الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وداعًا زوجتي الحبيبة


من الصعب أن يفارق المرء شريك العمر بعد زمن من الارتباط والمودة والتآلف، يدرك حينها أنه مهزوم في هذه الدنيا مهما بلغت نجاحاته، فكل منا يستند على رفيقه ويصبح جزءا كبيرا من حياته، يذوب كل منهما في الآخر وعند الفراق يشعر أنه فقد عضوا من أعضاء جسده لا يمكن الحياة بدونه.

ألم الفراق هو أشد الآلام، خصوصًا عندما يكون الحب هو الرابط الأساسي بين الزوجين، قد يذبل كل منهما عندما يفقد رفيقه، منهم من لا يقوى علي الاستمرار في الحياة ومنهم من يلتزم الصمت ويأكله الحزن ويستمر في الدنيا بقدرة المولى عز وجل، وبنعمة الصبر التي تقوي النفس رغم الحزن القاتل ورغم المرار.

ويشتد الألم عندما يعاني أحد الزوجين لسنوات طويلة من شدة المرض وقسوته، فمن الصعب والشديد الصعوبة أن يرى الإنسان شريك حياته يتألم ويموت موتًا بطيئًا متأثرًا بمرض لعين لا حل له ولا علاج إلا الصبر والدعاء، تلك مأساة يعيشها الكثيرون تقتل الفرح وتُمرر الأيام وتجعل الإنسان لا يقوى على فعل أي شيء مهما وضع همه في عمله إلا أنه يحيا متمزقًا من الداخل متألمًا بألم الحبيب المريض.

حكايات متكررة نحياها جميعًا بصور مختلفة ذكرها المولى عز وجل في كتابه الكريم، حيث قال: "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"، حكمة إلهية تدعو إلى الرجوع للمولي بالتضرع والإيمان تشعر أنك لا منجى ولا ملجأ لك غيره سبحانه هو الرحمن الرحيم وحين تمتثل لتلك الحكمة تنال الرحمة والهداية رغم الألم والحزن، معادلة صعبة لا يستطيع حلها إلا إله قادر على المعجزات.

ورغم ذلك، إلا أن النفس مهما بلغت قوتها ضعيفة هشة والقلب قد يمتلئ بالحزن رغم قوة الإيمان كما حدث مع سيدنا يعقوب عندما ابيضت عيناه من الحزن على فراق حبيبه وابنه يوسف عليه السلام ولكنه لم يفقد الأمل في رحمة المولى ولطفه بعباده الصالحين.

وَمِمَّا آلمني في الأيام الماضية، موت زوجة الإعلامي القدير محمد موسى، آلمني حزنه على زوجته التي عانت معاناة شديدة مع المرض من الصعب أن يتحملها الكثيرون، ولكنه صبر وامتثل لإرادة المولى عز وجل في اختباره للصبر وجاهد بكل ما لديه من قدرة على التحمل المادي والمعنوي رغبة منه في إنقاذ شريكة حياته وسنده في هذه الدنيا، غير أن القدر المحسوم تغلب عليه وفرق بينهما ولَم يتبق له سوى عبير الذكرى لزوجة كانت تموت ببطء شديد أمام عينيه حتى اختفت من الوجود وتركته وحيدًا يعاني مرارة الفراق وألمه.

يجب علينا جميعًا أن نتذكر تلك المواقف التي تأتي أحيانًا بكل مرارة وألم وببطء شديد وأحيانًا أخرى تأتي كالبرق دون مقدمات ودون مرض ويفاجأ المرء بأنه صار وحيدًا بائسًا، ولنتذكر المودة والرحمة ونحسن معاشرة أزواجنا ونحاول أن نستمتع بما كرمنا الله به من أيّام حتى نصنع رصيدا من الذكريات الطيبة العطرة نعيش عليها حين يأتي موعد الرحيل ولا نشعر بالحسرة على ما فاتنا من أيّام ضاعت هباءً ولَم تترك الأثر الطيب، فلا أحد يعلم ما كتبه القدر لنا ومتى يحين موعد الفراق.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط