويحيط بالمكر الذى دار حول المدينة المقدسة فكل فرد ستبقى هذه قضيته ما دام إنسانا وما دامت عادلة تنتظر دوره ومشاركته في نصرة الحق الذى تمثله .!

ذهبنا كما ذهب الملايين إلى مسجد ثرى بوطن غني على شاطئ الخليج ..

وقبل الصلاة بوقت يكفي لقراءة الكهف مع سورة الإسراء فلابد أن إمام الصلاة سوف يشير إلى هذه الآيات ..!

وسرعان ما حضر الإمام ... وبعد الأذان .. وقف مشدوها في حيرته .. يتخبط بفراغ عباءته ... ويتلعثم لسانه وهو يقرأ من ورقة أمليت عليه لا يجيد نسج سطورها ولا فرز حروفها ..

ما فهمناه منه أن الأيام قد جرت بفضل الله على فصولها .. ونحن الآن بفصل الشتاء وقد منَّ الله علينا بالسنن والآلاء ..

ومنها جواز المسح على الخفين ... وترك الجورب ببرد الشتاء على القدمين ... والجمع عندما يشتد الصقيع بين الصلاتين ... ثم انتهى من خطبته الأولى العصماء الطويلة ... فقلت وضميري يلتمس له الحيلة لابد أنه ادخر للقدس كل خطبته الثانية الأخيرة .

ولكن قام بعدما استغرق جالسا زمنا لعل مأموميه ينتهون من دعائهم عسى الله أن يسمع له ولهم ..!

بان صوته بمكبرات الصوت .. وإذ به لن يمر بجوار الوقت .. وعلى الفور بدأ موشحا طويلا بالدعاء على المجوس وأذنابهم في اليمن ... وختمها بالترضي على أبي بكر وعثمان وعمر ..!

وقامت الجموع إلى صلاتها .... وانفضت منها إلى بيوتها .
ساعتها أدركت أن منهج أبي جحيشة السلفي هو من سلم القدس بلا بنت شفه ...

عندما يتم تسطيح الأمة وتدويخ القضية وبيع الذمم بمساجد ضرار لا هم لها غير صناعة الفتن وتطريز الكفن لكل عزم وحق حتى لحق إثمها بالمدينة المقدسة التي تحتضن رفات التاريخ وحولها تحاصرها المحن .!

إن هؤلاء الذين أسقطوا الشام والعراق وليبيا وحاولوا مع مصر بخطبهم يتحير المتابع عندما لا يجد للقدس منهم وقفة بحجم قداستها ... !

فهل ينتظرون الإغارة على القدس بعدما يحررها المسلمون الشيعة ليحذروا أتباعهم الضائعين حينها بالوهم والتدليس وكل حيلة لكي يستأنفوا من جديد بيننا عقدا وبيلا من الفتن.. !

أليس عجيبا ومستغربا أن ملك وملكة الدنمارك يتظاهران بالكوفية الفلسطينية من أجل الحق الذى تمثله القدس بينما لا يذكرها خطيب مسجد جُمعتنا أبو جُحيشة السلفي بسطر من فوق منبره فيدين بذلك منهجه ... ويشير بطرف خفي إلى ما يخفيه من غدر مشهده ... وعلى كل المستويات التي يعبر بها وعنها ....!

إن العدو لم يسلبنا لمهارته ولكنه سلبنا لأن بيننا أمثال أبي جحيشة السلفي وأنه لا يزال فينا من يسمع له... فانتبهوا .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط