الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صلاح عيسى


لم يكن صلاح عيسى، الذى فقدته الجماعة الصحفية، والوطن عموما،مساء أمس، مجرد كاتب صحفى كبير ومشاغب، ولكنه كان رجلا وطنيا حتى النخاع، أستاذا صحفيا، ومحنكا سياسيا.

اقتربت منه سياسيا، فوجدته شعلة من النشاط والحس الوطنى الأصيل، الذى كان يحذوه الأمل فى مستقبل أفضل للوطن.

تابعته عن قرب فى الندوات والمؤتمرات والصالونات الثقافية، فلم أجده سوى مواطنا، بلدياتى، جاء من محافظة الدقهلية، حاملا هموم المواطن البسيط، مؤمنا بها، مدافعا عنها، مطالبا بحقه فى حياة كريمة، والوطن فى مستقبل أفضل.

لم تمرضه، وطنيا، سنوات اعتقاله دفاعا عن قضايا آمن بها، ومثلت مشاكل حقيقية للكثيرين، ولم ينقلب على الوطن أو يكفر به، ولكنه كان يعتبر ذلك ضريبة للمطالبة بحقوق مشروعة، لم يفهم حقيقتها البعض فى فترة زمنية معينة.

لم يكفر بالوطن، أو ينقلب عليه، بعد اعتقاله، ولكنه خرج ليستمر فى النضال، من أجل مستقبل أفضل، ولم يخون أحدا أو يتهم أنظمة سياسية، رغم ما كان يشعر به من ظلم، واعتبر كل ما تعرض له من سنوات مريرة بأنها اختلاف على طريقة الارتقاء بالوطن، غير أن الهدف واحد.

تعاونت معه مهنيا، رئيسا للتحرير، وأمينا عاما للمجلس الأعلى للصحافة، فكان مدرسة صحفية، تعلمت منه الكثير، كما تعلم غيرى من رواد الصحافة، ورموزها فى الوقت الحاضر،كتب مشاغباته لإصلاح المهنة، فقدم الكثير سواء فى صحيفة الأهالى، لسان حال حزب التجمع، أو المصرى اليوم، التى كان يكتب فيها عموده السبت من كل أسبوع، وقد خصص الكثير منها للدفاع عن قضايا واستقلال الصحافة.

لم تصبه المناصب التى تقلدها، بالغرور، أو التعالى على الآخرين، بل كان بسيطا محبا للجميع، مقدما العون لهم.

ناقشته فى كثير من القضايا المهنية، وتقدمت له بمقترحات وقت أن كان أمينا عاما للمجلس الأعلى للصحافة، وافقنى فى بعضها، وتبناها، واختلف معى فى البعض الآخر، غير أنه كان مهنيا محترفا، ملتزما بالقانون ومواثيق المهنة وشرفها.

لم يطلبه أحد من الصحفيين يوما، فى أى وقت كان، ولم يرد عليه، ولم يوجه عبارة واحدة تعبر عن ازعاجه من اتصالات الصحفيين، حتى خلال الفترة الأخيرة التى اشتد به المرض خلالها.

دافع باستماته وشياكة، عن مهنة الصحافة، فقدم وساند واقترح، وشاغب، غير أنه يبقى له فى النهاية، أداءه الصحفى المتميز، نقابيا ومهنيا.

استطاع عيسى أن يفصل بين كونه سياسيا، وبين كونه مهنيا، ولم يخلط بينهما، فلم نر منه ممارسات خارج السياق، كونه سياسيا، أو مخالفة لأداب المهنة كونه صحفيا.

رحل عيسى ورحلت مع الكثير من القيم والمبادئ المهنية والنقابية، وكذلك السياسية، التى ينبغى أن تتوارثها الأجيال، حفاظا على مهنة الصحافة، وإعلاء لشأن الوطن ورفعته.

رحم الله استاذى وأستاذ الأجيال صلاح عيسى، وجزاه عما قدمه لوطنه، وتلاميذه، ومهنته خير الجزاء.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط