الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاصفة الظل وأمن مصر القومي


مصر هى حجر الزواية وملتقى قارات العالم القديم، وتقع بين قارتين وتقترب من الثالثة، وبذلك هي بحق فى قلب الدنيا.. هكذا وصف جمال حمدان مصر في موقع مصر الجغراف، عبقرية الموقع وبقدر ما كان لهذا الموقع مميزاته الاستراتيجيه فهو فرض على مصر ايضا الكثير من التحديات من قديم الأزل وحتى الآن.

ولا ريب أن نظرة سريعة على الخريطة تكشف لنا حجم المخاطر الجسيمة التي تجابهها مصر حاليا ففي الشمال توجد حقول ومنصات الغاز المصرية، التي تتربص بها تركيا وتحاول ايضا تتطويق مصر بقاعدة في الجنوب وبالتحديد في جزيرة سواكن السودانية، التي منحها البشير لقمة سائغة لأردوغان الغارق في أوهام استعادة الخلافة العثمانية المقبورة منذ قرن من الزمان.

وعلى حدودنا الشمالية الشرقية توجد إسرائيل العدو التاريخي لمصر، وفي سيناء توجد عصابات الإرهاب الداعشي الاسود وعلى الحدود الغربية توجد الحدود الليبية المضطربة، حيث يتواجد مزيج شيطاني من عصابات داعش والقاعدة وغيرها من الجماعات التكفيرية، ولو مددنا أبصارنا صوب الشرق سنجد التهديدات الايرانية والاسرائيلية في البحر الأحمر.

لهذا سعت مصر الى عقد صفقات متتالية لتعزيز قواتها البحرية والجوية خلال السنوات الماضية من أجل ألا تتخلف تلك القوات عن ركب التطور التكنولوجي الكبير الذى حدث في مجالات التسلح خلال العقد الماضي، ولذلك أبرمت مصر مع فرنسا صفقة طائرات الرافال التي تصنف كطائره من الجيل الرابع ( ++)، لأن نسور مصر من رجال سلاح الجو المصرى هم يد مصر الطويلة وقبضتها الباطشة في وجه الاعداء والمتربصين وما أكثرهم في منطقة كمنطقة الشرق الأوسط التي تموج بالاضطرابات السياسية والتي تقرع طبول الحرب بأركانها صباحا ومساء.

ولا يعرف كثيرون أن هذه الصفقة لا تقتصر أهميتها على القدرات المتفوقة لطائرات الرافال ولا لمداها الكبير ولكن أهميتها تكمن أيضا في حصول مصر على أنواع متطورة من الذخائر والصواريخ، لتسليح تلك الطائرات، تشمل قنابل ذكية وصواريخ من طراز «كروز سكالب EG ستورم شادو» أو (عاصفه الظل).

وهذه الصواريخ كانت ستمنح مقاتلات الرافال المصرية قدرات هجومية غير مسبوقة منها القدرة على ضرب الأهداف ذات الأهمية الإستراتيجية عالية التحصين بشكل دقيق جدا، وهذه الصواريخ قادرة على العمل في كل الظروف الجوية وهي مقاومة للتشويش وخفيه (شبح) وسريعة جدا.

ولكن وفجأة وبدون مقدمات أعلنت صحيفة «لا تريبيون» الفرنسية في تقرير لها صدر السبت الماضي، عن أن هناك مشاكل فى صفقة طائرات «رافال» الفرنسية الإضافية لمصر بسبب رفض الولايات المتحدة تصدير الأجزاء الخاصة بصاروخ الكروز «SCALP EG» لفرنسا لصالح الصفقة.

وهو ما يعني أن الولايات المتحدة الأمريكيه تكرر نفس ما فعلته سابقا عام 2004، عندما حجبت عن مصر صواريخ أمرام بسبب الضغوط الاسرائيلية، وذلك لتظل مصر متأخرة بخطوة عن اسرائيل.

وتفيد المعلومات المتاحة لدينا أن المفاوض المصرى كان يقظا وواعيا لمتطلبات الأمن القومي المصرى، وأصر على إتمام صفقة صواريخ سكالب EG وهو ما جعل الشركة الفرنسية المنتجة للصواريخ أمام حلين لا ثالث لهما، وهما أن تلجأ شركة «MBDA» المنتجة للصواريخ لاستبدال المكونات الأمريكية في الصواريخ، أو أن ينجح الرئيس ماكرون خلال زيارته المرتقبه للعاصمة الأمريكية واشنطن في 23 و24 أبريل المقبلين في حل الأمر مع الرئيس ترامب.

وفي كل الأحوال فإن أول الدروس المستفادة هو أن تنويع مصادر السلاح الذى تتبعه مصر هو ضرورة لا غنى عنها للامن القومي المصرى، والدرس الثاني هو: أن صفقات السلاح المصرية لم تكن مجرد رفاهيه كما زعمت ابواق الفتنه والضلال، والدرس الثالث هو أن توسع مصر في امتلاك قاعدة صناعية عسكرية ذات قدرات تكنولوجية مرتفعة هو عتبة لابد من اجتيازها في أسرع وقت مهما كانت التحديات والتكاليف.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط