الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنا المواطن


أنا المواطن البسيط الذي لا أعلم شيئًا عن واقع الحياة السياسية وبحورها، لا أعرف الكثير عن الصراعات الدولية ومطامع الغرب والمخطط الصهيوني، لم أحظ بالفرصة كغيري للتعليم وإنارة العقل والقلب، ولدت في قاع المجتمع في حي عشوائي لا أتفهم الجمال ولا أتذوقه لا أعرف معنى الاستقرار، أحارب في الحياة للبحث عن رغيف العيش والأمان، يأكلني برد الشتاء، تحرقني شمس الصيف، أبحث عن الرزق في صناديق القمامة ومخلفات الآخرين.

تعودت عيني علي العنف، الحياة تؤخذ باليد لا أعرف غير ذلك، لم أتعلم لغة النقاش والجدال بالتي هي أحسن، أسمع الأذان ولا أفهم لغة الخطبة التي يتلوها شيخ الجامع بلغة فصيحة، لا أفهم نصف الكلمات، يستخدمني البعض للبلطجة على الآخرين نظير مبلغ من المال، أعذر من يسرق من أجل أن يطعم أسرته وأولاده، أنظر للمجتمع من فوق أعلى الهضبة نظرة محزنة، هل أنا منبوذ من الإله أم أنه ذنب هؤلاء من أعطاهم الله ولا ينظرون إلي نظرة رفق وشفقة، أسمع في وسائل الإعلام أحيانًا أن بلادنا تحتوي على الكثير من الخيرات والكنوز ولا أفهم لماذا أنا فقير، فهل من مفسر؟

هذا لسان حال كل أمي اضطرته الحياة للعيش على الفتات، والبحث عن لقمة العيش حتى ولو كانت على أنقاض الآخرين، لا علم لديهم ولا بصيرة، ومهملون من الجميع، ربما يسعى البعض لتغيير واقع هؤلاء ولكن مع الأسف مازال لدينا الكثير منهم دون مساعدة، دون علم يحميهم أو دين مفهوم يصونهم من أفعال الشيطان، يحيون في أوكار تملؤها كل الموبقات الزنا المخدرات القتل السرقة وغيرها، هناك العديد من المناطق المنتشرة في ربوع مصر حياتهم ضلال، ينبت منهم الإرهاب، يحتاجون إلى يد العون لإنقاذهم من مصير مجهول، قد يكون القتل أو السجن أو التطرّف وكلها طرق مؤدية إلى الهلاك.

هل تتنبه الدولة لهؤلاء؟ هل يستطيع نواب الشعب مساعدة تلك المناطق التي تقع في دوائرهم الانتخابية حتى نحافظ على المواطن قبل أن نحافظ على الوطن؟ هل نستطيع إيجاد حلول جذرية لدراسة هؤلاء البشر ومساعدتهم على التغير أم أنها دول داخل الدولة منبوذة لا يشعر بها أحد؟ والخطر الكبير أن تلك المناطق منتشرة بين الأحياء الراقية وشديدة القرب منهم، ولكن هؤلاء لهم قانونهم الخاص بهم، تحكمهم مشاعر الإهمال ويشعر كل منهم أنه مواطن من الدرجة الثانية لا حاجة للدولة له، المسئولية هنا تقع على الجميع، خصوصًا نواب الشعب من اختارهم الناس لتمثيلهم أمام المجلس للبحث عن حقوقهم وتطوير حياتهم، إلا أننا ما زلنا نشعر أننا نحتاج إلي المزيد من الدراسة في علم النفس وعلم الاجتماع لكيفية تطوير هؤلاء ونزع العنف الكامن لديهم وتأهيلهم للتعامل مع المجتمع، وتحويلهم إلى فئة صالحة لأنفسهم ولمن حولهم.

لا يفهم هؤلاء الخطاب الديني بلغة الفصحي ولا يفهم هؤلاء خطط الدولة للتنمية ولا مفاهيم التطور الاقتصادي، كما يصعب عليهم استيعاب السياسة الداخلية والخارجية، الكثير منهم لم ير النور سوي في نطاقه العشوائي ويشاهدوننا وكأننا من كواكب أخرى أو في بلد آخر، فهل نستطيع أن نغير واقع هؤلاء؟ هل نستطيع أن نزيل الأمية المتراكمة في أغلبية الشعب، هل نستطيع نزع الهمجية والعنف من أفعالهم؟ أعتقد أن النجاح الحقيقي هو القضاء على تلك الأمية ونزع التصرف العشوائي من القلوب وتوفير حياة كريمة لهؤلاء، فهل من مجيب؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط