الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رائد مقدم يكتب: الكنيسة المصرية الوطنية

صدى البلد

حسنا فعل قداسة البابا تواضروس رأس الكنيسة المصريه وأب كل المصريين، حينما أعلن موقفه برفض لقاء نائب الرئيس الأمريكي مايكل بنس المقرر له الأسبوع القادم، وهو الذي كان يستطيع الهروب من هذا اللقاء بحجة مرضه، ولكنه أصر على إعلان موقفه بمنتهى الوضوح والعلانية، ردا على اعتماد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية في اسرائيل إلى مدينة القدس.

وهو بمثابة اعتراف رسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ليتحد موقف بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مع موقف شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب ليتفقا مع موقف الدولة الوطنية، لتعلن الكنيس عن موقفها الوطني المعتاد والتاريخي الذي تكرر عبر العصور ولم يتغير مرورا بجميع البطاركة، وتاريخ الكنيسة وباباواتها مليئ بالمواقف الوطنية العظيمة والمشرفة والمتجردة عن المصلحة، فنجد من قبله البابا كيرلس السادس وعلاقته المميزة مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

وكان لقداسته لقاءات كثيرة بفضيلة شيخ الأزهر الإمام الأكبر حسن مأمون، لتأكيد روح المحبة والتعاون لخير الوطن، وإصدر بيان مشترك جاء فيه: "من فضيلة الإمام الأكبر الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر، وقداسة البابا كيرلس السادس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية إلى أصحاب الضمائر الحرة في أنحاء الدنيا، نبعثها صيحة مدوية معلنة أن العرب أحرار يرفضون الذل، وأنهم يؤمنون بالله ثم بمقدساتهم التي يرونها رمز إيمانهم، لذا ونحن في جو من الأخوة والصفاء والألفة، النابعين من قلوب عامرة بالإيمان بالله، مليئة بالمحبة الصادقة، والإخلاص لأمتنا ولوطننا، نرى أن نتوجه في هذا الجو العصيب إلى العالم لنخاطب ضمائرهم بما اتفقت عليه كلمتنا.. وهو أن الصهيونية العالمية قضية جنس لا تمت إلى الأديان بصلة وهي تعادي الإسلام والمسيحية، وليست هذه العداوة جديدة ولا مستحدثة وإنما هي وليدة تاريخ طويل، ونرفض تمامًا فكرة تغير الوضع القائم بالقدس قبل العدوان الغاشم كما نرفض تدويل القدس"، وكان لهذا البيان المشترك العظيم صداه القوي بين شعوب العالم كله، ومن أجمل العبارات التي أرسلها البابا كيرلس السادس في برقيته إلى بابا روما: "سنموت مسلمين ومسيحيين شهداء يدافعون عن القدس".

ثم جاء بعده بابا جميع العرب الأنبا شنودة الثالث، هذا البطريرك الحكيم العظيم ليكمل مسيرة من سبقوه من البطاركة بحكمته المعهودة، ويسجل لنا التاريخ الحديث أن البابا شنودة لعب دورًا وطنيًا كبيرًا، وهنا أردت ألا أتحدث أنا عن مواقفه الوطنية، بل أترك هذا لعشرات السياسيين والكتاب والصحفيين الذين لهم على مر السنين انطباعات عن قداستة من خلال أرائه في جبل الهيكل، والبقرة الحمراء، والرقم 7، والكنيسة القبطية في المهجر، هذا إلى جانب أفكاره عن الديموقراطية، وصراع الحضارات، وحوار الأديان، وخريطة الطريق وزيارة القدس، بالإضافة إلى ردود أفعاله حيال دفع الجزية، وحرمان الأقباط من دخول الجيش، وكنيسة ماكس ميشيل، ووثيقة الكاثوليك الأخيرة التي وقعها بابا روما والعديد من الموضوعات الشائكة والحساسة، ومن هؤلاء السياسيين والكتاب والصحفيين الصحفي محمود فوزى ورجب البنا، والصحفي فؤاد قنديل، ودكتور يحيي الجمل، والصحفي ماجد عطيه، وعبدالله السناوي، ومصطفى الفقي.

هل أنا في حاجة لأن أذكركم بمواقف هذا الرجل العظيم الذي يعتبره المصريين رمزًا حقيقيًا لهم، إنه رجل مناضل ووطني.. فهو أول من أصدر عام 1976 كتابًا بعنوان "إسرائيل ليست شعب الله المختار"، وكان أول صوت يرتفع بإيجابية ضد التطبيع ويصدر بيانه الشهير الذي حذر فيه من زيارة القدس ودفع ثمن هذا سنوات معزولًا في ديره عن كنيسته والناس، وأشار إلى أن حزب الله أعلن أثناء وجود قداسته في لبنان بأن قداسته هو بابا الشرق كله وألقيت الخطب في تكريمه وتعداد مواقفه العربية والوطنية.

وأخيرا جاء البابا تواضروس الثاني بطريركا للكنيسهةالأرثوذكسية في أوقات صعبة جدا تمر بها مصر بعد حكم الإخوان الخونة، وتعرض الكنيسة لكثير من الأحداث الصعبة والتي لم تمر عليها من قبل مثل الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية لأول مرة في تاريخها، ومن تطاول بعض شيوخ الفتنة على الكنيسه المصرية، ودعاء "العوا" بتخزين الأسلحةه في الكنائس والأديرة وغيرها من الإدعاءات والافتراءات، حتى أتينا إلى حادثة فض مستعمرة رابعة الإرهابية، لتتعرض أكثر من ٨٠ كنيسة أرثوذكسية مصرية للحرق والنهب، ليقف البابا تواضروس بكل قوة، ويقول مقولته الشهيرة، (وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن) وأيضا (هاتحرقوا الكنائس هانصلي في المساجد وهاتحرقوا المساجد هانصلي في الشوارع وتحيا مصر)، وأخيرا رفض مقابلة مايكل بنس نائب الرئيس الأمريكي الذي جرى الترويج له بكثافة أنه أتي لبحث أوضاع المسيحيين في مصر، وهو قرار حكيم من كل الزوايا أمام المصريين الوطنيين للتأكيد على الوحدة الوطنية، وأمام أمريكا التي لا يهمها إلا مصلحتها فأين كانت من كل الحوادث التي تعرض لها مسييحين مصر أثناء حكم الإخوان وهي التي كانت تدعم حكمهم.

عاشت الكنيسة المصرية الوطنية
وتحيا مصر