الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

امسك فساد!!! (4)


تحدثنا في العدد السابق من سلسلة "امسك فساد" عن السبب الأول الذي استند إليه تقرير الفساد العالمي في تقييم وضع مصر، والذي ساهم في تراجع مؤشر الفساد درجتين، ليستقر عند 34 درجة من 100 عام 2017 مقارنةً بالتقدير 36 عام 2016، وبذلك صنف التقرير مصر في المرتبة رقم 108، وبناءً عليه فقد أعلن التقرير أن مصر من الدول التي يتوغل فيها الفساد.

ووعدنا استكمال تحليل مبررات تقرير الفساد الأخرى من خلال هذا المقال.

فقد ادعى التقرير عدم وجود حرية للصحافة والإعلام، بالإضافة إلى عدم استقلال القضاء، وهو الأمر الذي ساهم في توغل الفساد في مصر.

تلك النقاط تحديدًا هي نقاط هشة، وغير موثقة بآية دلائل، وإذا بحثنا عن دلائل صدقها، فسنثبت عكسها تمامًا.

فقد رأى التقرير أن السبب الثاني الذي تم الاستناد إليه وأدى إلى تراجع ترتيب مصر، هو عدم وجود حرية للصحافة والإعلام، فأي حرية للصحافة والإعلام يتحدثون عنها؟

فالهدف الرئيسي من الصحافة والإعلام بصفة عامة هو إيضاح الإيجابيات، وإظهار السلبيات، وطرح الحلول والمقترحات، باختصار عرض الرأي والرأي الآخر بهدف الوصول إلى تحقيق الأفضل في شتى القضايا التي يتم تناولها، وتلك هي الحرية البناءة التي تستهدفها الأمم الناجحة.

لكن ظهر مؤخرًا نوع آخر من ادعاء الحرية للصحافة والأعلام، ألا وهو الإعلام الهدام، وهو على النقيض تمامًا من الإعلام البناء، فموالوه يسعون باحترافية إلى الهدم، وفي تلك الأحوال يجب أن يكون هناك تصدي لهذا النوع من التدمير، فعن أي إعلام وأية صحافة يتحدث تقرير الفساد؟

وإذا أجبنا بالدلائل فسنجد أن الإعلام المصري يتمتع بقدر كبير من الحرية البناءة التي تستهدف طرح الرأي والرأي الآخر، وكله بالدليل؟

ألم يُذكر في إعلامنا أن الجيش مكانه الحدود، وعليه أن يبتعد عن المجالات الاقتصادية "مع تحفظي الشديد على هذا الرأي".
ألم نستمع أن الجيش بينتج مكرونة يا منى!!
ألم يطرح إعلامنا وجهة النظر المعارضة لموضوع جزيرتي تيران وصنافير؟
طيب إيه رأيكم في المعارض أبو أصبع، ألم يظهر في وسائل إعلامنا برضه؟ ولا في حد منعه مثلًا من إبداء أصابعه ... قصدي أراؤه!!
ولا المذيع الملقب ب.... حريقة، فهل حصل على هذا اللقب اعتباطًا مثلًا ولا تكريمًا لجهوده في إخماد الحرائق الإعلامية؟، ده الراجل كل يوم بيولع حريقة!!!
ده إحنا مفيش أكتر من برامجنا الحوارية!! ولا الخبراء عددهم عندنا في اللمون، ويوميًا بيلتوا ويعجنوا في مناقشة السقطة واللقطة، وتوجيه الانتقادات والتي طالت رأس النظام مرورًا بجميع الوزراء والمحافظين، لنفاجأ كثيرًا برد الرئيس بنفسه على تلك الانتقادات وعلى الهواء مباشرة، وغيرها وغيرها من الدلائل التي لا يتسع المقال لذكرها.

فعن أي حرية للصحافة والإعلام يتحدث تقرير الفساد، ومن أين يأتي بمصادر معلوماته؟

أما النقطة الأخيرة التي استند لها تقرير الفساد العالمي، وأثرت سلبًا على ترتيب مصر العالمي هو عدم استقلال القضاء، تلك النقطة تحديدًا، قد حادت عن الصواب كليًا وجزئيًا.

فكيف لقضائنا أن يكون غير مستقل، ويصدر أحكامًا تتعارض مع توجهات الحكومة، فعن أحكام القضاء الإداري أتحدث، وإصداره حكمًا بعدم جواز تسليم جزيرتي تيران وصنافير وهو ما يتعارض مع توجهات الحكومة، فلو كان القضاء غير مستقل لما تم الفصل في تلك القضية تحديدًا أو على الأقل كان يمكن أن يتفق حكم المحكمة مع توجهات الحكومة.

فكيف لقضائنا أن يكون غير مستقل، ويتم إلغاء أحكام بالإعدام لقضايا طالما شغلت الرأي العام، ودعته إلى سرعة الفصل فيها، ليصدر أحكامًا مخففة تخالف توجهات الحكومة ومطالب معظم أفراد الشعب.

فكيف لقضائنا أن يكون غير مستقل، ونرى أن الإجراءات القانونية خاصةً قضايا الإرهاب تأخذ مسارها الطبيعي، دون آية ضغوط من آية جهة مؤسسية تابعة للدولة، ويصل الأمر إلى المرونة في إعادة المحاكمات وتغيير الدوائر لإعادة النظر في القضايا بحيادية تامة، دون التأثر بأية آراء خارجية كانت أو داخلية.

تلك هي الردود الموضوعية التي أوجهها إلى تقرير الفساد العالمي في شأن إدعاءاته الغير حقيقية، ليتسبب في تراجع مؤشر الفساد في مصر.

وأقول لمنفذي هذا التقرير مبرراتكم غير دقيقة، نعم نعلم أن لدينا فساد، فوفقًا لمؤشراتكم لا يوجد دولة في العالم بمنأى عن الفساد، إلا أن إدعاءاتكم في شأن الفساد لدينا قد حملت الكثير من علامات الاستفهام حول مصادر معلوماتكم.

فعليكم أن تتأكدوا من محو الفساد من منظومتكم أولًا قبل أن تعتلوا منصة الحكم على الغير.

وسنعود لنناقش اقتراح آلية لمكافحة الفساد الإداري في المقال التالي بإذن الله تعالى.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط