الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وانتصر أوجلان في عفرين


ونحن في نهايات الشهر الأول من الغزو التركي عفرين في الشمال السوري، في عملية بدأها أردوغان بهدف قضم بعض من أراضي سوريا لتحقيق حلمه الإفتراضي في بعث السلطنة العثمانية من جديد وكي يُخلد أسمه كخامس سلطان عثماني وخليفة للمسلمين ونحن في القرن الحادي والعشرين.

 بهذه النشوة قالها أردوغان بأنَّ جيشه الذي لا يُقهر ومن معه من مرتزقة سيحتلون عفرين خلال أيام قليلة فقط، كما قالها إبَّان غزوه لكوباني.

لكن على ما أعتقد أن هذا السرطان "السلطان" العثماني تناسى أنه لم يحقق حلمه في كوباني وأراد أن يكررها في عفرين علَّه يشفي غليله بعض الشيء ويأخذ بثأر الارهابيين من داعش حينما انهزموا شرَّ هزيمة هناك.

 لم يُدرك أردوغان أنَّ هزيمة داعش ودحرها هي هزيمة له أيضًا، وهو ما زال على أبواب عفرين ولم ولن يصل لقلب عفرين إلا وهو مدحورًا يعيش سكرات الفشل والهزيمة والموت السياسي له.

الذي انتصر في كوباني وسري كاني والرقة هو نفسه الذي سينتصر في عفرين، وهو نفسه الذي انتصر في إيمرالي منذ تسعة عشر عامًا، إنه القائد عبد الله أوجلان "آبو".

فلسفة أوجلان التي أُسها أخوة الشعوب والعيش المشترك هو الذي انتصر وسينتصر في كل مكان ستحل به. إنها الأمة الديمقراطية التي تزغرد بانتصارها الكبير على عقلية أمة الدولة القومية وأمة التطرف الديني.

أراد أردوغان وفي محاولة يائسة منه أن يطيل من عمره بعض الشيء حينما عمل على عقد قرانه مع ممثل التعصب القومي الفاشي دولت بخشلي، أي أنه زواج متعة بين "اسلاموية أردوغان" وبين "قوموية بخشلي"، وهذا ما يؤكد لنا أن المولود لن يكون إلا مسخًا لن يُكتب له الحياة أبدًا، ولن يكون إلا ممثلًا شرعيًا لما يسمى بـ "الأعور الدجال" الذي يريد خداع الناس بأنه هو الوحيد الممثل الشرعي للدين وهو الخليفة الإسلامي وبنفس الوقت الممثل الشرعي للدولة القومية الفاشية التي تعتمد العَلَم الواحد واللغة الواحدة والوطن الواحد.

فشل أردوغان في تسويق مشروعه في الداخل فعمل على إسكات الشعب وترهيبهم وزجهم في السجون، وها هو فشل في الخارج أيضًا ولم يستطع إقناع أحدًا في العالم على أنه لا يمت بصلة للإرهاب. لأن الكل يدرك ويعلم أن الأب الروحي والمعنوي للإرهاب في المنطقة هو أردوغان ولا غير ومن دون منافس.

انتصر أوجلان حينما لم يعتمد على الأقطاب التي جعلت من نفسها آلهة على البشر ويعبدها الإنس إن كان شرقيًا "روسيا" أو غربيًا "أمريكا". بل خطَّ أوجلان لنفسه النهج الثالث الممثل الحقيقي لتطلعات الشعوب التي تئن منذ مئات السنين تحت رحمة هذين القطبين الروسي أو الأمريكي.

انتصر أوجلان حينما فضح الذين يخدعوننا بأنهم مع حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة والمساواة التي ترفع لواءها الدول الأوروبية وكافة المؤسسات الدولية المعنية بهذا الأمر.

وكذلك انتصر أوجلان حينما فضح ممن يدَّعون أنهم الممثلون الحقيقيون للإله على الأرض وأنهم ينشرون تعاليمه السامية في حب الانسان وأن "هدم الكعبة عند الله أهون من قتل إنسان"، فهاهم يمرغون رؤوسهم في الرمال والانسان يُقتل وأن الحجر بات أهم وأقدس من البشر.

انتصر أوجلان حينما فضح دُعاة حق الإنسان في تقرير مصيره بنفسه وله الحق في بناء دولته المزعومة على أرضه الافتراضية، ولكن حينما يكون الكرد حديث الساعة، نرى أن المسلم يتوحد مع الكافر، واليساري يتعاضد مع الرأسمالي والكل يصبح كتلة واحدة لتوسيم الكردي بأنه الكافر، الملحد وأنه اسرائيل الثانية.

لذلك يا عزيزي الكردي أينما كنت على أرض أجدادك أو في المهجر أو حتى لو كنت في عفرين تقاوم، أرجوك لا تنتظر نُصرة أخيك المسلم ولا من يتشدقون بحقوق الإنسان، ولا تصرخ ولا تتوجع كي يسمعك الآخرين، لا تعذب نفسك لأن العالم أصمّ وأبكم وأعمى. ولا سبيل أمامك سوى المقاومة لأن الخيارات محدودة جدًا وهي بيديك أنت ولن تراها عند الآخرين. نعم خياراتك هي إما أن تنتصر أو تنتصر. ولأنه كما قال الأجداد "الشكوى لغير الله مذلة".

انتصر أوجلان حينما لم يشتكِ لأحد ومن أحد ولم ينتظر الرحمة والشفقة من أحد، بل اعتمد على وحدة الشعوب وحريتها. وها هو يقضي السنة التاسعة عشر وهو ما زال يعزف لحن الحرية والمقاومة والانتصار.

وانتصر أوجلان حينما نقل ايمرالي إلى كوباني والرقة وسري كانية والآن في عفرين. فلم تعد إيمرالي السجن المعزول على جزيرة نائية لن يصلها أحد، كما توهم أردوغان ومن أمامه وخلفه. فها هو أوجلان ينتصر في عفرين كما انتصر في كل مكان حلَّ به أو سيحل به.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط