الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

النيل مُعلم الوطنية ودرع المواطنة


من أسباب عظمة مصر النيل هذا الشريان الذى ينبض بالحياة لمصر وشعبها، ذلك النهر الخالد والجنة التى على شاطئه هو من وهب الحياة لمصر، لذلك فالمصرى القديم قدسه والعدو احترمه ومنحه قدرة ولعل رؤية العدو للنيل على أنه مصدر قوة مصر كقول "هيتون" لقومه ( تربصوا بمصر وقت امتناع النيل عن الفيضان حين تغيب قوتها، وتستحيل ضعفها ، فيكون مقتلها ) دليل على مكانته وقدره، فعظمة مصر من عظمة النيل ، فلو أمن وأدرك المصري حقًا لا قولًا أن حياته مرتبطة بحياة وجريان النيل لدعا له صباح كل يوم (اللهم أدمه علينا نعمة واحفظه من الزوال) .

وأنا هنا لست مجاملًا لنهر سعيت للإقامة بالقاهرة لأنعم بالعيش إلى جواره ، بعد ما قرأت حديث الأغراب عنه ومنهم "هيردوت" الذى ارتبطت شهرته بمقولته (إن مصر هبة النيل) ، وقول "الكندى" عنه (أشرف أنهار العالم) ، ووصف "ابن خلدون" لمصر بأنها ( بستان الدنيا ) ، وقول عبد الله بن عمرو (من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة فلينظر إلى مصر إذا أزهرت وأطردت أنهارها وتهذبت ثمارها وفاض بحرها) .

وغيرهم ممن عبروا بجوار النيل فما بال من نبت وارتوى وأثمر من النيل.. فالنيل صاحب البصمة الوراثية المصرية وهو الأب الذى يمنع أولاده الخير دون أن ينظر إلى سلوكهم وأخلاقهم وانتمائهم ، ولمن أراد أن يذكر الشعب المصرى بهويته الحقيقية فليذكره بالنيل لأنه يروى الوحدة الوطنية فلا يعرف مسلم أو مسيحي وصاحب تيار فكرى وآخر بل يهب للناس الخير دون تفرقة وحتى الغريب يستقبله ويضايفه ، ولا يمكن العبور قبل الحديث عن سد النهضة الأثيوبى الذى يتصدر المشهد الحوارى فى مصر بين الحين والآخر والمُستغل سياسيًا من أطراف المعركة السياسية فى مصر والذى إن دل فيدل على اتهام بالخيانة ليس للقائمين على الملف ونحن لم ولن نشكك فى وطنيتهم أو ثقتنا العمياء فيهم ليست مجاملة بل اطلاعًا وقراءة، فالاتهام هنا للنيل ذاته، فكيف لنا كمصريين أن نشكك فى وطنيته ؟ ، ولا نحسن الظن بأقدم من عاش على أرض مصر وكان دومًا رمزًا من رموز الانتماء والتضحية ، فكيف لسد النهضة أو غيره أن يثنى النيل عن القيام بدوره ومهمته فى وهب الحياة لمصر؟.

هل تناسينا أن رحلة النيل من بدايتها هى سباق حواجز يتخطاها بمهارة وبراعة وإصرار ويتجاوزها حاجز بعد الآخر إلى أن يصل لكريمته مصر ؟ ، فكيف نشكك اليوم فى وطنيته وبراعته وانتمائه ، وسيذكر التاريخ فى المستقبل أن سد النهضة ـ إذا كان خطرًا ـ قد انهار ودمر ليس بضربة جوية ، أو اتفاق سياسي بل بضربة نيلية مائية ، فلنتعلم حب مصر من النيل ، وعلينا أن نتصالح معه ونحاوره ، ونرسل له برسالة طمأنة مفادها أنك قلب مصر وستظل فى قلب شعبها النابض ، فأنت أكبر من فنانيها محدودى الثقافة وأكبر من نرجسية أردوغان وطموحات قطر غير العقلانية ، بل كنت حامى حمى مصر وقلب شعبها النابض ومعلم الوطنية وبرهان المواطنة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط