الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"كاتالونيا".. حلم قطر وجماعة الإخوان في عودة الأندلس (2-1)


فوت حكم المحكمة الدستورية الاسبانية بعدم الاعتراف باستقلال كاتالونيا الفرصة على قطر والتنظيم الدولى للإخوان المسلمين فى ان تكون كاتالونيا هى حلمهم فى دولة الخلافة وعودة الاندلس!

تحذيرات شديدة اللهجة أطلقتها الحكومة الفرنسية إلى السفارة القطرية فى باريس التى شهدت أكبر عمليات رشاوى لشخصيات فرنسية سياسية وحزبية وتنفيذية ورياضية وصفقات مشبوهة لتمرير أيديولوجيتهم الإرهابية عبر حزم الاستثمار!

هذه التحذيرات نبهت فيها حكومة فرنسا من تمادى قطر فى استثمار الشريحة الفقيرة من مسلمي الضواحي الفرنسية لاهداف ارهابية ودينية.

نبرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الناجحة الأخيرة لفرنسا تغيرت تجاه ما تفعله قطر وتعبث به فى فرنسا بعد أن سقطت كثير من الأقنعة ...

فمارست الحكومة الفرنسية ضغوطا كبيرة على قادة التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وحكومة قطر وهو ما دعا جماعة الإخوان إلى نقل كثير من الأصول التى يملكونها فى فرنسا إلى إقليم كاتالونيا.. حلمهم القديم فى استعادة الأندلس!

فهذا ابوبصير الخالدى احد الدواعش فى صورة على تويتر لقصر الحمراء بغرناطة بجانب علم داعش ليغرد "عندما تأتينا الأندلس، لن يكون من الصعب استرجاع أرضنا"!

فى حين ان الذاكرة الاخوانية تختزن حلمها الكبير فى إقامة دولة الخلافة من جاكرتا الى الأندلس!!

فمنذ احداث تفجيرا مدريد سنة 2004 والتى راح ضحيتها 191 شخصا وجرح قرابة من 1800 اخرين كان بمثابة جرس الإنذار فى قصر "دى لازاروميلا" او قصر الشرق "باسيو دي أورينت" المقر الرسمي لملوك إسبانيا!!

فقد خرجت تهديدات الإرهابيين لإسبانيا على شكل خريطة لاوروبا رسمت فيها صورة لشبه الجزيرة الايبيرية باللون الاحمر فى توعد مباشر بصبغ أسبانيا بالداء وشبه الجزيرة الأيبيرية هى إقليم كاتالونيا وحلم استرداد الأندلس تحت الخلافة المزعومة!

لم يكن المخرج المصري خالد يوسف صاحب الرؤية السياسية البعيدة ان يحقق حلمه الذي ظل يراوده منذ سنوات وهو يبدو أنه سيتحقق مع استقلال كاتالونيا حيث فيلمه "استعادة الأندلس" يتناول فيه قصة أبي عبد الله الصغير آخر ملوك الأندلس المسلمين.. وهى قصة تتطابق تماما مع قصة حكام قطر مستحضرا الى الذاكرة تاريخ سقوط غرناطة.. ربما إشارة إلى من يهمه الأمر فى محاولة لاستعادتها!

إذ تدور قصة الفيلم حول أبى عبد الله محمد الثاني عشر المعروف باسم أبي عبد الله محمد الصغير آخر ملوك الأندلس المسلمين الذين تولى حكم غرناطة وعمره لم يتجاوز 25 عاما بعد عزله والده أبا الحسن بن نصير وطرده من البلاد عام 1482 بدعم من والدته الملكة عائشة الحرة!

ويشتعل الصراع في الأندلس ويشتد بين أبي عبد الله الصغير من جهة وعمه حاكم "ملقا" ابى عبد الله الزعل من جهة أخرى ما يعني بداية سقوط غرناطة وهو ما يعني أن خالد يوسف –من وجهة نظرنا– يتنبأ بسقوط قطر

تبلغ الأحداث ذروتها بعد فشل حملة أبو عبد الله الصغير لغزو قشتالة ووقوعه لمدة عامين أسيرا فى لوسيانا لدى فرناندو الثاني ملك آراجون ( كاتالونيا ) وزوجته إيزابيلا الأولى ملكة قشتالة (مدريد)، يتراجع الصغير عن الاتفاقية لتسليم غرناطة قبل ان يخرج منها مهزوما باكيا فى 2 يناير 1492، وفي المشهد الأخير للفيلم تقف عائشة الحرة أم أبى عبد الله الصغير لتقول جملتها الشهيرة "إيك مثل النساء، ملكا مضاعفا لم تحافظ عليه مثل الرجال"!

ففى العقل الجمعى لأمراء قطر وقيادات تنظيم الإخوان المسلمين يبقى حلم استعادة الأندلس يراودهم منذ سنوات ولم تكن تفجيرات مدريد عام 2004، إلا بداية وضع الألغام على طريق المحرقة !

تقول لورديس فيدال رئيسة وحدة دراسات الشرق الأوسط فى المعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط " عندما يتحدث الإخوان عن تحرير الأندلس، فهنا علينا أن نتوقف قليلا، لان هذه لهجة مقلقة للغاية، فهذه رسالة موجهة إلى أناس ليست لديهم معرفة كافية لكنها بالنسبة لأي عاقل هرطقة وجنون!!".

فالإخوان المسلمون في كاتالونيا يعتمدون دائما على المواجهات الفكرية التى تثير الجدل والتساؤلات عبر قنواتهم أو أوقات بث يشترونها من أجل إقناع أكبر عدد من الشباب بالإنضمام إليهم وأغلب هذه المواجهات عن دعاوى استعادة الأندلس من المحتلين الإسبان هكذا دون مواربة.

وتتمثل خطورة الإخوان فى عملهم الدائم فى خلق بيئة أيديولوجية واجتماعية ودينية تتبنى الافكار المتشددة الراديكالية وهى تعتمد على الشرائح الفقيرة لتكون بداية الخيط ومثلما يقول لويس دى لا كورتييه الباحث فى معهد الشؤون الأمنية بجامعة مدريد المستقلة: "إن الإخوان المسلمين يعملون من خلال إستراتيجية مزدوجة منهم، لا يحاولون فقط بناء نفوذ على أسس دينية، ولكن يعملون بكل جدية على اكتساب نفوذ فى المؤسسات السياسية يستند إلى قواعد إقتصادية وسط الطبقة الحاكمة في إسبانيا".

ويعتبر مسجد مدريد المركزى الواقع فى حى تطوان بالعاصمة الأسبانية والذى أسسه الفرع السورى للإخوان المسلمين عام 1998 بعد سنوات من الهجوم على مدينة حماة السورية عام 1992 هو قاعدة جماعة الاخوان الأساسية ومركز عملياتهم.. انتظارا لانفصال كاتالونيا!

فإستراتيجية خطط جماعة الإخوان دائما فى اى معركة يريدون الدخول فيها البحث عن حصان طروادة يختبأون فيه.. حتى تحين اللحظة الى مرحلة التمكين، تبدأ مرحلة القفز والاستيلاء مثلما حدث لثورة 25 يناير فقد ظلوا مختبئين داخل حصان طروادة وكان محمد البرادعى فى تلك المرحلة، حتى تأكدوا من نجاح زحف الجماهير بالثورة فخرجوا الى العلن فى 28 يناير بعد ان قفزوا على الثورة وركبوها!!

إلا أن قطر بدأت تنشط فى هذه الساحة البكر حتى لا يحدث إندماج للمسلمين فى المجتمع الآسبانى من خلال الترويج للأفكار الراديكالية المتشددة عبر الكيانات الاقتصادية التى تزرعها , فهى تضخ اموالا هائلا لصالح جمعيات خيرية ومساجد فى أسبانيا كلها , الا أن كاتالونيا هى أكثر الاماكن التى لديها فرصة اختراقها من اى مكان آخر!

لكن هناك مشكلة تؤرق قطر والأخوان المسلمين داخل نسيج هذا المجتمع وهو قوة نفوذ السلفيين الذين يتركزون فى الاماكن البعيدة المتطرفة فى إقليم كاتالونيا ,الا ان السلطات الأسبانية تقود حملات أمنية لمكافحة نفوذ هؤلاء السلفيين , بينما تتغافل عن نفوذ الإخوان المسلمين الذى ينمو بوتيرة متسارعة فى قلب برشلونة عاصمة الاقليم.

فالبيئة الاسلامية فى كاتالونيا منذ عقود بعيدة ظلت محافظة على تقاليدها السلفية الذين ظلوا مسيطرين على الجالية الأسلامية فى كاتالونيا . لكن بدأ تنظيم الأخوان فى الحضور تدريجيا عبر المركز الثقافى الأسلامى الواقع فى حى " كلوت " ببرشلونة ومديره الأخوانى سالم بن عامر علاوة على إمام المسجد الاخوانى ايضا , وهم يعملون على الان على التوسع من خلال هذا المركز لبسط سيطرتهم على مراكز ومساجد أخرى بدعم قطرى عبر جمعيات ومنظمات , ومن ابرز الشخصيات الداعمة دكتور عمر عبد الكافى احد المتعاطفين مع محمد مرسى والسعودى صالح المغامسى كان احد اهم الداعمين لزعيم القاعدة أسامة بن لادن وعلى طريقة " المناورات الإخوانية " ينظم المركز ندوات وحلقات نقاشية للتمويه والتغطيه على مخططاتهم امام السلطات الامنية هذه الفاعليات تضم رجال دين مسلمين ومسيحيين ويهود تحت شعار "التقريب بين المذاهب" من هنا كانت السلطات الامنية الاسبانية اكثر حدة مع السلفيين وتغاضت الطرف مع الاخوان المسلمين المسالمي!!

المعركة بين الأخوان والسلفيين أخذت طابعا سياسيا يحركه الان , اذ ان أكبر الداعمين للجماعات السلفية فى كاتالونيا مايعرف ب " جمعية إحياء التراث الاسلامى "الكويتية" و"رابطة العالم الإسلامى" السعودية للسيطرة على اكثر من 2,5 مليون مسلم فى اسبانيا ويمثل إقليم كاتالونيا معبرا وممرا للارهابيين من والى اوروبا وملاذ آمن لهم.

ففى ندوة عقدت مؤخرا بالعاصمة الإسبانية مدريد حول قطر نظمتها جمعية الصحافة الأوروبية للعالم العربى بالتعاون مع المعهد الدولى لمناهضة العنف فى مدريد، حيث كشفت: أن قطر دفعت 160 مليون يورو لأخوان اوروبا وقال كوين متسو رئيس لجنة مكافحة الإرهاب فى البرلمان البلجيكى: "أن الحديث عن تمويل الجامعات المتطرفة فى اوروبا لن يكتمل دون التطرق الى دور الأموال القطرية فى دعم التنظيمات التى تدور فى فلك جماعة الاخوان".

وطالب: "بوضع هذه الجماعة تحت الرقابة خاصة انها تمتلك إمبراطورية مالية عابرة للدول والقارات , ومن شأن التساهل معها , ان يزيد من أنشطتها وتتسع شبكة المتشددين العنكبوتية الذين يتربون فى فكرها لينتظموا لاحقا فى داعش أو القاعدة أو يتحولوا الى ذئاب منفردة!".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط