الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قضية تجسس ضخمة تهز تونس.. رجل أعمال فرنسي يقود الخلية الاستخباراتية.. تورط أمير قطري يثير القلق.. الاتهامات تلاحق الوزراء ومقربين من الرئيس.. والخلية تحصل على معلومات حساسة من داخل القصر الرئاسي

صدى البلد

  • رجل الأعمال الفرنسي نجح في تجنيد مسئولين بعدد من الوزارات
  • الخلية رصدت تحركات واجتماعات الرئيس وتوصلت لمعلومات عن صفقات الأسلحة
  • تورط أمير قطري بسبب رسالة إلكترونية
  • تهم الفساد والرشاوي تطال الجميع والمتهمون في تزايد يوما بعد يوم



تشهد تونس حالة من القلق والصدمة، بعد اكتشاف شبكة تجسس دولية متورط فيها قيادات بارزة في الدولة ورؤساء أحزاب وسياسيين ووزراء وأمير قطري في قضية تجسس وفساد لحساب رجل أعمال يهودي فرنسي يقود الشبكة الدولية.

ونشرت صحيفة "الشروق" التونسية، تحقيقا مفصلا على 3 أجزاء، عن القضية بعدما أمسكت الحكومة بكل من "سليم .ق" مدير بوزارة أملاك الدولة، و"نزار.ع" و"جان.د" و"معز .ج" و"الهادي.ش" و"محمد.ب" في تهمة تكوين خلية بقصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك والمس بأمن الدولة واستغلال مناصب بعد أن تبين تورطهم في إفشاء أسرار الدولة لصالح فرنسي يهودي مقيم في تونس ومتحصل على إقامة لمدة 10 سنوات.

ونجح رجل الأعمال الفرنسي "جان.د" في تجنيد عدد كبير من العناصر في مختلف قطاعات الدولة والحصول على معلومات عن الوضع الأمني والسياحي والصراعات السياسية، كما تمكن من معرفة كل أسرار الاجتماعات التي كانت تقع داخل الوزارات منذ 2012 إلى 2017.

ويواجه جان الذي كان يعمل تحت غطاء استثماري اتهامات خطيرة، حيث نجح في الحصول على عدد كبير من الأراضي والصفقات عن طريق رشوة المسئولين وتجنيد رؤساء البنوك، وقدم رجل الأعمال عشرات المليارات والهدايا للمسئولين من بينهم وزراء حاليون ورئيس حكومة سابق، نجح من خلالها في تجنيد خليته والحصول على المعلومات المنشودة.

وكشفت الصحيفة عن تورط أمير قطري يدعى "ناصر.ج" في محاولة تهريب ألف كيلو جرام من الذهب بطلب مباشر منه، وذلك بعدما أرسل القطري إيميل في 2016 لرجل الأعمال الفرنسي "قائد الشبكة" يفيد بأنه سيساعده من قبل مسؤول رفيع المستوى بالدولة وستتم عملية تحويل هذه الصفقة الضخمة من الدوحة في اتجاه تونس بهدف تسليح الادارة العامة للديوانة التابعة لوزارة المالية، وكان من المقرر نقلها عبر طائرة خاصة لرجل أعمال شهير يدعى "فيليب.س".

وحصل الفرنسي أيضا على معلومات عن أسرار صفقات أسلحة وأزياء عسكرية وسيارات مصفحة وزوارق حربية وأجهزة "جي.بي.اس" اشترتها الحكومة من شركات أمريكية وصينية لتسليح الإدارة العامة للديوانية، كما نجح بعد رشوة مسئولين بالوزارة من تنظيم اجتماعات بين شركة إيطالية متخصصة في صناع الأسلحة وعدد من المسؤولين، مكنته من الاطلاع على أسرار مفاوضات وصفقات سرية.

ويرتبط "جان" بعلاقات قوية مع كبار المسؤولين في تونس ويتباهى دائما بذلك، ووصلت إلى ارتباطه بعلاقات "مشبوهة" بعدد من مستشاري رئيس الجمهورية المقربين منه، مكنته من التغلغل داخل عدد من مكاتب الوزارات مثل المالية والسياحة وأملاك الدولة وتمكن المسؤولون الذين يتعاملون بصفة مباشرة مع جان من الحصول على كل المعلومات السرية حول اللقاءات التي جمعت الوزراء بمديري الإدارات الحساسة في تلك المكاتب.

واعترف "سليم.ق" المدير العام بوزارة أملاك الدولة، أنه كان يحصل على مبالغ مالية ضخمة من رجل الأعمال الفرنسي، فضلا عن جهاز "ايباد" حديث بهدف إرسال تقارير و"ايميلات" عن التطورات التي تشهدها الساحة السياسية في تونس، إضافة إلى نقل أسرار اجتماعات يقوم بها كبار مسؤولي الدولة وهياكل الأحزاب وخاصة النافذة منها التي تتصدر المشهد التونسي.

وكان "جان" يتحصل يوميا عبر رسائل إلكترونية على أسرار السياسيين وخاصة أصحاب القرار، إضافة إلى حصوله على أسرار بعض اللقاءات التي جمعت رئيس الحكومة بعدد من قيادات الدولة مثل اجتماع سري بين يوسف الشاهد رئيس الحكومة بالمدير العام السابق للإدارة العامة للديوانة، وتحصل الفرنسي أيضا على معلومات بكل تحركات رئيس الجمهورية، وهو ما جعله يسافر قبل زيارة الرئيس الى باريس بفترة قصيرة إثر دعوة من الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا هولاند.

وأشارت اعترافات المتهمين في القضية إلى أن "جان" كان يعتمد على الرشاوي في تجنيد شبكته، حيث تم تسليم عدد من السياسيين ومدراء في بعض الوزارات مبالغ مالية تقدر بعشرات المليارات وهدايا فخمة ولقاءات على متن يخوت ورحلات في اتجاه باريس وإقامة مجانية مقابل خدمات غير قانونية مختلفة لصالح رجل الأعمال الفرنسي.

يذكر أن رجل الأعمال الفرنسي درس في مدينة ليون الفرنسية ثم واصل دراسته في باريس ودخل عالم الاستثمار منذ سنة 1984 ليقرر سنة 2007 دخول عالم العقارات بتونس، وتم وضعه تحت المراقبة الأمنية منذ وصوله حتى 2011، حيث تم سحب المراقبة بسبب الفوضى التي شهدتها تونس آنذاك، فضلا عن حرق وسرقة جزء من الأرشيف.

ولازالت السلطات التونسية تباشر التحقيق في القضية ومنعت معظم المتهمين من السفر بعد طلب العديد من الرموز السياسية بفتح تحقيقا حول ما نشرته الصحيفة، لكن نتائج التحقيقات يسيطر عليها بعض الغموض.