الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر والنيل وجمال حمدان.. في «بُستان» سمير عطا لله


عمنا وأُستاذنا ومعُلمنا ومعَلم كتابة العمود الصحفي أو المقالة في العالم العربي، أو كما يقولون في بلاد الكُفر الـ Columnist، حبيب مصر ومُحب مصر وأدابها وأدباءها وكُتابها ومُفكريها وفنها وفنانيها ومقاهيها وحاراتها ودروبها ونيلها وتاريخها وآثارها وشمسها وضحاها، أستاذنا الكبير سمير عطا الله، متعه الله بالصحة والعافية وطول العمر.

أقرأ صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية منذ الثمانينيات بالقرن الماضي وأطالعها عادة من صفحتها الأخيرة ومن الزاوية اليمين وهي مقالة الجميل قلما وخُلقا وأدبا الأستاذ سمير عطا الله، بثقافته وسعة اطلاعه ودماثة خلقه وقلمه الجميل.

وعادة ما أستمد منها طاقة إيجابية حتى في أحلك الظروف وأتعلم منها كل يوم جديدا، أما عن حبه لمصر وسرده الدائم عنها وعن أعلامها ومفكريها يعود بنا إلى الزميل الجميل زمن القوى الناعمة الحقيقية لمصر في عزها.

وآخر هذه المقالات الجميلة للأستاذ سمير عطا الله كانت بعنوان "مصر جمال حمدان"، ويا ليتنا عرفنا قدر جمال حمدان وأعطيناه قدره وكم كنت أتمنى أن الدولة المصرية، خاصة في عهد عبد الناصر ومن بعده السادات وحتى مبارك، كانت استفادت من علم جمال حمدان ووطنيته وإخلاصه وحبه لبلده، جمال حمدان يا سادة مازالت كتبه تبهرنا حتى اليوم، ولسنا وحدنا.

أذكر في أول لقاء جمعني بالسفير الياباني بالقاهرة أنه تمنى لو يجد أكاديميا مصريا متخصصا في علوم الجغرافيا والجيوسياسي ليقوم بتدريس كتب وعلم جمال حمدان في الجامعات اليابانية، وأنقل هنا من مقال الأستاذ سمير عطا الله بعضا ما ذكره الدكتور جمال حمدان عن مصر ونهر النيل: "ذهب عالِم مصر العظيم جمال حمدان إلى أبعد من أن «مصر هبة النيل» ليقول، في العلم والحساب والبحث، وبعيدًا عن الشعر الجميل والغناء، إن «مصر هي النيل»".

وكان ابن بطوطة قال قبله: «وليس في الأرض نهر يسمّى بحرًا غيره»، أما سيد العلماء القدامى ابن خلدون فقال إن "النيل جعل مصر بستان الدنيا"، يقول جمال حمدان: « مثلما هو نهر متفرد بين الأنهار، فإن مصر متفردة في حوضه أيضًا».

الآن وبعد دهر من السنين، تنبهت دول الحوض، من أعماق أفريقيا السمراء حتى مصر على المتوسط، إلى أن النيل يمكن أن يقدم لها شيئًا مما قدمه لمصر، إذا عرف أهل الحوض كيف يقلدون المصريين، في إنجازاتهم، وليس في إخفاقاتهم، كما كان يعدد جمال حمدان، ثم أشار الأستاذ سمير عطا الله إلى التطورات الأخيرة وحق دول حوض النيل في التنمية والقمة الأفريقية والقمة الثلاثية التي جمعت بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس السوداني، وقال الأستاذ سمير: "لا شك أن مرحلة جديدة في حياة القارة قد بدأت بعد قمة إثيوبيا الأخيرة، والمسائل التي من هذا النوع يقررها السياسيون، ولكن يحددها العلماء، وهؤلاء سوف يرسمون كيف يفيد الجميع بعدالة من أعظم نهر في العالم دون إلحاق الضرر بأحد"، ثم يعود الأستاذ سمير عطا الله إلى الدكتور جمال حمدان ليقول عنه: "إن من يشبه جمال حمدان في شموليته العلمية، هم فقط المستشرقون أمثال الفرنسي لويس ماسينيون والبريطاني عبد الله فيلبي".

لقد أحاط الرجل بنواحي العظمة وأسباب النواقص، ومثل كل عالِم حقيقي، صارح الناس بما أدرك وقدم لهم الحقائق، وأتمنى أن تقرأ مصر من جديد في دراسات وخلاصات جمال حمدان، وتجعله دليلها العمراني من النيل إلى سيناء.

صدقت يا أستاذنا الجميل سمير عطا الله وأضم صوتي لصوتكم وأناشد الدولة المصرية وعلماءها وجامعاتها أن يعيدوا قراءة ودراسة دراسات وخلاصات جمال حمدان وأن تجعله الدولة المصرية دليلها العمراني من النيل إلى سيناء.

والله المستعان..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط